تحليل خرطة إيشيكاوا…


تحليل خرطة إيشيكاوا

تحدثت فى التعليق السابق عن إنشاء رسمة إيشيكاوا، وسأتحدث الآن عن تحليلها. قد تكون الرسمة بسيطة كما فى المثال الذى ذكرته فى ذلك التعليق، أو معقدة كما فى المثال المرفق هنا. فى أية حالة الهدف فى الخطوة التالية هو شطب أكبر عدد ممكن من الأسباب التى تمخض عنها العصف الذهنى فى حموته، والتركيز على قلة منها هي الأكثر إشتباهاً. ما هي الطرق التى يمكن إستخدامها لهذا الغرض؟ هذه بعض الأمثله:
• السبب المقترح لا يمكن علمياً أن يؤدى إلى المشكله
• السبب لا يمكن منطقياً أن يؤدى إلى المشكله
• توجد تجربة عمليه يمكن إجراؤها تسمح بإزالة هذا السبب من الإعتبار
• …

أفضل التجارب (الذهنية أو العملية) هي التجارب التى تؤدى إلى إخراج فرع بأكمله من المناقشه، أو عدد من الأسباب مرة واحده. على سبيل المثال – إذا كانت المشكلة تحدث فى ماكينتين فى نفس الوقت، إذاً الماكينة (وكل ما يتفرع منها) ليست السبب. ويستمر التحليل حتى يتم تدوين قائمه بالأسباب المشتبه فيها.

هنا لا بد من ذكر مبدأ آخر من مبادئ حل المشاكل على الطريقة اليابانيه، وهو ‘مبدأ پاريتو’ (Pareto principle). هذا المبدأ له عدة صيغ مختلفه، لكن الصيغة الأنسب لموضوعنا تقول إن “٨٠% من أي مشكله يرجع إلى ٢٠% من الأسباب.” ومغزى مبدأ پاريتو هو: “لا تشتت جهودك فى محاولة علاج كل سبب ممكن! هناك سبب واحد أو إثنين سيؤدى علاجهما إلى حل أغلب جوانب المشكلة. ركز جهدك عليهما.” لذلك فالخطوة التالية هي ترتيب الأسباب حسب الأهميه حتى يمكن تطبيق مبدأ پاريتو وإختيار السبب أو السببين الأكثر إحتمالاً.

سيقول قائل: ما هذا الكلام البدائي بالمقارنة إلى ما درسته فى الكلية من معادلات تفاضلية وتنسورات وهاميلتونيانات؟ حسناً يا صاحبى. هذا الكلام البدائي هو الذى جعل اليابان ما هي عليه الآن. كيف ذلك؟ لأنه وسع دائرة ‘إمتلاك’ المشكلة، وأعطى العاملين على مختلف درجاتهم إحساساً بأنهم شركاء فى النجاح وشركاء فى الفشل، وإستفاد من أن عامل تشغيل الآلة قد تكون له نظرة أو معرفة غير متاحه للمهندس أو للمدير.

لم يلقى علم الجودة رواجاً فى الولايات المتحدة على الرغم من محاولات جادة لتدريسه. يكمن تعليل ذلك فى عمق الإيمان بالمبادرة الفردية عند الأمريكيين. المجتمع الأمريكى يعجبه “البطل” الذى يقهر المشكلة بمجهوده الفردي. (وهذا الشخص يتوقع أن يكافأ بالترقية أو بزيادة المرتب، أو أن يخرج لينشئ عملاً خاصاً.) لذلك لا يوجد حافز للعمل الجماعي. أغلب الظن أن هذا لن يتغير، وسيظل الإقتصاد الأمريكى متفوقاً فى النشاطات التى تعتمد على المبادرة الفرديه، مثل الإختراع وإنشاء أعمال جديده، وستظل مجتمعات الشرق الأقصى متفوقةً فى جودة التصنيع.


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version