عن شهدائنا في المخا….


عن شهدائنا في المخا.
ـــــ
البارحة أغار التحالف العربي على مواقع الميليشيا الحوثية في المخا، وعلى المواقع العسكرية التي استولت عليها. فيما يبدو كانت عملية تحرير تعز قد بدأت وفي المقدمة منها استعادة ميناء المخا، كمحاولة لإنقاذ المدينة المحاصرة والمحافظة المنكوبة.

لكن ما حدث، أيضاً، كان مهولاً. فقط سقطت مجموعة من الصواريخ على منطقة سكنية وقتل يمنيون آمنون أثناء نومهم. يا لها من فاجعة.
لا تتفوق على كارثية تلك الفاجعة سوى العملية التي قام بها الحوثيون قبل أسبوع في شمال عدن. تعويضاً عن خسارتهم للمعركة في مواجهة الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية ألقى الحوثيون بعشرات الصواريخ على أحياء آمنة في شمال عدن وتجاوز عدد الشهداء ال٣٠٠، ومئات الجرحى.

قتلنا التحالف العربي عن طريق الخطأ، وقتلنا الحوثيون عمداً. هل تجدون صعوبة في فهم هذه المعادلة الرثة والحقيرة؟

قتلوا في منازلهم واحترقت جثث النساء والأطفال، وكان مشهداً مهولاً. تذكر أهالي عدن ما فعله الحوثيون قبل شهرين من الآن عندما فجروا مخازن السلاح في جبل حديد فسقط ما يقرب من الألف قتيل، وآلاف الجرحى، وانهارت عشرات المنازل.

خلق الحوثيون صوراً رهيبة لن تنمحي من الذاكرة، مثل منظر اشتعال مصافي عدن ودخول النيران إلى منازل المواطنين. ومثل انفجار مخازن البوتاغاز في غرب مدينة تعز واشتعال أكثر من ٦٥ ألف اسطوانة غاز في وقت واحد. كان الأمر يشبه، بالنسبة للمواطنين الخائفين في بيوتهم، تفجيراً لأسلحة دمار شمال. ودخلت النيران إلى البيوت والطرقات.
مثل ذلك حدث البارحة في المخا.

على منظمة الحوثي، وهي منظمة إرهابية، أن تخرس قبل أن تنبس ببنت شفه فيما يخص الكارثة التي حدثت في المخا.
إننا ندين ما جرى في المخا ونعتبرها جريمة بشعة تستدعي تحقيقاً واسعاً. لكن الحوثيين يريدون بيع دماء الشهداء وجثثهم لأجل إيقاف عمليات التحالف العربي كي يتمكنوا من خوض حربهم بلا تهديد، وفي كل الاتجاهات.
انظروا ماذا يفعلون الليلة في صبر؟ الجبل الآمن، والهادئ تكتسحه الليلة عملية التعبئة الجهادية الثانية، وتتخذ خطة الأرض المحروقة. ها هي النيران تنزل على منازل الناس في صبر من كل الجهات، نيران أبناء النبي ومرتزقتهم. يريد الحوثيون إيقاف عمليات التحالف من خلال التقاط الصور لكارثة المخا، لكي يستمروا هم في قتلنا بكل الوسائل.

كان التحالف، ولا بد أن نعترف، قد منع الحوثيين من استخدام البراميل المتفجرة ضدنا، ضد كل من يقول لجماعة الحوثي: أنتم مجرد منظمة إرهابية ولا يوجد شعب حي يسلم شأنه لمنظمة إرهابية.
هذا الأمر أزعج الحوثيين كثيراً.

ها نحن نتجه إلى هدنة أعلنها التحالف. ويبدو أن التحالف، بعد مجزرة المخا، دخل في حرج أخلاقي، بعد أن كان يصر على أن يخوض حرباً أخلاقية. قيادات الحرس الجمهوري التي لا تزال توالي صالح تعترف بهذه النقطة: قبل الإغارة على المعسكرات يطلق التحالف قنابل صوت حتى يتيح للأفراد فرصة للهرب.
قد تكون هذه المعلومة غير دقيقة، وهناك من يؤكدها.
هناك من سيفهم حديثي هذا وكأنه مديح للحرب. سأقول مقدماً لمن سيقرأ كلامي على هذا النحو: أنت بحاجة إلى معونة في التفكير، وربما عقل إكسترا.
في المخا أغار العدوان على العدوان، وسقط قتلى من أناس آمنين. استشهدوا في حروب صنعها الحوثي وصالح.
يسقط مئات الناس قتلى كل يوم في تلك الحرب التي أنتجها، صنعها، ألفها، ابتكرها صالح والحوثي.
إنها الحرب الهجينة، كما أسميتُها في مقالي الذي سينشر بعد غد في حفلة تدشين النسخة العربية من الموقع العالمي “هافينغتون بوست”.
نحن، كمواطنين محاصرين، معنين بصورتين من الحرب: حرب الحوثي المناطقية، وحربه المذهبية. نحن نتعرض لخليط من الحربين. هناك حرب ثالثة وهي حرب الحوثي، باعتباره بروكسي إيراني، ضد تحالف عربي واسع. هذه حرب تخص الحوثي وحده، ولا تخصنا. فنحن نتعرض لعملية اقتلاع مناطقية ودينية من قرانا ومدننا.

