في جنوب اليمن من العنصريين أقل، خمسين ضعفاً، ممّا في شمال اليمن من المرتزقة….


في جنوب اليمن من العنصريين أقل، خمسين ضعفاً، ممّا في شمال اليمن من المرتزقة.

يحتجزك العنصري، لكن المرتزق يقتلك.

يسميك العنصري “أوباش”، لكن المرتزق يمنحك صفة “داعش”.
يريد العنصري دولة تخصه، يهرب بها من الفوضى والفراغ أو يهرب بها إلى أوهامه. لكن المرتزق يقوض كل شيء، لا يريد دولة ولا أرض.

ينطلق العنصري من نظرية، بينما يعمل المرتزق بالأجرة.

يلجأ العنصري إلى الكلمات والأناشيد. لكن المرتزق يستخدم الألغام والمفخخات.

يقف العنصري ضد أناس يعرف ملامحهم وصفاتهم. أما المرتزق فيزهق أرواح أناس لا يعرف عنهم شيئاً، ولا يسأل عن ملامحهم.

يدافع العنصري عن موقفه ثقافياً وأخلاقياً، أما المرتزق فلا يظهر إلى العلن، ولا يكترث للعالم والقيم.

العنصري هو شخص ينتمي إلى أرضه، أما المرتزق فلا يعرف أرضاً ولا حدوداً.

مع الأيام تقود العنصرية إلى فاشية، سرعان ما تكشف تناقضاتها وأزمتها للعنصري نفسه، بينما يفتح المرتزق أزرار الجحيم، وتلتقفه الهاوية التي أخذت ضحاياه.

تميل شجرة العنصري لجهة واحدة، وتميل أشجار المرتزق مع كل ريح.

يمكنك أن تتفاوض مع العنصري وتنجز تسوية، لكن المرتزق لا يريد شيئاً ولا يترك شيئاً يكتمل.

يريد العنصري مجالاً حيوياً لأهله وعشيرته، ولا يريد أن يرى أخلاطاً. أما المرتزق فلا يعرف مجالاً، وفي الغالب يكون أهله ضمن ضحاياه.

يخاف العنصري على حياته، وليس لدى المرتزق من يخاف على حياته.
العنصرية تنتمي، بشكل ما، إلى السياسة. الارتزاق لعبة قذرة لا تدور سوى في الظلام.

يشير العنصري بأصبعه إلى الماضي، ويستدعي تجاربه.. أما المرتزق فمخلوق أحادي البعد، بلا تاريخ، ولا يشير إلى شيء.

يطلع العنصري من مظاهرة، أما المرتزق فقد كان أسوأ رجل في الحي، وأخطر رجل في القرية، وأقل الناس احتراماً للأخلاق..

يحشد السياسيون سيئو النوايا كل العنصريين خلفهم، ويسمونهم شعباً
لكن زعماء العصابات وتجار الأديان يحشدون أسوأ رجل في القرية، أسوأ رجل في العشيرة، قاطع الطريق، لص الحارات، بائع المخدرات، مطاريد الجبل .. يحملونهم السلاح، ويسمونهم “المسيرة القرآنية”.

يحتجزك العنصري لأن نظريته علمته الخوف منك، أما المرتزق فيقتلك بلا نظرية، ولكي يشتري بدمك قليلاً من المال.

العنصري يتعلم مع الأيام، يتعلم أن خوفه كان فوبيا بلا مبررات كافية
لكن المرتزق يموت ولا يتعلم شيئاً، ولو عاد من موته لأطلق النار إلى صدرك وراح يقبض ثمن ذلك.

بمقدورك أن تتنبأ بموقف العنصري، واتجاه دخانه.
لكن المرتزق يسير في كل الجهات، وليس له قرار، ويختلط دخانه بدخان كل القرى.

أما بعد..

“يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه”

رواه ابن حبان، وصححه الألباني.

م. غ

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version