منذ نوفمبر الماضي لا يوجد سفير سعودي في برلين. لأسباب معقدة تحاول السعودية، مسن…


منذ نوفمبر الماضي لا يوجد سفير سعودي في برلين. لأسباب معقدة تحاول السعودية، مسنودة بشقيقتها الصغيرة، “خنق الاقتصاد الألماني”. وقد توجت تلك المحاولات في إفلاس شركة إير برلين، العقدة التي سرعان ما استوعبتها ألمانيا. كانت ابوظبي قد وافقت على ضخ ما يقرب من ربع مليار دولار في موازنة الشركة لإنقاذها. مع تدهور قضية “قطر”، والموقف الألماني الصارم من القضية قررت الدولتان عقاب ألمانيا. لكن هل بمقدور هاتين الدولتين المتواضعتين الإضرار باقتصاد كوني كالاقتصاد الألماني؟

الأرقام التي تخرج كل بضعة أيام من ألمانيا تصيب العالم بالحيرة. فقد نشرت فرانكفورته ألغماينة قبل أيام تقريراً يقول:
إذا حصلت ألمانيا سنوياً على 200 ألف موظف عالي الكفاءة، عن طريق الهجرة وسواها، فإنها بحلول 2030 ستكون بحاجة إلى ثلاثة مليون عامل/ موظف. وقالت السلطات إن ألمانيا منحت، خلال خمسة اعوام، 85 ألف مهاجر أجنبي عالي التأهيل البطاقة الزرقاء ثم جنست نصف العدد.

ونشرت شبيغل أونلاين خبراً يقول إن أكثر من 175 ألف مشروع بناء تم تأجيله، بعد موافقة السلطات عليه، بسبب نقص الأيدي العاملة. وها هي الوكالة الألمانية للعمل تتحدث عن ثلث مليون لاجئ التحقوا بسوق العمل، بالفعل.

تحلق ألمانيا باقتصادها عاليا، وتترك خلفها ألغازاً كثيرة عصية على التفسير. في العام 1995 طرح فوكوياما مجلده الكبير “الثقة” وحاول تتبع اللغز الألماني من بوابة الثقة، ثقة الفرد بالفرد/ الفرد بالنظام/ الفرد بالمجتمع، مفترضاً ان تلك الثقة تعبر عن نفسها من خلال مرونة مثيرة في النظام الألماني على كل الأصعدة، يجعلها قادرة على امتصاص اصعب الصدمات. ضرب أمثلة كثيرة، منها أن نظام التعليم في ألمانيا يسمح للعامل الذي لم يحصل على شهادة الثانوية العامة مراكمة شهائد في الهندسة
Ausbildung
حتى يصل إلى درجة خبير في المجال، بخلاف انجلترا واميركا.

الجيد في الأمر هو أن هذه القوة الجبارة تقود العالم الحر وتقدم مثالاً حاسماً عن قدرة الديموقراطية الليبرالية على خلق الرفاه ونشر السلام. فقد أعطى موشر
Soft power 30
ألمانيا المركز الثالث في القوة الناعمة على مستوى العالم. وقال تقرير لفرانكفورته ألغماينه البارحة إن ألمانيا تتفق على مشاريع التنمية في العالم الثالث ما يقرب من خمسين مليار يورو في العام. كانت مجلة التايم تعي ما تفعله وهي تضع ألمانيا على صفحة الغلاف بوصفها شخصية العام، وتمنحها لقب قائدة العالم الحر.

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version