لا يزال العام 2023 في أوّله. ربما، قبل أن ينتهي، سيشهد اليمن وضعاً انفجارياً على…


لا يزال العام 2023 في أوّله. ربما، قبل أن ينتهي، سيشهد اليمن وضعاً انفجارياً على الطريقة السودانية.

خلال ثمانية أعوام استطاعت الإمارات أن تضع يدها على أرض واسعة في جنوب اليمن. أسست تشكيلات عسكرية ضاربة تديرها من خلال وحدة تحكم خاصة [راجعوا ما نشره المصدر أونلاين قبل أشهر]. مؤخراً اعترضت السعودية على نوايا الانتقالي، وهو تشكيل عسكري إماراتي، السيطرة على حضرموت. كما حالت عُمان، سياسياً وعملياتياً، دون أن يضع الانتقالي يده على المهرة. شبوة، الفقيرة والغنية، تنازلت عنها السعودية لصالح الإمارات، قبل أن تدرك الخطأ أو الخديعة. لم تف الإمارات بوعودها لقاء الحصول على شبوة، ويبدو أنها أوجعت حليفتها مجدداً.
تدير السعودية عملية سلام معقّدة غير آخذة في الحسبان برامج الانتقالي ومشاريعه. أين تقع الإمارات من السلام اليمني الجاري؟ تقوم عملية السلام على وعود تقدمها السعودية بأن يقتسم الإماميون “الخير الجنوبي العام” مع الآخرين. أي أن تسهم صنعاء في المسألة الجنوبية، سياسياً واقتصادياً، بلا حرب. للمجلس الانتقالي رأي آخر تحاول السعودية إحباطه أو تجاوزه. إن كان ممكناً تجاوز الانتقالي، أو احتواؤه، فإن تهديد المكتسبات الإماراتية قد يجر المتاعب على الجميع. كما لو أنها متاعب لا بد منها، مؤجلة حتى نهاية الحفلة الدولية.

لعبت الإمارات في الأعوام الأخيرة بخشونة بالغة، واستطاعت أن تزعزع استقرار بلدان عديدة غير آبهة بما يجلبه سلوكها على سمعتها. سبق لها أن دفعت ميليشياتها في جنوب اليمن إلى احتلال مقار الحكومة واقتحام معسكرات تتبع رئيس الجمهورية. أعيدت طائرة رئيس الجمهورية من أجواء بلاده إلى المنفى، وحوصر رئيس الحكومة في غرفة بمطار سقطرى. وضربت المقاتلات الإماراتية الجيش اليمني في ثلاثة محافظات، بعد أن صنفته إرهابيّاً: أبين، حضرموت، شبوة. بقيت السعودية على الحياد، موغلة في ورطتها التي اكتملت مؤخراً. تمزيق الإمارات للجبهة المناهضة للإماميين جعل المعركة تبدو عابثة وانتحارية، وأضاف إلى آلام بن سلمان وورطته.

إلى أي مدى تبدو أبو ظبي على استعداد للتخلّي عن هيمنتها المطلقة على جنوب اليمن، أو لتقاسم تلك الهيمنة؟ قد يخرج حميدتي اليمني غداً ويعلن الاستقلال. قد يخرج حميدتي اليمني بعد غد ويضع العصا في دولاب التسوية.

إسهام الإمارات في عاصفة الحزم لم يصب في خانة تشكيل جبهة مشتركة ضد الميليشيات الإمامية. اخترعت قطيعة مع الرئيس والجيش كي تعفي نفسها من المسؤولية تجاه المعركة الأساسية. يبدو ما يجري في السودان وكأنه من صنيع تلك الدولة النشطة. معلومات سابقة تحدثت عن تعالق عسكري بين حميدتي وحفتر، وثمّة بيانات واسعة تتحدث عن إسهام حميدتي في الحرب الليبية. السودان، ليبيا، اليمن .. ميادين حرب ثلاثة لدولة لا تربطها بتلك البقاع صلة، ولا هي واقعة في مجالها الحيوي. انهار مشروع الدولة في الميادين تلك، وتشظت أفقيّاً إلى دويلات تمسك أبو ظبي بخيوطها. حتى وإن دُحر حميدتي من العاصمة الخرطوم فيبدو مستحيلاً هزيمته في غرب السودان، هناك حيث غرق البشير لعقد من الزمان. غرب السودان، إذن، هو الدولة السودانية الثالثة قيد التشكّل.
يبدو عيدروس الزبيدي هادئاً، يهمس لرجاله، متحدّثاً عن “قوات درع الوطن”: مجرد فقاعة. قوات درع الوطن هي تشكيل عسكري يمني أسسته السعودية لتتدارك غفلتها. حين يصير التشكيل في عيني عيدروس إلى أكبر من فقاعة سيقول حميدتي اليمني كلمته. للإمارات ألف وجه وألف وسيلة، وإذا وضعت يديها على أكتاف الرجال فإنهم يصيرون إلى سبايا رهن الإشارة.

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version