لو كان صالح والحوثي يشعرون بأتباعهم، لو كانت حياة من يقاتلون إلى جوارهم تعني لهم…


لو كان صالح والحوثي يشعرون بأتباعهم، لو كانت حياة من يقاتلون إلى جوارهم تعني لهم شيئاً، لاتجهوا إلى السلام، لتألموا، لندموا، لأحسوا بالوجع العميق والرهبة والخوف..

لكن صالح يعتقد أنه يشتري المقاتل بقيمة خيط جزمة. سيشتري غيرهم من السوق نفسه، وبالسعر نفسه.

أما الحوثي فالعالم خلق لأجله هو وعشيرته، وأن يقتل الناس لأجل عبد الملك فذلك أمر يتناغم مع كل القيم، ومع دينه الخاص. في تقديره: تلك هي الفضيلة الأسمى، أن تموت لأجله.

يموت رجال الحوثي في الجبال والصحارى، في المنحدرات والحارات، يتعفنون، تأكلهم الكلاب والنسور. لا يعلم عنهم أحد، ولا يطالب أحد بجثثهم. بعد انتهاء الحرب سينكشف الغبار عن كارثة مدوية، عن عشرات الآلاف الذين ذهبوا إلى الحرب ولن يعودوا أبداً.

وكلما تلكأت القبائل قليلاً أطلق الحوثي صاروخين من الزنك والبارود وعرضهم على قناة المسيرة مكللين بالزامل والنصوص الحماسية. تخرج القبائل دفعات جديدة من المرتزقة وبنادق الإيجار ليقاتلوا مع الحوثيين المظفرين، الذين أطلقوا البارحة صاروخاً انفجر خمسة آلاف مرة: مرة في البحر وسحق البارجات، مرة في البر وسحق الدبابات، ومرة في الجو وأسقط الأباتشي، ثم استجمع قواه وذهب إلى قاعدة الملك خالد ونسف الطائرات والمخازن وقتل الضباط والجنود وهزم القارات الخمس.

أحرق الحوثي وصالح اليمنيين، فتحوا باب الجحيم على أتباعهم قبل خصومهم. هذا النهار نشرت مواقع محلية عن شهود عيان قولهم إن الحوثيين يفخخون جثث قتلاهم في منطقة القبيطة. ما الذي سيجعل خبراً مثل هذا كاذباً؟ يقاتل الحوثي بمرتزقة وعبيد لا يعرف بعضهم بعضاً، ولا يسأل أحدهم رفيقه عن اسمه. مرتزقة مستعدون لنقل البندقية من كتف إلى أخرى، ينهبون رفاقهم القتلى قبل أعدائهم.

الموحش في أمر هذه الحرب أن مرتزقة الحوثي وصالح “عصاباتهم” يقاتلون أولئك الذين يريدون أن يحرروهم من هزيمتهم وجوعهم وذلهم. يقتلون أولئك الذين يريدون أن يضعوا حداً لعبوديتهم..

تأسست المقاومة، من حيث المبدأ، لتفك الحصار الذي يفرضه الحوثي على أتباعه لا على خصومه، لكي تستعيد فرصة أن يكون ثمة بلد تديره المؤسسات لا العصابات، البرلمانات المنتخبة لا الأقوياء، الجدارة والكفاءة لا السلالات، بلد يشعر فيه رجال الحوثي بحريتهم، ولا يخشون فيه على خبز أبنائهم..

م. غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version