كتّاب

الى الشاعر اليمني مروان الغفوري


طلب صداقة عبر صحيفة الحياة الجديدة، الفلسطينية..

فخور بصداقتك.

ــــــ

الى الشاعر اليمني مروان الغفوري
وائل مناصرة *
ـــــــ

صديقي مروان

اولا، اعرف انك لا تعرفني واعرف انه سيكون مستغربا ان أزعم انك صديقي ولهذا أجد لزاما علي ان اعتذر منك واليك لانني سطوت على قائمة اصدقائك وسجلت اسمي فيها عنوة دون اذنك ورغما عنك.

اغفر لي يا صديقي وسامحني وارجوك ان تقبل اعتذاري مشفوعا بحسن النية والكثير من الحب.

لا اعرف تحديدا لماذا اخترت الكتابة اليك ولا اعرف ايضا في اي منفى انت ولا اعرف ان كانت رسالتي ستصل اليك .. كل ما اعرفه الان وفي هذه اللحظة بالتحديد انني ارغب بالكتابة اليك. لماذا؟ لا تسألني فانا اجهل تماما السبب . ربما هي الرغبة في البوح ومشاركتك بعضا من حزني وخيبتي وهبلي وبعضا من جنوني.

انا يا صديقي لا اعرف شيئا عنك سوى انك شاعر وطبيب يمني “كان يحلم بوطن على شكل مكتبة وحياة سلسلة على هيئة مقهى وحرية صافية تحرس ليلك الجبلي الطويل” لكنك الان مخذول وتائه ومهزوم ولديك فائض من الوجع والخيبات والاحلام والامنيات الكسيرة بعد ان سقطت اليمن التي تحب في قبضة العتمة والتوحش والموت وبعد ان تحولت بلادك الى مقبرة تلتهم كل ما هو جميل ونبيل .

صديقي مروان ،، بالصدفة والله بمحض الصدفة تعثرت بك .. كنت اجلس خلف جهاز الحاسوب في مقر الصحيفة، حيث اعمل، وكنت ابحث عن صورة تعكس حال اليمن اليوم لكي انشرها برفقة خبر كان يتحدث عن سقوط صنعاء في قبضة القتلة وكان ذلك عند ساعات الفجر.

وفيما كنت أتجول بين بحر من الصور طالعتني صورة للجنرال اليمني علي محسن الاحمر وبجانبها نص يقول ” الى الجنرال علي محسن الاحمر .. وفي اللية الظلماء يفتقد البدر”.

إستوقفني النص وقلت لنفسي من هذا الذي يفتقد جنرالا ويشبهه بالبدر؟

ولاننا بشر قادني الفضول الى قراءة رسالتك الى الجنرال وليتني ما فعلت.

قرأت رسالتك الى الجنرال وأحسست بعد الانتهاء منها برغبة في قراءاتها ثانية وهذا ما حدث وبعد ذلك انتابتني رغبة جامحة بالبكاء وبكيت.

نعم بكيت يا صديقي بمرارة وحسرة وحزن ومن يومها وانا احس بشيء يربض على صدري وينهش قلبي ويكسر روحي ويحيلها الى زجاج مطحون.

ليلتها تراءت لي كل العواصم المفجوعة والمذبوحة وحاصرتني وجوه اليتامى والارامل والمقهورين في صنعاء وبغداد ودمشق وطرابلس والقاهرة وبيروت وتونس وقبلها في القدس والخليل ونابلس وغزة ورام الله وجنين وفي كل حارة من حواري فلسطين.

هل تكفي رسالة من شاعر مهزوم الى جنرال مهزوم كي تفعل فيٌ كل الذي فعلت؟ . لا اعرف، ولكني اعرف شيئا واحدا ان من أضاعوا احلامهم واوطانهم كثيرا ما يتشابهون.

انا مثلك تماما يا صديقي .. ضاعت احلامي وبلادي وخسرت مثلك الكثير من الامنيات والاحلام وودعت مثلك كثيرا من الاصدقاء وسلمتهم للغربة والمقابر والهزائم والجنون.

انا مثلك يا صديقي مكروب ومهزوم وخائف وتائه وحزين بعد ان صارت بلادي التي أحب كهفا معتما ومرتعا للبؤس والهزائم والخيبات والمشعوذين .

انا يا صديقي مثلك تماما خسرت بلادي مرات ومرات .. مرة بعد ان سقطت في قبضة الاحتلال ومرة بعد ان صدقت ان الاوطان تحفظ وجوه محبيها ولا تتنكر للعاشقين ومرة بعد ان إستحالت بلادي الى مسرح باهت نتقمص فيه نحن دور البطل ودور الضحية ودور المهرج اذا شئت في عرض هستيري ومكرر وممل وطويل.

انا مثلك تماما يا صديقي .. كنت أظن ان للاوطان قلب وعيون وقدرة على صناعة الجمال والحب والشعر ومواجهة الخراب بعناد ويقين، غير انها ويا لخيبتنا صارت لا تنتج سوى الوهم والخديعة والبشاعة ولا تسلم قلبها ولا تفتح ذراعيها الا الى الكذبة والمدعين.

انا مثلك تماما يا صديقي متعب وموجوع ومخذول وخائف على بلدي ومثلك لا ألمح في الانحاء سوى وجوه كل اؤلئك الذين ضاعوا وتاهوا في الدرب الطويل.

انا مثلك يا صديقي، أحاول عبثا ان أرتق ثقوب قلبي وان أتسلق جدران الخيبة واليأس وان اواصل الحلم متكئا على الامل الذي صار زادنا في هذا الزمن الموحش والقاحل تماما مثل ارواحنا التي يقتلها الحنين.

انا مثلك تماما يا صديقي أبحث عن وطني الذي أحب ولهذا ربما أخترت الكتابة اليك.

ولانني مثلك ولاننا في ذات الخندق نقف معا في صف طويل من الخائبين والمهزومين والمكسورين والمقهورين ارجوك اقبلني صديقا منذ اليوم.

ذات يوم

ذات مدينة

ذات حزن

ملفات ذات علاقة

http://www.alhaya.ps/ar_page.php?id=edd64ay15586890Yedd64a

– See more at: http://www.alhaya.ps/ar_page.php?id=edd64ay15586890Yedd64a#sthash.dVShvbjM.dpuf

الى الشاعر اليمني مروان الغفوري

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫25 تعليقات

  1. كلمات جميله من ابن فلسطين الحبيبه
    الى أديب الكتاب والشاعر الأصيل الدكتور مروان كلاكما رائعين
    حفظ الله اليمن وفلسطين وسوريا والعراق وليبيا وكل الدوله ألعربيه يارب

  2. وبمناسبة هذا النص العظيم. اقترح عليك اعادة نشر مقالك في صفحتك : الى الجنرال علي محسن الاحمر وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى