النقاش الجاري حول العلمانية مثل اختبار جهد للتقدميين في حزب الإصلاح، وكما كان مت…


النقاش الجاري حول العلمانية مثل اختبار جهد للتقدميين في حزب الإصلاح، وكما كان متوقعاً أو ربما كما لم يكن متوقعاً فشل تقدميو الحزب في اختبار الجهد ذاك، أو ترنحو. في أفضل الأطروحات دار المثقف التقدمي الإصلاحي سبع دورات وقال كلاماً فارع الطول وفارغ المغنى، وظهرت الحكمة المغشوشة التي تتحدث عن التوقيت الخاطئ وتلك التي تحيل المسألة برمتها للدولة أو للمجتمع، ول “بكرة يوقع خير”
في النهاية شهدنا جدلا حول العلمانية لا تربطه بالعلمانية أي صلة. العبرة الوحيدة التي يمكن للمرء أن يستخلصها هي أن العلمانية، كمفردة، لا تزال تثير ذلك القدر من الهلع والأرق لدى الإسلاميين كما كانت تفعل قبل ثمانين عاماً. تتشابه استجابة تقدمي إصلاحي، كالحميدي، مع استجابة جهادي إصلاحي، كالحزمي، في النوع وتختلف في الدرجة. يقول الأول: العلمانية مصطلح سيء السمعة، ابتكروا بديلاً له، وينهي النقاش هنا. يقول الآخر: العلمانية كمين لهذا الدين. يستغيث الأول بالمجتمع، معللا فزعه من العلمانية، ويسغيث الآخر بالإله، كاشفاً عن حليفه الأكبر. في النهاية يتصل الكمينان ببعضهما، ويفضيان إلى النتيجة نفسها.

في الجدل داك خلطت العلمانية بالحداثة بالديموقراطية بالإلحاد بالتوتاليتارية بالليبرالية بظواهر ما بعد الحداثة، تشابهت الديموقراطية الليبرالية مع الليبرالية غير الديموقراطبة مع الديموقراطية غير الليبرالية ” التقسيمات الأخيرة غاية في الأهمية وهناك دراسات جديدة مستفيضة تفرز كل تصنيف كدالة قائمةبذاتها”، إلخ.

حفلة كبيرة تاه فيها الموضوع وترك خلفه الأثر:
الرعب والأرق في عيون الإسلاميين، التقدميين والراديكاليين. وهي مشاهدة تجعل المرء يتساءل ما إذا كانت الفوارق بين التقدمي الإسلامي ورفيقه الراديكالي مجرد تمظهرات فنية أو شكلانية؟
ربما كانت الإجابة “نعم”، إذا ما أخذنا في الاعتبار اختبار جهد آخر:
موقف الإسلاميين من أزمة الديموقراطية في بلدان يحكمها حلفاؤهم، مثل تركيا؟ ينزلق اردوغان بالديموقراطية التركية إلى ديموقراطية غير ليبرالية، تعطي تقديراً أقل للحقوق والحريات مقابل كل التقدير للشفافية الانتخابية.. نعلم، من خبرتنا، أن أزمة الإسلاميين كانت مع الديكتاتور لا مع الديكتاتورية، ذلك ما يجعل جمهورية الخوف في السودان أمراً غير ذي بال، على سبيل المثال.

ربنا يسهل.

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version