كتّابمفكرون

“بن سلمان وشيخ الأزهر”…


“بن سلمان وشيخ الأزهر”

تصريحات بن سلمان عن التجديد وأحاديث الآحاد، ثم تصريحات شيخ الأزهر عن الصراع الذي يراه بين تقديس التراث وأثره في تجميد الفقه الإسلامي، وإن بديا متفقين، الا أن هناك اختلافات صريحة في الرؤية لكل منهما.

بن سلمان يسير علي نهج الحكام المسلمين منذ وفاة الرسول، فهم طوعوا الرسالة لتحقق أهواءهم وطموحاتهم، وهم سبب كل التشويه الذي طال الدين الإسلامي، حجبوا الكثير، وأضافوا الكثير، وأنشأوا المؤسسات والجماعات الدينية، ودفعوا للمحدثين الذين لا يجرؤون علي معارضتهم، لتثبيت أركان حكمهم، وضمان استمراره لهم ولورثتهم من بعدهم، ولتحليل طموحاتهم وتحريم ما يعوقها، وكان من نتيجة ذلك، أن وصلتنا نسخة مصنعة من الإسلام أكاد أجزم أنها مغايرة للرسالة والهدف منها.

المملكة السعودية هي أحدث الأمثلة علي ذلك، ففي بداية تكوينها تحالفت ثم اعتمدت علي الفقه المتطرف لابن عبد الوهاب الذي سهل لها قتال الأرجاء السعودية وإخضاعها، وصدّرت هذا الفكر الي محيطها الإقليمي والعالمي، وبخاصة الدول التي شكلت تهديدا لبقائها، وعلي رأسهم مصر التي كانت تخطو أولي خطواتها بعد هزيمة الخلافة العثمانية صوب الدولة المدنية الحديثة.

الآن وبعد أن استقرت الأمور في السعودية وبسطت العائلة المالكة نفوذها وسيطرتها، صارت الحاجة الي فكر بن عبد الوهاب أقل إلحاحا، ومن ثم فلا مانع من التحرر منها، والتوجه نحو العالم المنفتح برداء جديد يحمل ملامح الإنفتاح، بعد أن صار احكام القبضة الأمنية لهذا النظام السلطوي أكثر جدوي من القبضة الدينية، التي لن تهمل ولكن سيتم تطويعها بشكل جديد.

أما شيخ الأزهر فأراه تحت وقع صراع من نوع آخر، هو أسير لنسخة الإسلام المسيطرة حاليا، وفي نفس الوقت يري تيار الحداثة والتنوير يتعاظم ويهاجم ويتغلغل تدريجيا، ويخشي أن نصل للحظة التي تنهدم فيها كل أفكارهم الجامدة التي لا تناسب الواقع المعاش بأي شكل من الأشكال، فتكون النتيجة هي انهيار مؤسسته وإهمالها تماما بعد أن نصبت مسؤولة عن الحالة الدينية للبلاد.

فتراه يحذر من انتشار الإلحاد بشدة، وتتضارب أقواله بين داخل وخارج البلاد، ويدافع مستميتا عن التراث المتوارث، ويعلنه ثلاثة أرباع الدين، ويعلن أن سمة الدين التطور، دون أن يأخذ خطوة حقيقية واحدة في هذا الإتجاه، وأخيرا يعلن أنه يشعر بالإحباط حيث لا يجد حلا لعلة الجمود والعجز في التجديد، رغم وجوده علي رأس المؤسسة المنوطة بذلك، والتي أصبح التجديد ضرورة قصوي ليس للتجديد فقط بل لبقائها واستمرارها.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى