توعية وتثقيف

المصريون و ترامپ…


المصريون و ترامپ

كثيرون من المصريين، فى مصر وفى المهجر، يعشقون ترامپ. لماذا يا ترى ؟ هل هو قائد ملهم غيّر مسار التاريخ، (كإبراهام لنكولن، مثلاً)؟ هل هو زعيم ثوري (transformative) غيّر المنظومة؟ هل هو إداري عبقري إنتشل الدولة من أعماق أزمة طاحنة (مثل فرانكلين روزڤلت، مثلاً)؟ لا … لا … و لا … ما هو إلا ‘نطع’ أبيض طويل عريض يتسم بالسوقية والتفاهة و ضحالة الفكر. و هذه الصفات، على ما يبدو، هي مُثل عليا عند أولئك.

ترامپ فشل فى ٣ زيجات و أشهر إفلاسه ٦ مرات، و صدرت ضده أحكام قضائية لأنه أنشأ جامعة وهمية لسرقة فلوس الناس، و جمعية خيرية للتحايل على قوانين الضرائب؛ و لأنه إعتدى جنسياً على نساء، … و هناك قضايا أخرى منها رشوة عاهرة لكي لا تفشى علاقته معها، و محاولة قلب نظام الحكم … و غير ذلك. لماذا يصير شخص مثل هذا بطلاً عند بعض المصريين؟

يقولون إنه متعاطف مع مصر و رئيسها. هذا هراء لا أساس له، لكن لنفترض جدلاً أنه صحيح – هل تحب شخصاً فاسقاً كذاباً نصاباً لمجرد أنه يحب بلدك أو رئيسها؟ أو، بالأصح، لأنه ضحك عليك و أوهمك أنه يحب بلدك و رئيسها؟ هذا بالضبط هو ما فعله ترامپ تجاه العرب – إبتسم فى وجوههم و رمى لهم بضعة عظمات كلامية لم تكلفه شيئاً (مثل “?Where’s my favorite dictator”) و فى نفس الوقت نقل سفارة الولايات المتحدة فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.

ثم تبع ذلك بلوي أذرع العرب لتطبيع العلاقات بدون مقابل. و كان تطبيع العلاقات هذا هو الورقة الوحيدة و الأخيرة التى يحتفظ بها العرب فى محاولتهم للحصول على حل مقبول لإخوتهم الفلسطينيين. و كبائع عقارات متمرس، وضع ذراعه حول أكتافهم، و تغزل فيهم و هو يعطيهم الخازوق (shaft). و مثلهم مثل المتخلفين عقلياً، سعدوا بالإبتسامة، و بالحصان الحلاوة، و هم يأخذون الخازوق.

كيف يكون ترامپ متعاطفاً مع العرب و هو الذى أصدر أمراً صريحاً بمنع المسلمين من دخول أمريكا؟ (و لولا نزاهة القضاء الأمريكى لكان هذا القرار ما زال سارياً.) كيف يكون صديقاً للمصريين و هو الذى نعت بلدهم، (ضمن سائر بلاد العالم الثالث،) بأنها ‘shit hole’ ؟ كيف يكون نموذجاً للنجاح وهو الذى مات خلال فترة حكمه أكثر من مليون أمريكي من ڤيروس كوڤيد، (بينما مات فى الصين فى نفس الفترة عُشْر ذلك، والصين تعدادها ٤-٥ أضعاف تعداد أمريكا.)

من أطرف الأمور أن المتيمين بحب ذلك المزواج المطلاق الكذاب النصاب الذى يعاشر العاهرات و يتباهى بالإعتداء على النساء … هم أنفسهم الذين يتشدقون بالقيم الأسرية و الأخلاقيات الشرقية؛ هم أنفسهم الذين يهرعون إلى دور العبادة مبكرين، و لا يغادروها إلا مغصوبين. “كيف هذا يا فلان!؟” “و الله دى حاجة و دى حاجة – هو صحيح كذاب، لكن دا لزوم السياسة؛ هو صحيح نصاب، بس دا لزوم البيزينس؛ أما موضوع النساء و العاهرات، فهذه أمور شخصية … غير كدا هو راجل فُلَّلى و بتاع ربنا مِيّه فى المِيّه!”

سواء أدركوا هذا أو لم يدركوه، أنصار ترامپ يشكلون عبادة ناشزة (cult). و هذه العبادات تتسم بالولاء المطلق و الإنصياع غير المشروط للمعبود مهما فعل و مهما قال. وقد عبر ترامپ نفسه عن ذلك عندما قال ما معناه: “أتباعى سيظلون معى حتى لو أطلقت النار على إمرأة عجوزة فى مانهاتن فى عز النهار.” أما ماذا يجعل شخصاً يبدو على السطح عاقلاً يسلم نفسه لمثل تلك العبادات، فهذا لغز من ألغاز النفس البشرية لا نعرف له تفسيراً.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Farid Matta فريد متا

كاتب ادبي

‫6 تعليقات

  1. ترامب هو كل ما هو سيء في راس دوله امريكي

    و (ميزته !!) الرئيسيه في وقت تجنح فيه المؤسسيه الامريكيه establishment
    لسياسات تتناقض مع مصالح العديدين من مكونات سكان كوكبنا
    و تستثمر كما لك تستثمر ادارات سابقه في عسكره الاقتصاد الدولي الي الحد الاقصي و اثاره مشاكل في كل الدتبا لاعاده رسم الخرائط الفعليه او السياسيه
    هي تعمد مضايقه المؤسسيه استنادا الي قاعدته الانتخابيه العريضه ( قاعدته ايضا اشكاليه !!)

    في سوريه يقوم بضرب صوري لاراضيها بالاطارات مع الفرنسيين و الانجليز بدلا من توقيع ضربات مؤثره

    في مصر يتعامل مع اداره ما بعد يونيو
    و يفشل عمليا موضوع صفقه القرن بفرضها كما هي و بشكلٍ لا يمكن قبولها

    في سد اثيوبيا يعرض حلا
    ( عناصر في المؤسسيه الامريكيه امرت المسؤولين الاثيوبيين بالمغادره الي بلادهم و عدم توقيع اي شيء )

    يتفاهم مع بوتين

    و يحيل الخلاف مع الصين الي امور يمكن حلها
    و ليس تصعيدًا في المضايق مع تايون

    يعادي اردوجان

    بل و يطرح اعادة فتح اوراق اغتيال كينيدي ليعلم ( الشباب )الحقيقه

    هو حاله خاصه

    و لكن ايضا كثير من الرؤساء الامريكيين كانوا حالات خلصه

    اخر رئيس ب صلاحيات كامله كان روزفلت .

  2. لا اعتقد ان اي عاقل يعتقد ان اي رئيس امريكى يحب او يميل هواه الي المصريين او العرب حتى لو كان محبا المصريون القدماء اما هذا التزامي فهو مثال واضح للشخصية الراسمالية الامريكية وما استحلته من الاستيلاء علي خصوصيات الاخرين. كاوبوي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى