المثقف ورجل القانون الشاب حسام مجلي يكتب من برلين:…


المثقف ورجل القانون الشاب حسام مجلي يكتب من برلين:

السيادة يا سادة علبة بيبسي
ـــــــــ

في العام 2010 كنت امشي في شارع الجزائر في العاصمة صنعاء. يعتبر شارع الجزائر احد الشوارع النظيفة مقارنة بغيره. و امامي كان يمشي شاب اشقر الشعر ازرق العينين يحتضن صديقته الشقراء و يشرب البيبسي. رافقتهم نظراتي لعدة لحظات الا ان قام الشاب برشف اخر رشفة في علبة البيبسي ليحول نظره الى صديقته الحسناء و يرتشف شفتيها و بحركة بهلوانية طوح علبة البيبسي في الهواء لترتطم بالارض مصدرةً طنيناً عالياً. اخذتني الحمية الوطنية حينها و عقدت حاجبي و تشنجت عضلاتي و هممت بايقاف الشاب لسؤاله ان كان يقوم بمثل هذا التصرف الارعن في بلده الام. في الطريق اليه توقفت لبرهة و تذكرت عدد المرات التي يرمى فيها كل يمني بما فيهم انا علب البيبسي ع الارض او وسط الشوارع بلامبالاة قاتلة. حينها فقط خمدت الحمية. فلا مرجعية اخلاقية لانتقاد الاشقر ع تصرف تقوم به انت صاحب البلد و الارض الا ان تكون مرجعية مبنية ع الحمية الكذابة و اوهام الوطنية و السيادة الفارغة.
كذلك هي الحروب بالوكالة و الحروب الاهلية.

هي حروب القاتل فيها مقتول و المقتول قاتل. لا نصر في هكذا حروب فلا انتصارات تخلف في الحلق طعم المرارة.

لا عجب في ان ينقسم الشارع اليمني اليوم بين مرحب و مندد بين منكسر و منشرح الا ان المرارة ستلهب حلوق الجميع. فالدم في كل المعارك يمني. اليمني هو الخاسر الاوحد ع الاقل مرحلياً. من يموت اليوم تحت لهيب الصواريخ يمني و من مات البارحة في تعز و الضالع و لحج و الحوطة و صنعاء يمني. حتى عبد الملك الحوثي و صالح و هادي للاسف يمنيون. و حتى محدودة التفكير التي وضعت صورة ولدها الطفل و تحسرت ع تخلفه عن الصلاة في مسجد الحشوش يمنية للاسف. احزنوا ع قتلاكم و لكن لا تتباكوا ع السيادة. اليمن دولة منزوعة السيادة منذ امد بعيد. لا معنى للسيادة ان كنت غير قادر ع اطعام شعبك. لا سيادة لدولة ترقد ع الثروات (دعك من احجار الزينة) و تطعم شعبها تسولاً. لا سيادة لدولة تلقح اطفالها من المعونات. لم نكن يوماً دولة ذات سيادة.فكشوف المكرمات السعودية ع مستوى الدولة او ع مستوى النخب و شيوخ القبائل عادة يمنية اصيلة منذ زمن. حقائب النقود الكاش و الاتفاقيات الحدودية. و اخيراً سفن الاسلحة الايرانية كلها تقول لم نكن يوماً دولة ذات سيادة. فما سر المرارة ؟

الضربات الجوية لقوات التحالف العشر او ضمنياً للملكة العربية السعودية لا غبار عليها من الناحية القانوية ع الاقل. في الانظمة الديمقراطية الشعب صاحب السلطات و سيد قراره يقوم الشعب عن طريق اغلبيته بتفويض ممثلين له يمارسوا هذه السلطة بالنيابة.من المعترف به في القانون الدولي ان السطة الشرعية في البلاد يحق لها ان تطلب من دولة او دول اخرى التدخل العسكري ع اراضيها لحماية الشرعية الممثلة للشعب نظرياً. حينها تنتفي صفة الاعتداء. و تحظى هذه العمليات العسكرية بغطاء سياسي عربي و دولي واسع.

من منظور سعودي مصري فان ما يحدث في اليمن خطر محقق ع امنها القومي و مصالحها الحيوية. ان تضع ايران يدها ع باب المندب بجانب سيطرتها ع مضيق هرمز و الخليج الفارسي يعني ان تطبق يدها ع عنق المنطقة.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version