. “خليك رجال ولا تبكي متل النسوان! أنت الرجل في البيت! امشي مثل الرجال! احكي مثل…


.
“خليك رجال ولا تبكي متل النسوان! أنت الرجل في البيت! امشي مثل الرجال! احكي مثل الرجال!
كن رجلاً ولا تقل يوماً أنك تعبت أو خفت أو رق قلبك! كن رجلاً وصاحب ألف صبية وتزوج من لم تصاحب يوماً أحداً!
كن رجلاً واغسل شرف العائلة والأمة والدين! لا تبك، لا ترأف! اضرب وكن قاسياً وفظاً وخشناً كالرجال!
كن رجلاً وسيطر على رغباتك ومشاعرك وسلوكياتك الرقيقة المؤنثة، ومن الأفضل لو استطعت محقها تماماً!”.

جمل كهذه تستعمل في اللغة العربية لبث الانضباط شديد القسوة في أنفس الصبية ومكافحة “الانحلال الاصطلاحي” ضد هويتهم البيولوجية. لطالما فتكت هذه الجمل بي وبأصدقاء كثر، ظلوا إثرها في حرب داخلية شعواء لإثبات رجولتهم، بطرق عدوانية غالباً، دمرت ما حولهم ودمرتهم، ظناً أنهم سيجدون معها ما يشفي عقدتهم.

في ظل القيم الأسرية المحافظة، وفي المجتمع المتطرف بقوميته، تم تلقيننا العنف صغاراً، أنا وأنت وهو
فقد أيقنت أن لعبارة “أنت لست رجلاً حقيقياً” وقعاً أشد وطأة وأذى على الصبية والمراهقين، فلا طفل يريد أن يبكي أمام رفاقه كيلا ينعت بالـ “حريمة”، ولا طفل يريد أن يلعب مع البنات كيلا يطرد من شلة الصبيان، ويتهمه الأهل بخللٍ في رجولته، ولا أخ يريد أن يعترف أمام أبيه أن له صديقة أيضاً مثلما لأخته صديقاً، وأنه لذلك لا يجد سبباً لملاحقتها وتأنيبها وتعنيفها، لكنه رغم ذلك يلاحقها ويؤنبها ويعنفها، ليس خوفاً من أبيه، بل من ذات ذكورته التي تعشش مع الوقت والعادة في اللاوعي.
أما إشارة سن البلوغ الخضراء، فتبدأ بالإضاءة عندما يبدأ الطفل بملاحقة أخته وأمه وكل بنات عائلته “على الدعسة”، محولاً مستقبلهن التعليمي والمهني والزوجي، وشعرهن وجلودهن وأصابعهن وآذانهن وألسنتهن، إلى شرف، يصير هو صاحبه بين ليلة وضحاها.

لجرائم التعنيف وجهها الآخر الذي لا يقوم على التمايز الراديكالي في قطبي الجنس فقط، وإنما على فكرة مبارزة الذكورة أمام ذاتها، فعندما تهان صورة الفرد الذكر في بلاد القائد الواحد/ أو القضيب الواحد، يفر الذكر الصغير من الذكر الأكبر، لتعنيف المرأة ونحرها، مرمماً أيقونة الذكورة المجروحة فيه، مخفياً ذلك خلف تسميات أصولية كالغيرة والشرف والعرض، فلولا ذلك لظلت ذكورته فارغة وعديمة.
بتعنيف المرأة والاغتصاب يوهم الرجل الذكوري نفسه بانتصاره -على الأقل في سريره- ضد حرب الإذلال التي يخسرها في حياته اليومية، أمام ذكور مجتمعه الأكبر في الأسرة والدولة، لضمان هويته والحفاظ على نرجسيته الذكورية الهشة، مكملًا بذلك دورة سياسية القضيب الواحد، تحت حكم نظام القائد الواحد.

