الأمية الإحصائيه (٣)…


الأمية الإحصائيه (٣)

كانت شركات التأمين تعرف أن حوالى ٢٤٥ ألف شخص سيموتون فى كاليفورنيا سنة ٢٠١٨. وعملوا حساباتهم على هذا الأساس. وبالفعل مات هذا العدد (زائد أو ناقص خطأ بسيط معمول حسابه فى حدود ٢%،) وكانت أرباح شركات التأمين نحو ما توقعته. كيف كانوا يعرفون ذلك؟ الناس لم يتفقوا على توقيت موتهم. وشركات التأمين لم تساهم فى موتهم. فكيف عرفوا؟ هذا يا صاحبى هو قانون الأعداد الكبيره والنظم العشوائيه. إذا تابعت بضعة أشخاص وحاولت التنبؤ بمواعيد وفاتهم، فستخسر الجلد والسقط. أما فى حالة ٤٠ مليون شخص، فيمكنك التنبؤ بثقة عالية كم منهم سيغادرون هذا العالم إلى جنات الخلد فى أية سنه، بل فى أي شهر وأي يوم.

وهذا ما مكن مؤسسة الإيكونوميست من إستنباط العدد الحقيقى لموتى الكورونا فى مصر ، (وهو حوالى ١٣ ضعف العدد المعلن.) كيف فعلوا هذا؟ راجعوا عدد الوفيات فى السنوات السابقه، وهو عدد لا يختلف من سنة إلى سنه إلا بنسبة صغيرة. ثم وجدوا عدد الموتى فى سنة الكورونا فإذا به أعلى من المعتاد بقدر يزيد كثيراً عن التناثر الطبيعى للأرقام من سنة لأخرى. هذا الرقم هو ما نسميه “فائض الوفيات”. وبما أنه لم تكن فى تلك السنة أسباب أخرى تعلل فائض الوفيات سوى جائحة كورونا، لذا يمكن إرجاع هذا الفائض للسبب الوحيد المرصود، وهو هذه الجائحة.

لا يستدل من هذا أن الحكومة المصرية تزيف الأرقام. السبب الأرجح هو أن الكثيرين يموتون فى بيوتهم فى هدوء، ويقول أقاربهم إن الأعمار بيد الله، ولا تسجل الحكومة سبب الوفاة على أنه كورونا بحجة عدم وجود تشخيص رسمى يفيد بأن الفقيد كان مريضاً بهذا المرض تحديداً. يحدث هذا فى كل البلاد، ولكن النسبة أعلى فى المجتمعات المتخلفة مثل مصر والهند والولايات الأمريكية المناصرة لترامب.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version