قضايا المرأة

في الواقع كلما ضاقت السُبل بمتابعي الدراما الأفاضل من مشاهد المشاعر والانهيارات …


في الواقع كلما ضاقت السُبل بمتابعي الدراما الأفاضل من مشاهد المشاعر والانهيارات المتتالية والصوت العالي من “ست” اتهموها بالتهمة الفضفاضة المُعدة منذ قديم الأزل: الهسترة والهرمونات! وفي المقابل، تُستقبل خناقات ذكور الدراما والع.نف والإهانة بصفتها “أكشن” لذيذ، “تحبيشة” حريفة لضبط معاير الفن! خلال الأيام القليلة الماضية، صنفت السوشيال ميديا “نادين” من مسلسل #الهرشة_السابعة والتي تلعب دورها #أمينة_خليل ب”نموذج الزوجة خميرة النكد والعكننة”!
بعيدًا عن حبكة كتابة شخصية “نادين” وهل هي بالفعل شخص موتر ومتوتر أغلب الوقت ولم يتعلم كيفية حل صراعاته الدفينة فينفس عنها بالغضب، لكن هل “نادين” أو أي إمرأة هي المسؤول الأول والوحيد عن تحويل حياة الذكر من نعيم وردي لجحيم مسموم؟
منذ قديم الأزل، بقدم زمن أبقراط، جرى اسقاط أي اضطراب شعوري أو نفسي تعاني منه السيدات تحت بند “الهستيريا” وهو مصطلح مشتق من كلمة Hystera التي تعني الرحم. قرر أبقراط ربط الهستيريا بالرحم، معتبره المتسبب في القلق والحزن عند وجود نقص عاطفي.
لم تنتهي نظرية “هسترة” النساء مع العصر الفيكتوري مثلًا، بل واقعيًا لازالت تلاقي في مجتمعاتنا رواج شعبي هائل، بجولة بسيطة في الشارع ستستمع لعبارات مثل:
بتطلع هرموناتها علينا!
معلش يا عم يمكن عندها ظروف! (بسخرية)
رجعنا لنكد وأفورة الستات!
هذه التصنيفات سابقة التعليب لا يُشار بها إلى الاضطرابات الهستيرية أو اضطراب الشخصية الهستيرية المُشخص طبيًا، لا في حالة “نادين” والعديد غيرها يُطلق جزافًا على أي تصرف غير مألوف أو مبرر ضمن سياق القوالب المجتمعية المعروفة.

لكن “نادين” مضطربة! هل “نادين” مضطربة بالفعل؟
تتسم شخصية “نادين” ببعض التصرفات الانفعالية الشديدة المصاحبة لعدم القدرة على التعامل بصورة متناسبة مع حجم المواقف المطروحة أمامها، أو امتلاك عادة إطلاق الأحكام على الزوج أو الأصدقاء…ربما تكون شخصية “غير ناضجة” كفاية لكن “عجينة هرمونات ونكد”؟ لا أظن.

تختلف ردات فعل كل شخص وفقًا لمجموعة عوامل منها خبراته السابقة ومتانته النفسية وحصوله على الدعم والأمان في الصغر وغيرها.
هل إنفعال “نادين” المبالغ فيه دليل حقيقي على “هرموناتها” المسيطرة؟ دعنا نستعرض بعض تفاصيل حياة “نادين” باختصار ولننظر إن كنت ستنفعل في موقفها أم لا:
“نادين” أم حديثة تحاول التأقلم مع ظروفها الاقتصادية بالعمل والاعتناء بالمنزل الذي تحول يوم بعد يوم لدورها بمفردها كذلك العناية بالأطفال الصغار. تنزعج “نادين” من علاقة زوجها بداليا الذي يصف الموضوع دائمًا ب”انتي مكبرة الأمور”. مع الزمن تكتشف “نادين” إن دعم “آدم” لها لإيجاد فرصة عمل مناسبة ما هو إلا محاولة للتخلص من “زنها وشكوتها” بمعنى أخر “يهدها” حتى تفقد أي طاقة لبدء حوار حين يرجع! وحتى هذا الدعم كان “آدم” يستطيع سحبه بجرة قلم مع أول شكوى لها أن العمل غير مريح:”سيبيه الموضوع انتهى”! مع الوقت تجد “نادين” نفسها بلا نجاح مهني حقيقي مثل زوجها، مقيدة بمسؤوليات أطفال حديثي الولادة مميتة، يطلب منها زوجها “تقدير” الوقت الذي يستطيع توفيره للجلوس مع أطفاله!

بعد ساعات من البكاء والصداع المستمر والخوف من أن يصيب أي طفل مكروه أو ستحصل على لقب الأم المهملة بالطبع ستنهار “نادين”. تنهار وتبكي وتصرخ؛ لأنه وببساطة لا أحد يتعلم التعامل مع المشاكل المعقدة بين ليلة وضحاها، لا أحد يتحمل اللوم والمسؤولية ليل نهار ويظل مبتسمًا ونشطًا ومبتهجًا!
“أنت مش بتضايق عشان بشتكي..أنت بتضايق عشان بتكلم!” ربما هذا ببساطة هو جوهر اضطراب “نادين” مع “آدم”. لا أحد يسمع لذا فهي تظل تصرخ وإن كان هذا للبعض “أوفر”.

كتابة: سارة مراد

#الهرشة_السابعة
#مريم_نعوم
#ورشة_سرد
#مرصد_دراما_رمضان
#قسم_السينما_والفن
#سوبرومن


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫3 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى