جبهات القتال المشتعلة الآن ثلاث:…


جبهات القتال المشتعلة الآن ثلاث:
في الضالع، في بيحان، في عدن.
وكلها في الجنوب.

ولا توجد جبهة واحدة في الشمال.
في الشمال الناس مشغولون بثلاثة أمور:
جمع الذهب والفلوس للحوثيين، التنظير حول الوحدة والسيادة، والدعاء بأن ينصر الله من كان على الحق.

وعدن التي تحترق الآن، وهي تحرر نفسها بنفسها، خذلتها كل النخب في الشمال والخارج وحتى النخب الجنوبية ذاتها. الذين كانوا على الواجهة من قيادات سياسية واجتماعية تلاشوا فجأة. كانوا محض قوادين وسفلة. وصعد إنسان القاع، البطل الشائع، ووضع قدمه على أرضه.
تمر الأقدام الهمجية عبر إب، تعز، البيضاء، ولا يعترضها أحد.
انهزم الحوثيون عشرات المرات في لحج والضالع، وعادوا مرة أخرى عبر إب وتعز.
وانكسروا عشرات المرات في شبوة وأبين فعادوا عبر البيضاء.
إلخ إلخ..

إذا كان من أمر جيد لهذه الحرب فهو قدرتها على كشف التجويف العظيم، والحقيقة الاجتماعية الرهيبة التي كنا نهوي بداخلها.

من كان ليصدق أن صنعاء تجمع الذهب للحوثي ليقاتل في عدن
وعدن تستنجد بالخارج ليمنحها السلاح كي تحمي نفسها من ذهب الشمال؟

ومن كان ليصدق أن المثقف اليمني سينظر إلى عدن ولن يرى جراحها، سيرى فقط الذخيرة السعودية وهي تهبط من الجو. وبوقار وحشمة سيقول لعدن: تستري يا امرأة، ما تفعلينه عار!
وعدن ترد عليهم على طريقة امرأة مهزومة في “زوربا” : يا لبؤسكم، رأيتم عريي ولم تروا جراحي!

مروا في شوارع صنعاء الآن، ولا تستمعوا للحوثيين فهم جماعة.تلحق الأذى حتى بالكواكب. استمعوا لأفندية صنعاء، لإعلامييها ومثقفيها. يعيشون رهائن لدى الهاشمية السياسية، وأبعد من رهائن.ويصنعون الكلمات عن العدوان والسيادة، أي ينسجون المزيد من القفازات للهمجية الحوثية.

من كان ليصدق أن صنعاء وما حولها ستقول لا لعاصفة الحزم، وعدن وما حولها ستقول نعم.
ثم ستمر هذه الظاهرة الثنائية الخطرة بهدوء ولن تثير لعاب المثقف اليمني! وحتى الآن لم أقرأ موقفاً جلياً وشجاعاً ومباغتاً سوى للروائيين المعروفين: علي المقري وحبيب سروري..

ولولا ضربات التحالف التي تحاول خلق مجال أمان حول عدن وتعيق تقدم الهمجية الحوافيشية لكانت عدن الآن ركاماً.

يرى صالح والحوثي تلك المدينة كرتاً. وصالح هو رجل الكروت الأشهر كما يلاحظ الكاتب السعودي خالد الدخيل. ولا يرى صالح صور البشر على الكرت، يرى فقط الزمن. وفي الوقت المناسب يحرقه أو يغمسه في البنزين.
وعدن تحترق الآن لأن صالح يريد طرح شروط قوية. والحوثي طلب منه أن يجلب كل اليمن، فإيران لا تريد منه جبالاً. وقد كتبت هذا الأمر قبل عام من الآن وبنفس الكلمات عندما كانوا يقولون عني طائفي. وقلت إن الرجلين سيحرقان عدن، وأني لست ضد الهاشمية التي تنجح في الاندماج مع العالم، بل ضد الهاشمية على الطريقة اليهودية، وخرافات الامتياز وضرورة السيادة على البشر. وها هي الهاشمية السياسية مسنودة بالعصابات والمشاربع القبلية المدمرة تجتاح شمس العرب في القرن العشرين، عدن.
بينما يتشاغل المثقفون بالحديث عن السيادة
والساسة بالرغي حول الوحدة
ويعيش المجتمع متفرجاً، وخائناً.

اقرؤا هذا التعليق لشاب من عدن اسمه عبد اللطيف محمد:

“ادﺧﻞ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﻴﺲ ﺑﻮﻙ ﻭﺷﻮﻑ ﻛﻞ ﻫﻤﻬﻢ ﻭﺑﻜﺎﺋﻬﻢ
ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻨﻊ ﺍﻟﺰﺑﺎﺩﻱ ﺍﻟﻲ ﺣﺮﻕ ﻭﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻨﻊ ﻣﺪﺭﻱ ﺃﻳﺶ
…ﻣﻌﺠﺰﺓ ﻟﻮ ﺷﻔﺖ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺪﻳﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﺑﻌﺪﻥ ﺃﻭ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﺎﻳﻘﻮﻟﻮﺍ
ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺩﻭﺍﻋﺶ ﻭﺗﻜﻔﻴﺮﻳﻴﻦ …ﻛﻤﻠﻮﻧﺎ ﺩﻭﺍﻋﺶ ﻭﺗﻜﻔﻴﺮﻳﻴﻦ ﻭﻣﺼﻨﻊ ﺍﻟﺰﺑﺎﺩﻱ ﺃﻏﻠﻰ
ﻣﻨﻨﺎ ﻭﺑﺎﻷﺧﻴﺮ ﻳﻘﻮﻟﻚ ﻟﻴﺶ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻳﺸﺘﻲ ﻳﻨﻔﺼﻞ !! ﻟﻸﺳﻒ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻗﺘﻠﻨﺎ
ﻭﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺧﺬﻟﻨﺎ.”

م. غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version