كتابة: #عبد_الرحمن_القلق على موقع @raseef22

.
“خليك رجال ولا تبكي متل النسوان! أنت الرجل في البيت! امشي مثل الرجال! احكي مثل الرجال!
كن رجلاً ولا تقل يوماً أنك تعبت أو خفت أو رق قلبك! كن رجلاً وصاحب ألف صبية وتزوج من لم تصاحب يوماً أحداً!
كن رجلاً واغسل شرف العائلة والأمة والدين! لا تبك، لا ترأف! اضرب وكن قاسياً وفظاً وخشناً كالرجال!
كن رجلاً وسيطر على رغباتك ومشاعرك وسلوكياتك الرقيقة المؤنثة، ومن الأفضل لو استطعت محقها تماماً!”.

جمل كهذه تستعمل في اللغة العربية لبث الانضباط شديد القسوة في أنفس الصبية ومكافحة “الانحلال الاصطلاحي” ضد هويتهم البيولوجية. لطالما فتكت هذه الجمل بي وبأصدقاء كثر، ظلوا إثرها في حرب داخلية شعواء لإثبات رجولتهم، بطرق عدوانية غالباً، دمرت ما حولهم ودمرتهم، ظناً أنهم سيجدون معها ما يشفي عقدتهم.

في ظل القيم الأسرية المحافظة، وفي المجتمع المتطرف بقوميته، تم تلقيننا العنف صغاراً، أنا وأنت وهو
فقد أيقنت أن لعبارة “أنت لست رجلاً حقيقياً” وقعاً أشد وطأة وأذى على الصبية والمراهقين، فلا طفل يريد أن يبكي أمام رفاقه كيلا ينعت بالـ “حريمة”، ولا طفل يريد أن يلعب مع البنات كيلا يطرد من شلة الصبيان، ويتهمه الأهل بخللٍ في رجولته، ولا أخ يريد أن يعترف أمام أبيه أن له صديقة أيضاً مثلما لأخته صديقاً، وأنه لذلك لا يجد سبباً لملاحقتها وتأنيبها وتعنيفها، لكنه رغم ذلك يلاحقها ويؤنبها ويعنفها، ليس خوفاً من أبيه، بل من ذات ذكورته التي تعشش مع الوقت والعادة في اللاوعي.
أما إشارة سن البلوغ الخضراء، فتبدأ بالإضاءة عندما يبدأ الطفل بملاحقة أخته وأمه وكل بنات عائلته “على الدعسة”، محولاً مستقبلهن التعليمي والمهني والزوجي، وشعرهن وجلودهن وأصابعهن وآذانهن وألسنتهن، إلى شرف، يصير هو صاحبه بين ليلة وضحاها.

لجرائم التعنيف وجهها الآخر الذي لا يقوم على التمايز الراديكالي في قطبي الجنس فقط، وإنما على فكرة مبارزة الذكورة أمام ذاتها، فعندما تهان صورة الفرد الذكر في بلاد القائد الواحد/ أو القضيب الواحد، يفر الذكر الصغير من الذكر الأكبر، لتعنيف المرأة ونحرها، مرمماً أيقونة الذكورة المجروحة فيه، مخفياً ذلك خلف تسميات أصولية كالغيرة والشرف والعرض، فلولا ذلك لظلت ذكورته فارغة وعديمة.
بتعنيف المرأة والاغتصاب يوهم الرجل الذكوري نفسه بانتصاره -على الأقل في سريره- ضد حرب الإذلال التي يخسرها في حياته اليومية، أمام ذكور مجتمعه الأكبر في الأسرة والدولة، لضمان هويته والحفاظ على نرجسيته الذكورية الهشة، مكملًا بذلك دورة سياسية القضيب الواحد، تحت حكم نظام القائد الواحد.

كتابة: #عبد_الرحمن_القلق على موقع @raseef22

A photo posted by الحركة النسوية في الأردن (@feminist.movement.jo) on

Exit mobile version