توعية وتثقيف

تعليقاً على الپوسط السابق أثار الدكتور آسر قنديل، كعادته،…


تعليقاً على الپوسط السابق أثار الدكتور آسر قنديل، كعادته، عدداً من الأسئلة العميقة عن تجربتى مع الخبراء السوڤييت بعد هزيمة ٦٧. فيما يلى بوسط نشرته على هذه الصفحة فى ٢٥ مارس ٢٠٢١. لا يجيب هذا البوسط على كل أسئلة الدكتور قنديل. لكنه يجيب على بعضها، ولو على نحو غير مباشر –

[بعد هزيمة ٦٧ ومجيء الخبراء العسكريين الروس إلى مصر جاءنى تكليف من إدارة التعبئة العامة للعمل كمترجم بالقوات المسلحة (لمعرفتى باللغة الروسيه.) تركت عملى كمعيد بالجامعة، وبعد دورة تدريبية سريعة فى المصطلحات العسكرية كان من حظى أنهم قرروا إستبقائى فى القيادة العامة بدلاً من إرسالى إلى الوحدات مع الآخرين. أتاح لى ذلك فرصة لمشاهدة الأحداث من منظور لم أكن أحلم به.

كان هذا قبل أكثر من ٥٠ سنه، لكن كثيراً مما شاهدت لا يمكن نسيانه. وبالأخص عملية تدريب أول كتيبة مصرية على الإنزال البحري (marine landing). (الإنزال البحري هو أصعب وأخطر عملية عسكرية. أيزنهاور، مثلاً، خسر ١٣ ألف قتيل وجريح فى يوم واحد فى عملية نورماندى.) أثناء متابعة هذه العملية كنت كثيراً ما أستيقظ فى منتصف الليل لكي أصل مع الخبراء إلى سيدى كرير (غرب الإسكندرية) قبل أول ضوء لحضور البروفات. أول تلك البروفات كانت كوميديا مبكيه – فتحت السفينة فمها فى الظلام، وإندلق الجنود والضباط يتعثرون بعضهم على بعض، والمركبات تتصادم وتتحطم، والصياح والصراخ يتصاعد للسماء. بإختصار، كانت كارثة.

مرت بضعة شهور من التدريب، ثم ذهبنا لمشاهدة آخر بروفه. كان هناك القائد العام ونوابه وكبير الخبراء وعدد من القادة العسكريين. هذه المرة لم نسمع ولم نرى شيئاً – لا صوت السفينة وهي ترسى، ولا صوت الجنود والمركبات وهي تنزل … لاشيئ. ولما شقشق الفجر، إذا نحن محاطون بالكتيبة من كل ناحية، مدافعهم منصوبة ومصوبة، ومركباتهم فى مواقعها. أي أننا لو كنا العدو، لما أحسسنا بشيئ حتى أصبحنا محاطين. بإختصار- كان الأداء متقناً إلى درجة تسلب الألباب، كأنه عرض باليه من فرقة عالميه.

هذا مثال، وكانت هناك أمثلة أخرى أعادت لى ثقتى فى مصر وأهلها، وفى أن المصريين ليسوا أقل قدرة من غيرهم.

إستمرت تجربتى مع القوات المسلحة سنة وبضعة أشهر، وخرجت منها بعدة دروس:
1. تخلصت تماماً من فكرة أن الجيش لا يعمل فيه إلا فتوات لا تقبلهم الكليات المفيده. فقد قابلت فيه ضباطاً على قدر من الذكاء والمعرفة والحرفية تتشرف بهم أية مهنة.
2. السادات لم يكن “مهندس العبور” كما إدعى. فقد كانت القوات المسلحة قد بلغت قمة لياقتها (كما ذكرت فى مثال عملية الإنزال) قبل أن يكون هو فى الصورة ولو من بعيد.
3. لم يكن “ما أخُذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة” مجرد شعار، بل كان خطة عمل.
4. كانت حرب الإستنزاف حرباً حقيقية وضروساً، وما لم يُعلن عنها كان أخطر وأعظم مما هو معروف.
5. (وهذا أمر شخصي) إذا قمت بواجبك وأعطيت كل ما تستطيع، سيُرد لك الجميل: جاءتنى بعثة للدكتوراه فى أواخر ٦٨، وكانت القوات المسلحة مازالت تحتاج إلى خدماتى. لكن رئيس هيئة التدريب وافق على مضض على إنهاء تكليفى حرصاً على مستقبلى، (وكان له العذر لو رفض.).]

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Farid Matta فريد متا

كاتب ادبي

‫16 تعليقات

  1. تأريخ لفترة مجيدة من تاريخنا … فيه إنصاف لقواتنا المسلحة وقادتها فى تلك الفترة الحرجة
    إلقاء الضوء على حرب الاستنزاف لم تاخذ حقها الحقيقى وهى حرب نجحنا فيها بإقتدار
    تحياتى لك

  2. حرب الاستنزاف الحرب المستحيله التى مهدت الطريق لنصر أكتوبر.. وساهمت في إعادة الأمل للمقاتل المصري ..تحية اعزاز واجلال وتقدير للجيل الذى دفع ثمن تلك الحرب عن اقتناع وبنفوس راضية وقلوب مطمئنة إلي عدالة القضية التي حاربنا من أجلها. و كثيرون منهم ضحوا بمستقبلهم بل وبحياتهم في سبيلها, و بإصرار على استرداد الأرض والكرامه وإزالة آثار العدوان

  3. فعلا سمعت و قرات كثيرا مما حدث في تلك الفتره و كانت كلها تدور في اتجاه ما ذكرتم

    في ٦٧ كان المشهد التالي

    واحد من شباب دار الهلال يذكر ل والدي
    اتوا بنا الي مواقعنا في عربات الجيش بملابسنا المدنيه و كان البعض مازالوا ب جلاليبهم من اريافنا ناهيك عن التدريب
    و عندما صدر لنا الامر بالانسحاب كان عدوا في سيناء
    ووصلت الي منزلي و قدماي متورمتان بشكل غير طبيعي لدرجه ان الحذاء لم يكن ل يسعها
    و كان معي سلاحي
    بعض الفلاحين من الارياف لم يسلموا سلاحهم الخفيف ابدا

    و علي لسان واحد من الاقارب الشباب في ٧٣

    كان الوضع يشبه تكرار ما حدث اثناء فترة التدريب
    و كان الكل يعلم ما يجب عمله بالظبط
    من الجندي الفلاح الي الجامعي
    حتي وقعت الثغره و اصبح جزءا كبيرا ممن عبروا تحت الحصار

    كان هذا هو منظور الجندي المجند و كيف تغير في خلال ٦ سنوات
    و بالتاكيد كان ما حدث نتاجا للتدريب و الاعداد

    اسناد الانجاز للقرار فقط ، لم يكن كل ما فعله السادات ( رغما عن اهميه القرار ب طبيعه الحال )

    كان الهجوم علي الاتحاد السوفييتي شاملا و دون وجه حق

    الاتحاد السوفييتي عوضنا عن سلاحنا الذي تركناه في صحراء سيناء بالكامل و بالمجان بينما لم تكن قد دفعنا ثمن السلاح الاصلي

    و كانت ايضا تكاليف التدريب بمثابة القروض
    و اشيع في داخل القوات المسلحه نفسها علي ان الخبير السوفييتي يتقاضي راتبه بالدولار
    و ان الروس سرقوا قطننا في المقابل

    لم يتم ( طرد !!) الخبراء السوفييت بالكامل كما ذكر السادات
    و لم تكن صيغة رحيل من رحل منهم صيغة طرد
    مثلا كان هناك خبراء يعملون في توجيه الصواريخ ارض ارض متوسطه المدي من طراز سكود بي
    و التي هدد بها السادات العمق الاسراقيلي عندما هددت إسرائيل ب ضرب العمق المصري
    و لم تكن نسخا معدلة من الصواريخ الالمانيه الظافر و القاهر كما ذكر
    حيث ان تلك النماذج كان بها عيوب في التوجيه حتي توقف المشروع بعد اغتيال بعض من كوادره الالمان اثناء اجازاتهم في اوروبا

    ايضا لم يكن بريجينيف هو من طلب من السادات ايقاف القتال بعد ايام قليله من الحرب
    كان حافظ الاسد في الواقع هو من طلب هذا
    لان القوات السوريه كانت قد استعادت الحولان بينما كانت القوات المصريه مازالت تتهيا ل صد الهجوم المتوقع المضاد

  4. ربما كان ما سبق مبرَرَاً
    شاملا كلامه مع كيسينجر عن فكر كليهما الاستراتيجي !!!
    او عن ابلاغه ان الاتحاد السوفييتي هو العدو الاول للقاهره!!!

