كتّابمفكرون

ماذا لو تأخر نزول الرسالة (فرضا) الي العام 2000 مثلا، هل…


ماذا لو تأخر نزول الرسالة (فرضا) الي العام 2000 مثلا، هل كانت النصوص ستأخذ نفس شكلها وستحمل نفس المفاهيم والأفكار؟

سؤال تبادر الي ذهني وأنا أسمع وأري مراوغات شيخ الأزهر، والمحاولات الفاشلة لتبييض الوجوه التي تلوثت بفعل قنبلة بن سلمان.

الرجل يصيغ أحكاما بشكل جديد ولكنها بنفس مضمونها القديم، فالسفر دون محرم بشرط أن يكون آمنا، ولا يحق للولي منع تزويج المرأة بمن ترضاه بشرط أن يكون كفؤا، وللمرأة نصيبا من ثروة زوجها بشرط أن تسهم في تنميتها، وهو يرفض تقديس التراث وتجميد الفقه الإسلامي، ولكنه لا يجد حلا لعلة الجمود والعجز في التجديد.

أنا لا أجدّد ولكني أتجمل، تلك هي الصورة التي يصدرها لنا شيخ الأزهر وقد اتضح أنه من ضروب الخيال أن يخرج علينا الأزهر محرما جهاد الطلب، أو رافضا لتكفير غير المسلمين، ووصفهم بالذميين، أو موافقا لتساوي المرأة والرجل في الميراث، أو ممانعا لتعدد الزوجات، أو الطلاق الشفهي … الي آخر تلك القضايا التي فرضها الواقع الجديد، وظروف الزمان والمكان، المختلف كليا عن ظروف بدء الرسالة والقرون الأولي لها.

الصعب في الأمر أن الأزهر وكل المؤسسات الدينية التي حملت الراية طوال القرون السابقة دون إجتهاد أو تطوير، قد أفرغت هذا الفكر المتجمد في عقول العامة، حتي استقر وجدانهم لمئات السنين علي مفاهيم وقواعد يصعب الفكاك منها.

وكما انتفض الجميع رافضين لتساوي المرأة والرجل في الميراث، سيثور العامة قبل رجال الدين عند كل محاولة لتغيير المفاهيم واقتراح مفاهيم جديدة.

الأمر جد صعب ولكنه ليس مستحيلا، ويحتاج الي زرع فكر جديد في عقول الناس أولا، يتناول النصوص كافة في إطارها التاريخي حيث لعب المكان والزمان والظروف البيئية والمناخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعادات والتقاليد والموروثات، ومحدودية العلم والثقافة والتطور، وكلها عوامل لعبت دورا كبيرا في طبيعة النصوص الفقهية، وما انطوت عليه من تعاليم خاطبت فئة معينة من الناس، انتهت واندثرت وانتهي عالمهم وحل مكانها عالم جديد لا يشبههم في شيء، عالم أصبح لديه معطيات زمانية ومكانية مختلفة أكثر تطورا وعلما وحضارة.

إن القصد الأسمي من الدين وهو اعلاء القيم الكبري من الحق والخير والجمال وما تفرع منها، وتنظيم المعاملات والعبادات، وهو ما لا يرتبط بزمن معين ولا مكان محدد، وهو ما يجب أن يحوز اهتمامنا في النصوص التي تقود الي خير البشرية وارتقائها.

وما عداها من مفاهيم وتفاسير علينا أن نتعامل معها بمنطلق صلاحيتها وعدم صلاحيتها للظروف الآنية، علي أن تكون عملية ديناميكية مستمرة مع التطور الزمني والحضاري، وهي مهمة للمفكرين قبل الأزهريين وكهنة الدين في عمومهم.

هذا ما يتعذر علي الأزهر أن يقوم به وبالتالي فهي مهمة مستحيلة بالنسبة له.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى