اللى جرب منكم مرارة المعتقل يا جماعة، عارف إنك بتخرج منه…


اللى جرب منكم مرارة المعتقل يا جماعة، عارف إنك بتخرج منه مكسور مشروخ، ولو اتعرضت للتعذيب زى حلمى هلال فى الخمسينات بتخرج نص مجنون، أو زى ماقال نجيب سرور ” حطاما أو كالحطام”، تعالوا نشوف رسالة سرور للعظيم يوسف إدريس، ودى رسالة ملغمة فيها الكثير من المواقف:
«خرجت من المستشفى حطاما أو كالحطام!
خرجت إلى الشارع، إلى الجوع والعري والتشرد، والبطالة والضياع، وإلى الضرب في جميع أقسام البوليس. خرجت أدور وأدور كالكلب المطارد بلا مأوى، بلا طفلي وزوجتي، وظللت مجمّدا محاصرا موقوفا. وبعيدا عن مجالات نشاطي كمؤلف مسرحي ومخرج وممثل، وبعيدا عن ميادين النشر كشاعر وناقد وزجال ومؤلف أغان».
مقطوعة من العذاب لا تملك أمامها سوى البكاء، شاعر محروم من الزوجة والإبن الممنوعين من دخول مصر، ويتزوج من سيدة عديمة الشرف وعندما يطلقها يرسلوه للجحيم؟ ويظل من يومها عرضة على الدوام للصفع والنفخ والكهربا فى كل قسم شرطة كالكلب الجربان.!!!
فى نفس الرسالة بينقد إدريس لأنه كتب مقالا يشكر فيه جيهان السادات لأنها أهدته بوكيه ورد، عيب عليك يايوسف دة انت هرم مصر الرابع، وأعظم من نجيب محفوظ الذى يدور فى دائرة معينة بينما تمتلك أنت الدنيا كلها، فنجيب خادم للسلطة وأنت من الأحرار، وفى نهاية الرسالة يطلب منه ولو جنيه لأنه جعان ومش لاقى ياكل، وتعرف مصر كلها بالرسالة دى بعد موت أمل لأن صلاح عيسى نشرها سنة 87 فى عدد خصصته مجلة أدب ونقد للإحتفال بعيد ميلاد إدريس الستين، وهنا ضرب صلاح عيسى الإحتفال فى مقتل.، وينفى يوسف إدريس إنه تلقلاها كما تلقى غيرها ووقف بجوار الشاعر ماديا، هى إذن ليست رسالة بل صراع بين مثقفين.!!!
سنة 1970 يطالب الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى على صفحات وز اليوسف بالسماح لزوجة سرور وابنه شهدى بدخول البلد، وفعلا يتم السماح لهما فى أكتوبر من العام نفسه، ليلقحها سرور فورا لتنجب له صديقنا فريد سنة 71 …………………….
ولكن العاصفة رغم كل ماسبق كانت فى بدايتها، فتحدث مجزرة أيلول الأسود، وهى قصة مرتبطة بشاعرنا المهان.
بعد حرب 67 خسرت الأردن الضفة الغربية ونزح الفلسطينيون إلى الأردن بسلاحهم، وتحدث مناوشات دائمة بينهم وبين الجيش الإسرائيلى، وفى معركة كبرى فى قرية إسمها الكرامة ينتصر الجيش الأردنى الفلسطينى على الإسرائيلى وتحدث فرحة عارمة فى العالم العربى، وتتدفق المعونات على منظمة التحرير الفلسطينية، لتصبح دولة داخل الدولة، بل تنادى بإسقاط الملك حسين، وتتمادى فيتعرض لمحاولتين للإغتيل، وبعدها عملية ميونيخ وخطف الطائرة، وتفجير طائرة أخرى بركابها، وهنا يصر الحسين على طردهم من مملكته ويتحرك لقيادة الجيش ويحاصرهم فى المدن التى استولوا عليها، ويقصفها بالمدفعية ويختبئ المسلحون وسط خيام الإيواء المدنية، ويتدخل الجيش السورى ويقف فى صف الفلسسطينيين، ولكنه يتعرض لمذبحة على يد الجيش الأردنى، وهنا دعت مصر لمؤتمر قمة عربى إنعقد فى اليوم التالى مباشرة وانتهى بتوصيات معينة، وفى نهاية اليوم يودع جمال آخر ضيوفه، ثم يتوقف قلبه عن النبض من شدة الإجهاد ويقابل وجه الكريم فى 28 سبتمبر 70 .
ويتولى السادات والحرب قائمة والأردن يتقدم حتى استسلم له آخر ألفى مسلح، ويتم طردهم خارج الأردن.
فى تلك الفترة الديماجوجية المنحطة كانت الشعوب العربية كلها تحمل القضية الفلسطينية فوق رأسها قبل لقمة العيش، إلى درجة أن تفجير الفلسطينيين لطائرة مصرية فى مطار لارناكا القبرصى ومقتل وزير الثقافة يوسف السباعى، فى كارثة مدوية تمس الشرف الوطنى، نجد نجيب سرور يهاجم يوسف إدريس لأنه أدان العملية الإرهابية، فكيف تقف يايوسف فى صف مصر ضد المجاهدين؟
سنة 71 تفاعل سرور مع أيلول الأسود بمسرحية ” الذباب الأزرق” التى أثارت ضجة كبيرة جعلت الحكومة الأردنية تطالب الدولة المصرية بوقفها، وبالفعل تم إيقاف المسرحية، بل وعزل سرور وطرده من العمل ومحاصرته ومنعه من النشر، وتصل الأمور ذروتها فى إتهامه بالجنون.!!!
وهنا من حقنا أن نتساءل عن ذلك الإهتمام ” الغبى” من سرور وباقى جيله بالقضية الفلسطينية؟
هى بالطبع نتاج غسيل مخ للشعوب منذ حرب 48 وسيادة الجعجعة على العقل، ونضيف بعدا آخر ل نجيب وهو مظفر النواب ااشاعر العراقى العظيم – 1934 : 2022 ، وهو المنافس الرئيسى ل نجيب سرور، ونشر فى نفس االتوقيت تقريبا ديوانه ” وتريات ليلية” الذى يعادل ديوان الأميات ل سرور، الفرق أن فلسطين تقف بكاملها وراء مظفر، بينما تتجاهل العاشق سرور المهان فى بلده بسبب قضيتهم، أقول ربما كان سرور يغازلهم طمعا فى دعمهم/ فمن منا لا يتمنى الخلود والشهرة؟




يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version