    السادات كان قد ان ادرك ان استعاده الارض و الاحتفاظ بما تحقق من انجاز في الحرب يلزمهما التفاهم مع الامريكيين
    و لكنه تمادي في هذا

    مثلا

    قام بتسليم سرب كامل من طائرات ميج ٢٣ الي الامريكيين بعد الحرب استخدمتها في التدريب
    و ظهرت نتيجتها بعد ٧ سنوات عندما تمكن الاسرائيليون من اسقاط سلاح الطيران السوري كله فوق البقاع اللبناني

    و اصبحت ليبيا عدوا
    و اثيوبيا عدوا
    دون وضع اي اعتبار للمصريين العاملين في ليبيا
    أو للخطوره المحتمله من جانب اثيوبيا فيما يتعلق بالنيل

    و اصبح جزءا من الاستراتيجيه الامريكيه الكونيه في استخدام الاسلام السياسي ك وسيله لتطويق الاتحاد السوفييتي
    و كالعاده تم ارغام السعوديين علي تمويل هذا التطويق

    النقطه الاخيره هامه لان بعدها الداخلي ادي الي ضرر كبير بالداخل المصري حيث تم تصعيد الاسلام السياسي الاخواني و معه التيارات السلفية و الجهاديه التي خرجت منه

  5. كان من الممكن ان تتحول اكتوبر ل نفطه فيصله في التاريخ المصري

    ليس فقط فيما يتعلق ب استعاده الارض

    و لكن في استخدام المنهج العلمي و التخطيط و التدريب المؤدي للانجاز

    كل هذا تم اغفاله و ابراز عناصر ما انزل الله بها من سلطان ادت الي تحييد الانجاز

    انتصرنا لاننا حاربنا ب سلاح مؤمن !!!
    ( بينما كان السلاح السوفييتي هو هو !!!)

    الجندي و الظابط من المؤمنين كانوا مفتاح النصر !!!
    و هل كانا من الكفره في ٦٧ !!!

    الملائكه كانت تحارب في صفنا !!!!
    ( و لكنها لم تمنع الثغره !!!)

    انتصرنا ب ( شمه ) الله اكبر !!!
    و هل كان التكبير كافيا مثلا لتحقيق انجاز في ٦٧
    !!!
    و هل كان هو المشكله !!!

    الصاروخ السوفييتي لم يكن مؤهلا لاسقاط الطائره الاسرائيليه
    و ما رميت و لكن الله رمي !!!
    و لماذا طالب اذا السادات ب اسلحة اخدث كما قال
    ان كان الله هو من يتولي اسقاط الطائرات الاسرائيليه !!!!

    السادات اتخذ قرار الحرب
    و ربما كان ضروريا ان يتحذ القرار عند نقطه من قبل طرف ما
    و لكنه كان من اتخذه علي اية حال
    و اتخذ قرار السلام
    و كان قراره وحده تقريبا
    و كان مصيبا فيما قرره كما اثبتت الايام

    و لكنه من ناخبه اخري اطلق الشياطين و الغربان و البوم في مجتمعنا
    و راح هو نفسه ضحية ما اطلق
    و لا زلنا نعاني من جراء هذا الي اليوم

  6. للأسف أنه بعد ١٩٧٣ لم يُعترَف بفضل الاتحاد السوفيتى علينا، بل و أدير له الظهر، و حتى لو كانت معظم خيوط اللعبة فى يد أمريكا، لم يكن هناك اضطرار لعض اليد التى امتدت لمساعدتنا

  7. اختراما و تقديرا لسيادتك
    ملام متوازن و اراء عادله
    و اتفق مع سيادتم في ان حاجاتنا الي الروس كانت بقدر معرفتنا بما نحتاجه و ان نعرفه

  8. • في أول خطاب جماهيري لعبد الناصر بعد النكسة في ٢٣ يوليو ١٩٦٧ بمناسبة عيد ثورة يوليو قال : ” إني أثق أن أجيالا قادمة سوف تلتفت إليّ هذه الفترة وتقول : كانت تلك أقسي فترات نضالهم ولكنهم كانوا علي مستوي المسئولية وكانوا أوفياء لأماناتهم .. ” ..

    • كان كلام جمال عبد الناصر أعظم وأدق وأصدق وصف لعطاء عبد الناصر ونضال الشعب المصري في الفترة بين كارثة يونيو ١٩٦٧ ، ونصر أكتوبر ١٩٧٣
    لقد كان الرجل صادقا مع نفسه ومع أمته في تلك الفترة العظيمة من حياته ومن كفاح المصريين .. وللأسف فان تجاهلا متعمدا يرمي بظلاله علي حرب الاستنزاف وما تلاها حتي بداية حرب أكتوبر ١٩٧٣ ..

    ” يونس نجيب “

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى