توعية وتثقيف

مقومات النجاح (جزء ١ من ٢)…


مقومات النجاح (جزء ١ من ٢)

طلب منى الأستاذان القديران فوزان شلتوت و علِى فرحات بأن أدلى برأيى فى موضوع هما فيه بلا شك خبيران، (بدليل إنجازاتهما المرموقة،) وأنا عليه دخيل. لكن تقديرى لهما لا يسمح لى بتجاهل الطلب. وكما يقول المصريون: “… غالى، والطلب رخيص.”

الموضوع، كما هو واضح من العنوان، ‘ما هي العوامل التى تؤدى إلى النجاح؟’ لكننا، بادئ ذى بدء، لا بد أن نُعرّف عن ماذا نتحدث – ما هو المقصود ب’النجاح؟’

خذ، على سبيل المثال، معلمة فى روضة أطفال تتقاضى مرتبا يكفيها بالكاد، لكن تلاميذها يعشقونها، ويتطلعون إلى الذهاب إلى المدرسة كل يوم ليكونوا معها، وسيظلوا يذكرونها بالخير وهم وزراء و أمراء و رجال أعمال. هل نجحت هذه المعلمة فى حياتها وهي لا تملك شيئاً و لا يسمح لها مرتبها أن تشترى لنفسها حتى أيس كريم فى عطلة نهاية الأسبوع؟

أم أن النجاح يعنى أن يصل الشخص إلى قمة الهرم الوظيفي فى مجال عمله؟ أو يتمكن من إنشاء شركة كبيرة، أو إقتناء عدد من العقارات و كومة من المدخرات؟

هل نجح فى حياته، مثلاً، الرسام ڤان جوخ؟ الرجل مات معدماً فى مصحة عقلية لا يملك فرنكاً صدئاً فى حسابه. والآن ها هي أعظم متاحف العالم تتبارى فى المزايدة بالملايين على أي سكتش صغير من يد الفنان العبقري. ناهيك عن السعادة التى أضفتها أعماله على الملايين من محبى الفنون.

كان بنكر هنت (Bunker Hunt) مليارديراً أمريكيا كون ثروة خرافية من المضاربة فى معدن الفضة. و كان، كالمعتاد فى أمثاله، رجلاً جِلفاً ضحل الفكر عديم الثقافة. سأله صحفي ذات مرة ما إذا كان يعرف من هو ‘ليوناردو داڤينشى’. عندما تبين أن هنت لم يسمع قط عن العبقري الفذ، و صار الصحفيون يضحكون تهكماً، صاح هنت غاضباً: “ما هي ثروة هذا ال’داڤينشى’ الذى تتحدثون عنه؟”

فى تصور هنت، و معه الكثيرون، هو نجح فى حياته لأنه كون ثروة طائلة؛ و ليوناردو داڤينشى فشل لأنه مات موظفاً. والآن، بعد عقد من وفاة هنت و خمسة قرون من وفاة داڤينشى، لا أحد يذكر ذلك البغل من تكساس، و لا أحد ينسى أمير العباقرة من فلورنسا.

فى نهاية المطاف – نحن نستطيع أن نتغنى برومانسية المعلمة الزاهدة كما نشاء، وأن نتهكم على جلافة بَنْكر هنت كما يحلو لنا؛ لكن واقع الأمر هو أن أغلب الناس ينظرون إلى الموضوع من منظور هنت – أي أن معيار النجاح فى نظرهم هو قيمة الثروة التى تمكن الشخص من تكوينها.

و حيث أن هذا هو الفكر السائد، فهو إذاً ما سنلتزم به، و على أساسه سنناقش العوامل التى تؤدى إلى النجاح فى المقالة القادمة.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Farid Matta فريد متا

كاتب ادبي

‫18 تعليقات

  1. فان جوخ ودافنشى والمُعلمة لم يختارا الفقر ، بل فُرض عليهم -أصلاً- ودعم وجوده وإستمراره سماتهم الشخصية وأخلاقياتهم السامية التى ترفض التوحش والتكالب على مغانم الحياة …. وشخصيات كتلك هى تعانى من فقرها وضيق الحياة عليها ، لكنها (لا تملك) التغيير ، حتى وأن كانت تعرف روشتة الثراء …،،،

  2. قد يكون هذا الفكر السائد..ولكنه لايعني ، حصرياً أنه الصحيح..
    اذاً ، يتعين مناقشة الموضوع في شكليه..
    علي الأقل ، نخلق فرصة أخري ، نتمتع فيها بطريقة عرضكم اللافت..
    تحياتي

  3. كما قال الساخر الفيلسوف برنارد شو .. نحن نبحث عما ينقصنا .. والحقيقة اننا نبحث عما يمتعنا … يكمل شخصياتنا … يرسم صورنا أمام أنفسنا وأمام الناس وقبل كل هذا نفعل ما نفعل خشية الله.
    كل اختياراتنا فى الحياة لها مقابل وفيها تضحيات … .
    و فى مسألة مسارات الحياة لا تجدى النصائح. وكلنا يختار ما يسعده.
    تحياتى.

  4. مفهومي الشخصي للنجاح يشمل كل ما سبق ذكره من مقومات إيجابية دون أن يخضع لما يسمي False dilemma fallacy أي الحاجة إلي “الإختيار” … و بناءا عليه فالنجاح أيا كان نوعه أو مداه يمثل نجاحا منقوصا بدرجة ما 🤔 أو هكذا أزعم

  5. النجاح هو تحقيق الهدف بطرق سليمه صحيحه لا تؤذى الغير ولا تخلف ضحايا …قد يكون الهدف أموال وقد يكون الهدف حب الناس وقد يكون الهدف بناء الإنسان ….كل واحد له هدف مختلف لذلك النجاح نسبى

  6. ك أي موضوع إنساني المسأله multi factorial . يعني متعددة الابعاد و لا يمكن تكون لها بعد واحد

    اذا كنت بصدد تعريف النجاح
    فلابد من تعريف معناه
    و ده مش سهل

    ممكن ك جراح تنجخ جراحتك
    و لكن يموت المريض

    ممكن ك قائد عسكري تنتصر في معركه
    و لكن تخسر الحرب

    ممكن ك مهني تحط في ذهنك نحاجك المهني ك هدف
    و تلاقي نفسك اجتماعيا و أسريًا خسران

    ممكن تعتبر ان الموضوع موضوع فلوس و تلاقي نفسك خسران كل حاجه تانيه .

    الموضوع علشان يبفي له معايير سليمه علي مستوي الفرد عايز تربيه ذهنيه له من وقت مبكر

    و علي مستوي المجتمع ، عايز مجتمع متوازن
    مجتمع منتج
    له معايير
    و منعكسه علي افراده

    د فرحات كان بيتكلم عن انواع الذكاء علي ما اتذكر و بيسال علي فيه ذكاء اجتماعي و ذكاء مهني ممكن يكونوا مختلفين في معاييرهم و معاملاتهم تماما عن بعض

    و دفوزان دفع ب نموذج الناجح مهنيا بينما مستواه المهني نفسه منخفض
    و يبدو ان ما يمكن تسميته النجاح الاجتماعي او التواصل بشان مهارات غير موجوده في هذه الحاله اهم من النجاح المهني بمعناه المجرد و هو اتقان العمل .

