في القرن الثالث العشر الميلادي أباد الإمام عبد الله حمزة فرقة المطرفية في اليمن….


في القرن الثالث العشر الميلادي أباد الإمام عبد الله حمزة فرقة المطرفية في اليمن. كانت المطرفية واحدة من تفريعات المعتزلة، واستطاعت أن تحدث اختراقاً في الفكر الإسلامي، على وجه الخصوص في مسألتي الحكم والتوحيد. أحرق الإمام الحمزة دور ومساجد المطرفية وسبا نساءهم وأطفالهم ودمر آثارهم العلمية. عبدالله حمزة، أحد الآباء المؤسسين للهاشمية الزيدية، ارتاح من صداع تلك الجماعة التي جعلت “المقام السياسي والاجتماعي” استحقاقاً وليس تعييناً إلهياً. عاشت الهاشمية السياسية بعد حمزة تقاتل لجعل الحكم مسألة توقيفية محصورة في السلالة. وفي فترات عديدة من التاريخ اليمني خاضت القبائل اليمنية حروباً ضد تلك السلالة/ الجماعة الدينية وانتصرت وانهزمت، دواليك. لقد اختفت المطرفية عن الوجود، عملياً. هبطت تلك المعارك من القرن الثالث عشر واستقرت في القرن العشرين، تحيطها صرخة عبد الله حمزة، المؤسس: لقد قتل جدي الإمام علي في صفين ثلاثين ألفاً من المسلمين، منهم من حضر بدر فما بالكم بهؤلاء الأوباش. وكان يقصد اليمنيين. يعتبر عبد الله حمزة أحد ملهمي عبدالملك الحوثي، الشاب الذي تلقى العلوم الأصولية في الجبل على يد والده، أحد متطرفي المذهب.

في الحياة القصيرة للدولة الحوثية سجل مؤسسها الثاني عبد الملك الحوثي أرقاماً مخيفة في المدونة التاريخية لجرائم هذه السلالة المحاربة. وبحسب تقرير لمنظمة وثاق، محلية ومقرها صنعاء، فقد ارتكب الحوثيون في عام واحد وفي محافظة واحدة، حجة، حوالي ١٤ ألف جريمة. من تلك الجرائم تفخيخ منزل به حوالي ١٣ امرأة وطفل. وفي مديرية صغيرة، يريم، فخخ الحوثيون جسد طفل لأجبار والده على تسليم نفسه. وفي ذمار، إلى الجنوب من العاصمة، وضع الحوثيون ٢٣ شخصية في مخازن السلاح فأصابهم طيران التحالف وقضى عليهم. كان بينهم صحفيون وساسة. وفي مستوصف طبي في جبل صبر، تعز، عثرت المقاومة على عدد ١٨٠٠ لغماً كبيراً. كما تقول تقارير ميدانية من لحج إن الحوثيين الفارين من المعارك قتلوا أسراهم. تقارير عن شهود عيان كثيرين تروي مآسي القرى اليمنية في الشمال: إذ تعود إلى بعض القرى جثث أبناء السلالة، ويدفن الآخرون في أماكن أبعد ما تكون عن قراهم. وفي الغالب تدفنهم المقاومة.
حتى الآن لا يعلن الحوثيون عن عدد قتلاهم ولا ينعون سوى قلة مختارة. ونادراً ما تفاوضوا لأجل جنودهم الواقعين في الأسر. أما الصورة الأكثر انحطاطاً لهذه الجماعة فآلاف الأطفال تحت سن ١٥، يزجون بهم إلى خطوط النار. مسؤول حكومي تحدث إلي بعد زيارة أسرى الحوثيين في عدن. قال إنه رأى عشرات الأطفال بين ال١١ وال ١٣، وأن بعضهم أخبره أنهم نزلوا إلى عدن للحصول على دورات في الكمبيوتر كما أخبروهم في صنعاء وذمار.

