العزيز خالد الرويشان [النسخة الجمهورية من أسامة ساري، أو: أسامة ساري لايت] كتب ب…


العزيز خالد الرويشان [النسخة الجمهورية من أسامة ساري، أو: أسامة ساري لايت] كتب بوستاً طويلاً استحضر من خلاله أجمل ما قالته العرب عن الأسى وقلة الحيلة.
في المقدمة قال إنه كان منشغلاً “باستعادة الدولة والشعب والجمهورية”، وأن المهمة تلك ستشغله فيما سيأتي من أيام. ذلك الانشغال دفعه للعفو عن خصومه، وهو لن يعفو عنهم وحسب بل سيذهب أبعد من ذلك: يعمل على استعادة دولتهم وجمهوريتهم وهم في غفلة.

في نهاية البوست نشر صورة لأسد وقط، الأسد شارد في تأملاته والقط يداعب عنقه.

هكذا:
أنا الأسد، هم القطط.

على طريقة تلاميذ ثانية إعدادي.

أحسست، حقيقي، بالتعاطف مع الرويشان. كنتُ متأكداً أن قدراته الفنية لن تساعده في الدفاع عن نفسه، وهو بهذا المعنى يستحق العون. اعتمد على ثلاثة مشاهد في مقاومة الهجوم عليه: صورة الأسد، كلمة وا أسفاه، تذكير خصومه بالطعام الذي تناولوه في منزله. ثم بعد ذلك، وقبلاً: سقط الرجل كلياً فيما يسميه علم النفس:
The sympathetic audience control
أو: تحكم الجماهير التعاطفي.
في هذا النوع من الاضطراب يعيش الرجل داخل التعاطفات، وهي التي تسيره. يحيل إلى المدافعين عنه، إلى المتعاطفين، يصبحون هم “خير الناس”، وهم الذين ستشكّل مواقفهم وانفعالاتهم، في نهاية المطاف، الطريقة التي سيكتب هو بها.

هذا الاضطراب أكثر تعقيداً من the audience control أو: تحكم الجماهير. أن تجد رجلاً يكتب بوستات لمدة عشرة أعوام بلا مفاجآت، يكتب داخل أفق توقعات المتلقي، ينشط داخل حقل الخيال الجماهيري، لا يضيف إليه شيئاً، لا يحرك الأسئلة، ولا يستفز الخيال، لا ينشط ميكانيزم الغيرة والغضب .. لا يستفز أحداً ولا شيئاً، حتى الحوثيين الذين يتحركون قريباً من منزله لا يشعرون بالاستفزاز. يقول فقط الأشياء التي يحب الرجل الاعتيادي سماعها، بمعنى: تملي عليه الجماهير ما سيكتبه لها. هذا ليس نشاطاً ثقافياً بل فعلاً كتابياً مجرداً من الخيال والابتكار .. وهو لا يتطلب كتباً ولا عناء ولا مهارات غير اعتيادية.
يتأرجح الرجل بين الاضطرابيين.

في الأجواء العادية يخضع الرويشان للتحكم الجماهيري، وإذا واجه ضغطاً صعباً، كما حدث معه قبل أيام، ينسحب إلى تحكم الجماهير التعاطفي، يأخذ جانب المنحازين للدفاع عنه ويصبح معبراً عنهم بشكل خاص. يصير، داخل هذين الاضطرابين، الموقف السلبي من الرويشان هو موقف حوثي، وهو خدمة مجانية للحوثيين. بدأ منشوره بالتأكيد على هذه الفكرة: الخصومة معي خدمة للحوثيين. وهو يعني، وذلك ما أكده، أن محاولة إرباكه قد تجعل المعركة مع الحوثيين صعبة. بمقدورنا ملاحظة كيف عملت الجماهير على تشويه وعي الرجل بذاته، ووجدنا أنفسنا أمام رجل يحاول بيع صورة غير حقيقية عن نفسه. باع صورة “المثقف” الكبير ووجدت الصورة لها سوقا. لقد باع صورة المثقف في سوق غير متصل بالثقافة، في السوق السوداء. أما بالنسبة للناس الذين رفضوا شراء تلك الصورة فقد عرض عليهم صورة أخرى:
الأسد.

وفي كل الأحوال:
هو أسد، إنتِ قطة وأنت قط.

نهاركم سعيد.

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version