ونحن مشغولون بإدانة الحرب التي يشنها الحوثي علينا.
وعندما يتوقف سنجد الوقت الكافي لإدانة الحرب التي يشنها العرب عليه.
نحن مشغولون بدفن قتلانا
وعندما نجد الأمن سنبكي على قتلى عبد الملك.
نحن مشغولون بنقل أحجار جديدة من الجبل لنبني ما هدمه الحوثي من منازلنا
وعندما نجد كناناً مرة أخرى سنبكي على مؤسسات الحوثي التي دمرها التحالف العربي.
نحن نبحث لأشقائنا الشجعان عن متارس آمنة من القناصة الإيرانيين المنضمين في جيش الحوثي

وغداً، عندما يعود الإيرانيون لقراهم، سنشارك الحوثي أحزانه أمام المدفعية العربية.
عيوننا آبار بلا دموع، لقد نشفت كلها وامتصتها حروب الحوثي. عندما نسنتعيد عيوننا سنبكي على قتلاه.

فقدنا أطرافنا بسبب قذائف الحوثي، وعندما نركب أطرافاً اصطناعية سنخرج مع الحوثي في جنازاته.

حدثت مجزرة في المخا. التحالف العربي صنع كارثة في المخا عندما كان يحاول إنقاذ المدينة الساحلية من أقذر منظمة إرهابية. لقد قتل التحالف الخاطف والمختطف، معاً.

ملحوظة:

تعز مدينة صغيرة، وهي مدينتي. أعرف رائحة كل حجرة فيها. لا أعرف مدينة سواها، حق المعرفة.

عشت أسابيع قليلة في غيل باوزير، أسابيع قليلة إب، أسابيع قليلة في الحديدة، وأشهر معدودة جداً في صنعاء، وأياماً قليلة في عدن. دخلت عدن حافياً بعد الوحدة، وكان الوقت صيفاً، وبقيت رائحتها وحرارتها ورملها في دمي حتى اللحظة.
أتحدث حالياً عن تعز التي أشتم رائحة حرائقها على بعد ١٠ آلاف كيلو متراً.

تعز المدينة الصغيرة التي كانت مشغولة بتأليف الأغاني سقطت عليها حتى الآن حوالي ١٥ ألف قذيفة مدفعية ودبابة وكاتيوشيا.

سقط كل ذلك على مدينة صغيرة، مسورة بالمشاقر!

هذه هي الحقيقة الحوثية الشاملة.

هل تريدون حقيقة أخرى:
قتل الحوثي حتى الآن من قبيلة العوالق فقط حوالي ٦٠٠ شاباً.
شبوة محرقة منسية لجحافل الحوثي ومرتزقته. لقد زفت دباباته وقاذفاته الموت لكل دار وخباء وقرية في شبوة.

أما حدث في المخا فكان مزيداً من الموت الذي فتح أبوابه عبد الملك الحوثي. ندينه ونطالب بالتحقيق فيما حدث في المخا. كما نطالب التحالف العربي الواسع، وكل إنسان حرب في العالم، بأن لا يتوقف عن استهداف المنظمة الإرهابية “الحوثية” حتى يفقدها القدرة على إحداث المزيد من الموت والحرائق والانهيارات.
نحن بلد مختطف، والخاطف بلا عقل ولا أخلاق ولديه ما يكفي من وسائل الموت، ومن الضلالات والأوهام.

تماماً كما يفعل التحالف الدولي في العراق ضد منظمة إرهابية شبيهة.

رحم الله شهداءنا، وأنزل السكينة على الناجين والجرحى
واللعنة على عبد الملك بدر الدين الحوثي بن…

مروان الغفوري

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version