ذهب الحوثيون أبعد من ذلك. فقد سيطروا على التعليم العالي وشكلوا لجنة خاصة لدراسة رسائل الماجستير والدكتوراه قبل إجازتها. كانوا يبلغون الباحثين بالقول إنهم يريدون التأكد مما إذا كانت الأعمال تسيء إلى تراث آل البيت أو تدعم القاعدة!
في صنعاء تأسس شكل نادر من المكارثية، تلك التي تراقب حركة الهواء لكن هذه المرة عبر ناظور البندقية. وفي صعدة، الحاضرة الحوثية التي صارت أطلالاً، لا يوجد صحفي واحد ولا وسيلة إعلامية واحدة. يوجد فقط مسلحون حوثيون. لم يكتف الحوثيون بإسدال الستارة السوداء على حاضر اليمن، بل ذهبوا في ظلام البلد يشعلون النيران.
بدا واضحاً أن المشروع الحوثي أكبر من قدرة الذراع الحوثية. وأن نظرية الحوثي في الأخلاق والسياسة ليست سوى نظرية خاصة ولا تملك إغراء ولا جاذبية. في سبيل حصول الحوثي على دولة اعتقد إنها بلا حراسة ذهب يقيم حلفاً مع أسوأ من في اليمن، ثم أعاد إنتاج نظام الصالح في أكثر صوره إجراماً. في عديد من المناطق، كما في الضالع وتعِز، فتح الحوثيون السجون وحصلوا منها على بعض السواعد والأكتاف لحمل البندقية. وفي الحديدة اختفطوا أبناء الأسر الفقيرة والمهمشين وحملوهم السلاح وأرسلوهم إلى المعارك عبر الطريق المحاذي للبحر الأحمر. وغالباً ما كانوا يقعون فريسة مقاتلات التحالف فيجلب الحوثيون غيرهم.

سيتذكر اليمنيون ثلاث كرات نار بركانية انفجرت فجأة في مدينتين واقعتين تحت الحصار الحوثي: تفجير مخازن السلاح في جبل حديد، عدن، بعد أن وصل إليه مئات الشبان من عدن. استمرت الانفجارات نهاراً كاملاً وسقطت المقذوفات على مئات المنازل، وسقط مئات قتلى. كان ذلك اليوم من أكثر أيام عدن جحيماً. في المساء أصدر حزب صالح بياناً نشره موقع المؤتمر نت، التابع لصالح، يهنئ القوات المسلحة على نجاح تلك العملية.
كرة النار الثانية اشتعلت في تعز عندما عمد الحوثيون إلى تفجير أكبر مخزن لأسطوانات الغاز في المحافظة. ودفعة واحدة، وبالتزامن، انفجرت حوالي ٦٥ ألف أسطوانة غاز. من غير المستبعد أن يتذكر أبناء مدينة تعز، والضواحي، ذلك الانفجار الكارثي لعشرات السنين. صباح اليوم التالي كان منظر الكارثة أكبر من قدرة الكلمات على روايته.

وقبل هزيمة الحوثيين في عدن بأقل من أسبوع أطلق الحوثيون صواريخ على مصفاة البترول في مدينة البريقى، عدن، وحدثت كارثة مروعة، حتى إن النيران كانت تجري في الشوارع وتلتهم البيوت القريبة من المصفاة. شوهدت النيران إلى أبعد الأماكن ودب الذعر في كل مكان ولليلة كاملة اعتقد المتابعون للأخبار أن مدينة البريقى ستحترق حتى الرماد، لولا الأقدار ومهندسو حريق وصيانة أبطال.
يقتل الحوثيون من يقول لهم لا من اليمنيين، كما لو أنهم صورة جديدة من الإمام المؤسس عبد الله حمزة وهو يقول لمستشاريه: لقد قتل جدي الإمام علي في صفين ثلاثين ألفاً من المسلمين، منهم من حضر بدر، فما بالكم بهؤلاء الأوباش.
وهم يقصدون: اليمنيين.

م. غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version