  7. اعتقد ان الرد مره اخري هو في تعدديه ابعاد التقييم

    واحد من مستويات السعاده الرفيعه هو الاحساس ب حب الناس و تقديرهم من غير شك
    سواء حصل ده من خلال مستوي عالي من الاداء المهني او من خلال التواصل الانساني الجيد بهم

    الفلوس ضروريه
    مش علشان الextravagance
    الاخير aberration انساني لان تنظيمه الاجتماعي الاقتصادي مازال بيسمح ب ان فرد يملك مليارات و اخر يدوبك اللي جاي علي قد اللي رايح
    بينما مجهودهم الشخصي المبذول للارتزاق لا يمكن تكون نسبته لبعضه ب هذا الشكل
    الفلوس ضروريه لانها الوسيله لتحقيق القدر من الاستهلاك اللي ما يخليش في احساس ب حاجه او حرمان ( بمعناهم الواسع )

    النجاح المهني مهم
    و الا الدتبا مش ح تتقدم
    صاخب الابتكار
    و صاخب الرؤيه الجديده
    و صاخب الابحاث العميقه
    هم اللي بيخلوا حياتنا تتغير علي الدوام الي الافضل و الاكثر راحه و الاعظم قيمه

    و في النجاحات اللي بنوصفها عمليا ك نجاخات صغري
    زي النجاح في علاقه
    و النجاح داخل حدود الاسره في تكوينها و التعانل داخلها و رحلة الحياه التي تمثلها و ثمارها
    و رغم انها في العاده لا تصنف ك نجاحات كبري
    الا انها من اهمها
    و بدونها قد تصيح النجاحات الاخري مفرغه من معناها

  8. حضرتك لو دخلت الي معيار النجاح من باب الثروه ح تخرج بالتاكيد الي مواضيع اخري لابد من التطرق ليها

    زي اسلوب انتاج ثروه في مجتمع ب عينه

    و طريقه توزيعها

    و انعكاس هذا علي البني الفوقيه من سياسه و اداره و اجتماع و سلوك و مفاهيم عن العلاقات الانسانيه و الدين و علي العقد الاجتماعي

    لان النجاح في الواقع هو محصله كل هذا

    و اذا كان الغرض هو الاجابه عن سؤال عن كيفية النجاح

    ف الانتظار ح يبقي في الواقع ل وصفه نفاذ من خلال الواقع الذي يمثله ما سبق

    و في الغالب و لارضاء المطالع
    حتنتهي الوصفه الي تكريس حاله استاذ حمام

    او المجتمع الذي لا يقدر مهارات من فيه
    و بتاع القهوه و الكلب لابسين باشوات
    و الباشا لابس جنايني !!!!

  9. المال عنصر مهم من عناصر النجاح لكنه ليس العنصر الوحيد بل هناك كوكتيل منها و هناك أولويات.. السعادة و الاستقرار الأسري.. تحقيق الذات في مجال العمل… التطوع و العمل الخيري.. الاستمتاع بوقت فراغ.. دوام و نجاح العلاقات الاجتماعية مع الأسرة الممتدة و الجيران و الأصدقاء..

  10. لا أدري..قد يكون سر النجاح الحمقى وليس الأذكياء، خذ مثالا، عندما كان ترامب مرشحا للرئاسة إبان حملته الإنتخابية 2016 هاجم مرارا وتكرارا المثقفين الذين انتقدوا افتقاده للمضمون، إذ قال على نحو معروف:أحب ذوي التعليم المتدني وطالب الرئيس أوباما بإثبات جنسيته الأمريكية

  11. أولا باشكر حضرتك على الإطراء اللطيف والمقال المهم. ثانيا، أعتقد إننا بندور على مقياس أو معيار مطلق للنجاح بالمعنى الرياضي. هو ممكن نقيس النجاح بالأثر اللي تركه الشخص فيمن حوله واتساع دائرة هذا الأثر، وبالطبع اتجاه الأثر سواء بالسلب أم الأيجاب. فحد زي هتلر أو نابوليون أو الإسكندر الأكبر أو هانيبال تركوا آثارا عميقة على البشرية، هل هذه الآثار معيار للنجاح؟

    الثروة قد تكون وسيلة للسعادة الشخصية، لكنها ليست معيارا للنجاح طالما لم تسهم في بناء مؤسسي لتوسيع الفائدة أو السعادة على دائرة من البشر.

    ودي طبعا مجرد وجهة نظر حضرتك اللي ساهمت بالأساس في بناءها بمقالك الشيق.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى