مطلع الربيع في مثل هذا اليوم، يقول العهد الجديد، قام المسيح من موته. رسمياً ينهي…


مطلع الربيع في مثل هذا اليوم، يقول العهد الجديد، قام المسيح من موته. رسمياً ينهي المتدينون المسيحون صيامهم هذا النهار. سأقضي الأيام الثلاثة، من الأمس حتى الغد، بين المستشفى والمنزل On Call.
قبل ساعتين وأنا أمر على المرضى سألني مسن إذا كنت أوافق على بقائه في المشفى ليومين إضافيين.
ـ ولكن ما الداعي لذلك؟ سيطرنا على المشكلة وتستطيع أن تحتفل بالعيد في منزلك.
ـ زوجتي في الغرفة المقابلة، هي أيضاً مريضة.
ـ زوجتك؟
ـ نعم زوجتي، وهي تتحسن بشكل أفضل كلما رأتني. أشاهد معها التلفاز في غرفتها في المساء. أخبرتني بالأمس أنها تشعر بتحسن كبير وأن الفضل يعود لوجودي. هي أيضاً كانت السبب في تحسن وضعي كما ترى. يعالج أحدنا الآخر على مر الأيام.
ـ منذ متى وأنتما زوجان؟
ـ أوه، منذ زمن طويل. تزوجنا قبل ٦٨ عاماً، يبلغ عمرنا معاً ١٨٠ عاماً. لقد عشنا ١٨٠ عاماً وسنبلغ المائتين. لا يعيش البشر مائتي عام، لكننا بلغنا تلك السن. هل تصدق؟

تصفحت الملف الإليكتروني للرجل على الآي باد، تاريخه المرضي، فحوصاته. إنه لا يبدو مريضاً، ليس ثمة ما يسترعي الانتباه في صحته سوى ذبذبة أذينية توقفت من تلقاء نفسها.
ـ صحتك جيدة على نحو يثير الفخر، ما الذي فعلته في حياتك؟
ـ في حياتي؟ في حياتي فعلت الكثير، لم أتوقف عن الحركة. كل حياتي حركة، الطعام ليس ركناً أساسياً، آكل أقل ما يمكن، أطبخ لنفسي.

ألقى بنفسه على السرير. الرجل يطل على عامه التسعين. تشقلب بحركة رشيقة وراح يحرك ساقيه في الهواء كما لو أنه يسوق دراجة هوائية. قال:
ـ حتى وأنا أشاهد التلفاز أتحرك، أتحرك هكذا، كأني أسوق دراجة هوائية. حياتي كلها حركة، أطرد الأمراض بالحركة. جربت الدخان قبل نصف قرن ووجدته مقرفاً. وفي حياتي تناولت البيرة ثلاث مرات. أنا سعيد من دون تلك الأشياء.

أضاف:
تقاعدت في سن الرابعة والستين، ومنذ ذلك الحين وأنا أعمل، أبحث عن أعمال يدوية وأشتغل. لا أحصل على أموال كثيرة لكنها تكفيني، المال ليس سبباً للحركة [وضحك]. تفعل زوجتي الشيء نفسه. هل بمقدورك أن تخبرني عن نتائج الفحوصات التي أجريت لي الأمس؟
ـ كلها في المستوى الطبيعي.
[ضاحكا]: إذا فقد كان طبيب الأسرة على حق، قال إني سأبلغ المائة، وهو ما يعني أني سأعيش مع زوجتي مائتي عام. هل ستأتي في الغد؟
ـ سنكمل حديثنا في الغد. لا أبد أن أفكر بأسئلة معينة لأطرحها عليك، ثمة أشياء لا بد أن تخبرني عنها.
[ضاحكا]: عن طيب خاطر.

في الكوريدور قلت للممرضة التي رافقتني:
لا يبدو أننا سننجح مثله.
قالت:
من يدري، عن نفسي أظنني سائرة في الطريق الصحيح.
ـ وما هو ذلك الطريق؟
ـ الطريق ذاته الذي مضى فيه الرجل المسن، وفوق ذلك لا آكل الحيوان.

م. غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version