كتبت هذا النص في يناير 2014.. قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء بتسعة أشهر….


كتبت هذا النص في يناير 2014.. قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء بتسعة أشهر.
أعيده للتذكير، تلك الرؤية كنت جزءاً منها عندما كان آخرون يخونون كل شيء، حتى عقولهم وحدسهم..

——-

مروان الغفوري

الجمهورية والملكية تخوضان نفس الحرب في نفس الجغرافيا، بعد نصف قرن من الثورة .
سيكون الاسم الجديد للحرب :
الحوثيون والقبائل. أو الحوثيون والسلفيون. الحوثيون وآل الأحمر. الحوثيون والجيش. الحوثيون والإصلاح. إلخ. لو تفاجأ الحوثيون بمنطقة جغرافيا ذات حضور كث يف للاشتراكي سنسمع عن حرب جديدة: الحوثيون والاشتراكيون. تسامح الحوثي مع القوى اليسارية والقومية لأنه لم يجدهم في طريقه، وأحياناً لأنه اعتقد أنهم أضعف من أن ينصبوا ضده المتاريس.
هذه الحرب ليست موجهة ضد جهة بعينها. نحن أمام “تيموجين” جديد، شاب محارب خرج من البادية على حصانه، جمع الجحافل خلفه. مع أول تجربة للسلاح سقطت أمامه أقوى القبائل. أسكره النصر، تبدو الحرب أقل كلفة من السلام، قال لنفسه. بعد زمن قصير سيطلقون عليه اسم: جنكيزخان. سيدخل جنكيز خان مدينة بكين، عاصمة الصين، وسيقتل في أيام قليلة 300 ألف بشر. لم يكن تيموجين يتصور وصوله إلى العاصمة، لكنها الآن أصبحت خلفه. كل ما احتاجه، يتذكر تيموجين، لم يكن سوى حشد من المحاربين تجري هندستهم بجملة واحدة، أيقونة تقول كل شيء ولا تقول شيئاً..
في الواقع يخوض الملكيون حربهم التي تأجلت طويلاً ضد الجمهورية. يجري توزيع الحرب إلى فكة حروب صغيرة عاجلة، وحاسمة. في لحظة ما اخترق أكثر من ألفي مسلح حوثي الحواجز الأمنية ودخلوا العاصمة في “غزوة السفارة الأميركية”. صنعاء، أيضاً، تنام على عشرات آلاف البنادق، والملكيون النائمون يأخذون أشكالاً لا حصر لها: مدرسو جامعات، حقوقيون، صحفيون، سياسيون، شبيحة، باعة مساوك، طهاة، عاطلون عن العمل، أئمة جوامع. حتى هذه اللحظة يرفضون إدانة حروب الحوثي، لا إدانة جماعية ولا فردية. بيد أنهم يسارعون لإدانة
كل من يطالبهم بالإدانة. تمالؤ جلي، يقدم إجابات أكثر من الأسئلة.

هذا السيناريو ممكن:
الرابعة فجراً يقتحم آلاف المسلحين شوارع
صنعاء بالعربات والأطقم العسكرية، وحشود المشاة. يسيطرون على الجولات والوزارات، ويعلنون حظر التجول، ويعتقلون رئيس الجمهورية، ويضعون قادة الأحزاب تحت الإقامة الجبرية. يعلن بعض قادة الجيش موقفاً محايداً. تصدر منظمات مجتمع مدني عديدة موقفاً متعاطفاً مع اللحظة الجديدة، متمنية “عودة الأمور إلى طبيعتها في وقت قريب”. أمانة العاصمة جزيرة صغيرة تسكنها أغلبية مهاجرة. للكاتب اليمني محمود ياسين تعبير حاسم عن الطريقة التي يفكر بها ساكن أمانة العاصمة عندما يجتاز باب بيته إلى الخارج: يتوغل في أرض الأعداء. مواطنو عدن وتعز وإب والحديدة، المتواجدون في صنعاء، سيغلقون الأبواب والشبابيك ويفتحون قناة الجزيرة. ستنتهي العملية في ساعات.
هذه المرة لن يكون هناك من حاجة إلى حصار سبعين جديد.
هذه الصورة مفزعة، فادحة المعنى. يستبسل الملكيون الناعمون، غير المسلحين، في شيطنة جهات سياسية ومدنية عديدة ليس لرمزيتها الإيديولوجية بل لاحتمال أن تنحاز للجمهورية في اللحظات الفاصلة. هناك عملية تكسير سريعة لكل المتاريس الافتراضية.
الانتقال السريع من كتاف إلى الجوف، ثم إلى أرحب جرى كالتال وحدة.. ي: حشود من البشر، شعثاً غبراً بلا ملامح، يحملون البنادق والآري بي جي. قال متحدث سلفي عن حرب كتاف إنهم فوجئوا بسيول من البشر من كل جانب. كانوا لا يأبهون لمن يسقط منهم. هكذا كان جنود تيموجين. انطلقوا يجرون ستة ملايين خيلاً، من أقاصي الشرق حتى شمال أفريقيا ووسط أوروبا.
الملكية، التي سقطت بعد ألف عام في الحكم، استعادت عافيتها، ونهضت. نهضت فتية، شجاعة، مسنودة خارجياً وداخلياً . أما الجمهورية فبلا أصدقاء، وبلا ملامح، تقاتل وتسقط في كل مواجهة .
لا توجد تفسيرات خارج هذه الفكرة. أعني لا توجد تفسيرات كثيرة يمكنها شرح الانتقال السريع من كتاف إلى الجوف، وصنعاء معاً. يقاتل الحوثيون الآن في عمران، صنعاء، صعدة، حجة، الجوف. من السذاجة الاعتقاد إنهم يبحثون عن حسين الأحمر في هذه المحافظات الخمس. أو إنهم يكافحون الإرهاب .
يقول الحوثي إنه ينشر العدل في غياب الدولة. لكنه يحضر مقادير من البارود تكفي للاشتعال مائة عام .
الجمهورية والملكية تخوضان الحرب من جديد.
ويبدو أن الملكية تعرف ماذا تريد، بخلاف الجمهورية .

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version