كتّابمفكرون

“النظام الأبوي”…


“النظام الأبوي”
رغم التطورات السياسية التي حدثت في المنطقة العربية منذ نهاية الإستعمار وحتي اللحظة، الا أن هناك لبسا وخطأ كارثي يقع فيه الحكام والمحكومين، وهو نظام الحكم الأبوي، المتعارض تماما مع النظم الحديثة للحكم.
هو نظام يتعارض تماماً مع الديمقراطية، كونه نمط حكم متخلف تجاوزه تاريخ البشرية منذ وقت طويل، ولكنه يظل جاثما علي كاهل المنطقة العربية، ويعد امتدادا لعصور القبلية ثم الخلافة والبطريركية والممالك ثم الإستعمار، حيث ينظر لنظام الحكم علي أنه أب للمواطنين له ما للأب من الاحترام والطاعة والتسامح، وليس كموظفين عند المواطن، تم اختيارهم لخدمة الوطن والمواطن، ضمن حدود وضوابط وقوانين عليهم الإلتزام بها، ومعاقبتهم في حال الإخلال بأي منها، ضمن مدة زمنية محددة تنتهي بانتهاء الولاية أو فترة الحكم.
هذا الالتباس بين الحاكم والأب هو التباس مقصود ومدسوس للمواطن العربي، هو أمر مخزي في عصر تبلورت فيه الأنظمة السياسية لأشكال الحكم بعد عقود من الثورات و النظريات و التجارب التي خاضتها الأمم من أمثال فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة للوصول الي أنظمة سياسية واقعية ومنظمة وثابته تحترم شعوبها وتحافظ على سيادتها، في الوقت الذي فيه نعود قرونا إلى الوراء، إلى عصر الحكم المطلق والحاكم المستبد أو المستبد المستنير الذي تخلصت منه هذه الشعوب والأمم.
ويزداد الأمر سوءا باستغلال ثقافتنا العربية والإسلامية التي تحث علي احترام وبر الوالدين، ليتربى الناس علي أن الحاكم ونظام الحكم هو بمثابة الوالد ورب الأسرة للوطن، يجب طاعته وارضاؤه، وبدونه يتعرض الوطن للسقوط وهي عبارة علي خطئها نسمعها كثيرا هذه الأيام، ويتداولها نظام الحكم والإعلام المنافق وكل من يحاول الاقتراب من النظام ليحقق مكسبا أو ميزة يرجوها.
هذا النظام الأبوي يطلق يد النظام الحاكم، فتراه يفعل ما يريد أو يتراءي له دون ضوابط، وهو ما يفسر كثيرا من الظواهر التي نعاني منها من تقييد للحريات والمغالاة في فرض الضرائب والرسوم، والأكثر سوءا هو تحميل المواطن ما لا طاقة له به، واعتباره المسؤول الأول عن فشل النظام وسوء إدارته.
الأب الحقيقي هو الوطن بشعبه وأراضيه ومياهه وسمائه وثرواته وثقافته وجذوره التاريخية، الانتماء الحقيقي هو الانتماء إلى هذا الوطن الرابض منذ آلاف السنين وليس للحاكم أو النظام الطارئ عليه والمؤقت مهما طال.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى