مفكرون

Johnny B. Good | دروس في المنطق: افاق الثورة السلمية ومستجدات الوضع الراهن ظهر في القرن

دروس في المنطق:

افاق الثورة السلمية ومستجدات الوضع الراهن

ظهر في القرن العشرين شخصيات عظيمة مثل الدكتور مارتن لوثر كينغ ونيلسون مانديلا ومهاتما غاندي استطاعوا تغيير مجتمعاتهم نحو العدالة والحرية والإستقلال, وهذه الانتاصارات والانجازات التي حققتها لم تكن تنجح إلا بأسباب العوامل المؤثرة على الصعيد السياسي العالمي المتمثل بوجود الاتحاد السوفيتي انذاك وامركيا وهما قطبان كانا في حرب باردة يتحاربان بنشر ايديلوجيتهما في انحاء العالم .

فهذان القطبان كانا يدعمان حركات الجماهيرية والثورات والثورات المضادة في المناطق الساخنة في محاولة كل طرف حصد ما يستطيع لجانبه او لإحتواءه في دائرته, فيكون الصراع (في دول العالم الثالث) ذات طابع عنفي عن طريق الانقلابات العسكرية او حرب اهلية وقتل وإعدامات وقمع الشعوب, وفي حالات اخرى يكون الصراع على الغالب ايديلوجي (في دول اكثر تحضراُ وتطوراُ مثل دول شرق اوربا) من حيث توجه الدعاية الديموغوجية او إتهمات كل طرف ضد الاخر عن طبيعة عدوانية النظام وما تعاني منه الشعوب, فكان من المؤكد ان كل طرف يحاول ان يطغي صورة جيدة او نستطيع القول سمعة حسنة في الدفاع عن حقوق الإنسان وحريته والعدالة الإجتماعية والاقتصادية والتحرر من قطب الاستعمار او الإحتكار الرأسمالي او من قطب الاتحاد السوفيتي.

اليوم ليس كمثل الامس, فنحن نعيش في القرن الواحد والعشرين بدون وجود الاتحاد السوفيتي الذي انهار في بداية التسعينيات من القرن الماضي, واصبحت امريكا القطب الوحيد الذي لا منافس له, فلا حاجه لها لإخفاء وجهها القبيح وقذارة تصرفاتها في العالم, ونستطيع ان نرى ذلك في تدخلها في حرب الهرسك بحجة الدفاع عن المـ///ــلمين (الذين هم بالاصل وجودهم جاء عن طريق الإرهاب العثماني) في البوسنة وهم بالاساس لإسقاط اخر قلاع ما تسمى بالمنظومة الشيوعية او الإشتراكية اليسارية,

طبعاُ لا يسعنا المجال في ذكر غزو العراق ولا نستطيع ان نذكر التدخل في ثورات الربيع العربي وإسقاط انظمة بدون بديل لها وذلك بعدم وجود رادع وامريكا تعلم جيداُ بان الحركات الإـ///ــلامية التي استولت على الفراغ السياسي الذي تركه الاتحاد السوفيتي لا تهدد مصالحها بل العكس هو الصحيح, فالحركات الإـ///ــلامية وسيطرتها على الحكم له مصلحه فهي تنتج لها ارباح هائلة في تهديد السعودية والخليج وبيع الاسلحة وحصر القتال بين الطائفتين الشيعية والسنية والتخلص من شرهم.

لنعود الى موضوعنا الاساسي عن نجاح الثورات السلمية في السابق لأسباب اسلفنا عنها في الاعلى لنعول النجاح في سياسة الحرب الباردة بين القطبين والعوامل التي كانت تؤثر على سياستهما الخارجية, وامريكا اليوم التي اصبحت القطب الاوحد في السياسة العالمية وبالاخص سياسة ترامب لم تعد تكترث بحقوق الأنسان ولا العدالة الإجتماعية, فقوة الاقتصاد وقيمة الدولار والتفوق العسكري هم من العوامل الرئيسية التي تخضع لها دول العالم, فلا يهمها امريكا طبيعة الانظمة في الدول العربية والاـ///ــلامية لانها في النهاية ستنضم الى فلك الدولار الامريكي.

إنطلقت الثورة العراقية منذ بداية اكتوبر بشكل سلمي, وهذه الثورة متكونه بالاساس من عناصر شبابية ضاقت عليهم الحالة الإقتصادية الى درجة غيرت التراكمات ونزلت الى الشارع غاضبة ومعلنة الموت ام الحياة بكرامة, وإستمرت بسلميتها الى يومنا هذا بالرغم من إستمرار المذابح التي حصلت على أيدي الاحزاب التابعة لإيران والمليشيات الدينية التي هي الوجه الاخر لداعش, وعلى ما يبدو ان الاخير ليس لديه او لم يبدي اي رغبة في التخلي عن السلطة, فهو متمسك بها بقوة ودعم من إيران وبتغافل او تجاهل امريكا والرأي العام العالمي, لان حكومات الاخير هي ايضاُ مستفادة من الوضع الراهن.

ذكرت سابقاُ بان من غير الممكن على الثورة ان تستمر بهذا الاسلوب السلمي من غير كسب التأييد العالمي لها, فعلى حسب علمي, كل ما حصلت عليه الثورة هي إدانة بعض الدول لتصرفات القمعية لحكومة العصابات والمليشيات الدينية, فلم نجد اي إدانة او عمل ملموس من قبل الدول الكبرى ومن ضمنها امريكا, ولم نسمع من الاخير بتحذير إيرن عن التدخل في الشؤون العراقية او مساعدة السلطة بقتل المتظاهرين وإختطافهم وتعذيبهم, فعلى الثوار العراقيين ان يدركوا بان التعاطف من قبل القوى العالمية مفقود ولا سيتم يوماُ مهما بلغ عدد الضحايا, فالوقت ليس بصالح الثوار والزمن ليس مثل زمن غاندي ومانديلا ومارتن لوثر كينغ.

بدون استعمال التكتيك الثوري والتغير في الاساليب بإستمرار لطش الفزع والخوف في قلوب الاعداء, ومن ضمن التكتيك الثوري والعمل النضالي بإساليب مختلفة هو نشر صور المجرمين المتورطين في قتل المتظاهرين, وتشكيل فرق خاصة لأنزال العقاب العادل اينما وجدوا هؤلاء المجرمين وحتى إن كان في بيوتهم وامام عوائلهم, وانشاء مجموعات خاصة مسلحة وجاهزة لصد اي هجوم على المتظاهرين, على الاقل لتخفيف من عدد سقوط الضحايا.

الثوار في ساحات الإعتصام يدركون جيدا بان نزولهم ومشاركتهم في التظاهرات تعني الموت المحتمل جداُ وهم مستعدين ان يرحبوا بالموت بصدورهم وبدون اي تردد, والاعداء من احزاب السلطة والمليشيات الدينية هم جبناء ومرتزقة مأجورين لا يهمهم غير جني الاموال ويهربون من اول ضربة توجه لهم, فحين يسمعون بإعدام افراد جماعتهم, فستجدهم يهربون من البلد او يختلفون كالجرذان في الحفر.

Mazzin Haddad, 17/02/2020 MI, USA


Johnny B. Good

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى