الأقيال

عــــــن الــمــقــاطــعه والــتطــبــيــع ،…


عــــــن الــمــقــاطــعه والــتطــبــيــع ،

مصطفى محمودــاليمن،

أوضح موقف سياسي – حيث لا بعده إلاَّ الحرب- أنْ تُصنَّف دولة،ما بأنَّها منبوذة. كما حدث مع ” اسرائيل ” عقب الاجراءات التي اتخذتها الدول العربية. عند زرعها ، في ارض فلسطين اواخر اربعينيات القرن المنصرم ، ، ليتم معاقبتها جغرافياً بقصد تحجيم سياساتها المشبوهة القائمه ع الاحتلال ،
موقف أشبه بالسلمي( وهذا أضعف الإيمان كما يقال ) لكنه مُلّغم برواسب وتراكمات تكاد تنال منها. بالتالي ليس مهماً البحث عما كانه هذا العزل لها، ولا ماهيته، ولا طبيعته. لأنَّ واقعاً للأزمات التي أحدثتها الدولة المنبوذة أعمق من أي تصنيف. وقد تكون مصدر قلاقل وأضرار للإقليم الموجودة فيه. وبقدر هذا الوضع يأتي رد الفعل السياسي مكافئاً للآثار
المترتبه عليه ، إذن قبل ذلك: ما الذي فعلته دولةٌ ما حتى تصبح منبوذة؟! تحتاج الاجابة على هذا السؤال رؤيةً أبعد. ففي حالة اسرائيل تقع دولتها وسط برميل من الكراهية اسمه الشرق العربي الاسلامي. ولأسباب دينية واجتماعية وسياسية، ترى الشعوب العربيه كانت الدولة الصهيونية مصدراً للإرهاب تجاه السكان الأصليين. لقد اغتصبت حق الغير في الوجود بمبررات توراتية ولاهوتية سياسية. كما كانت الدولة السالفة وظيفية تحشر الشعب المحتل في فوهة بندقية الدول الكبرى. بمعنى أنها تمثل عصا غليظة لتنفيذ سياسات خارجية في المنطقة. وتقدم خدماتها الجيو سياسية لأقطاب القوى العالمية. ومن حين لآخر تصبح عميلاً اقليمياً يتلقى الدعم للقيام بأهداف غيرها.،
والدولة المنبوذة في حالة كهذه عبارة عن حالة احتلال وعدوان وإرهاب في مقابل الكراهية التي تحيط بها من كل جانب. وطوال تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي كان ثمة عزلة مقصودة من دول الجوار. وضعتها- أي اسرائيل- في خندق النبذ بعيداً عن علاقات التلاصق المكاني والزماني. حتى من كان يقترب يجرى عليه ما جرى عليها. مثل مصر أبان عقد معاهدة السلام مع اسرائيل. عندما تخلى عنها العرب وقاطعتها أغلب الحكومات القائمة آنذاك. ورغم كون الموضوع برمته سياسياً إلاَّ أن النبذ قد يصل حد التطهر من عدم القدرة على قبول الدولة المقصودة.،
إنَّ النبذ في السياسة اشعار الدولة بكونها مكروهة وبعيدة عن المشهد العام. ووضعها تحت درجة ازدراء جغرافي كأنها لدى درجة الصفر. وهي درجة التجمد في المشاعر والعلاقات المتبادلة بين الدول والأقاليم. ووقف حالة السيولة في المجالات المشتركة إنْ وجدت. وينسحب ذلك على دلالة العزل السياسي وتبعاته الاقتصادية والثقافية والعسكرية. بحيث يلغي وجودها بشكل غير تقليدي. فلئن كانت تتمتع بالموقع الاستراتيجي فإن الانعزال يجردها من معالمها الخاصة. وفي هذه المرة يكون نوعاً من التدخل السياسي كعقاب فيزيائي يحدُ من قدراتها.
نموذج اسرائيل ليس مجانياً بل شكل “عقدة تاريخية” historical complex للعرب المعاصرين. وأدخلهم في عملية تحسس أقفيتهم كلما واجهوا نكبة سياسية. ولا سيما أنّ هذا النموذج المنبوذ شكلَّ مثالاً للعب والحيل والمؤامرات في المنطقة. و بالمقابل جاء كذلك دليلاً على الحجم الاستراتيجي للدولة بغض النظر عن مساحتها الجغرافية. ففي مجالات التعليم والمعرفة والتقنيات والسياسة تساوي اسرائيل جميع الدول العربية مجتمعة. وبإمكانها أن تأرجحهم في الهواء إذا ما وضع الطرفان في ميزان القوة،،، ،، يتبع

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى