مفكرون

من مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلى…


من مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلى

رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق

فى ستينيات القرن الماضى و أثناء فترة حكم جمال عبد الناصر قامت القوات المسلحة بتصنيع صاروخين باسم القاهر والظافر وكان عبد الناصر يقول فى كل خطبه الجماهيرية إن مدى صاروخنا القاهر يصل إلى 600 كيلو متراً أما الظافر فيصل مداه يصل إلى 350 كيلو متراً ويستطيعان بكل سهولة قصف إسرائيل وشارك الصاروخان فى العروض العسكرية التى كانت تجرى كثيراً بشوارع العاصمة فى ذلك الوقت وأخذت الصحافة و الاذاعة تتحدث ليل نهار عن هذا الانجاز الضخم و قامت الحكومة بوضع نسخ معدنية من الصاروخ فى العديد من الميادين الرئيسية بكثير من مدن الجمهورية وهللت الجماهير حينما شاهدتهما وأيقنت بأن زوال إسرائيل صار أمراً محتوماً وما هو إلا مسألة وقت فكانا الصاروخين دفعة معنوية هائلة للشعب المصري !

بعد هزيمة سنة 1967م أخذ المصريون يتهامسون أين الصاروخين ؟

ولماذا لم يستخدمهما الرئيس عبد الناصر فى ضرب تل أبيب كما وعدنا ؟

و لم تكن هناك أية إجابات عن هذة التساؤلات الا الصمت الرهيب من السلطات المختصة جميعاً
وعندما إستلمت مهام رئاسة أركان الجيش لم يتطوع أحد ليخبرنى بشئ عن القاهر أو الظافر لكننى تذكرتهما فجأة و أخذت أتقصى أخبارهما الى أن عرفت القصة بأكملها لن أقص كيف بدأت الحكاية و كيف أنفقت ملايين الجنيهات على هذا المشروع و كيف ساهم الاعلام فى تزوير الحقائق و خداع شعب مصر إنى اترك ذلك كله للتاريخ ولكننى سأتكلم فقط عن الحالة التى وجدت فيها هذا السلاح و كيف حاولت أن أستفيد بقدر ما أستطيع من المجهود و المال اللذان أنفقا فيه .

لقد وجدت أن المشروع قد شطب نهائياً وتم توزيع الأفراد اللذين يعملون فيه على وظائف الدولة المختلفة أما القاهر و الظافر فكانت هناك عدة نسخ منهما ترقد فى المخازن لقد كانت عيوبهما كثيرة و فوائدهما قليله لكننى قررت أن أستفيد منهما بقدر ما تسمح به خصائصهما ولقد حضرت بنفسى بياناً عملياً لاطلاق القاهر ووجدت أن هذا السلاح أقرب ما يكون الى منجنيق العصور الوسطى لقد كان كبير الحجم و الوزن اذا تحرك فان المركبة الحاملة له تسير بسرعة من 8 – 10 كيلو متر فى الساعة و لابد أن تكون الارض صلبة و ممهدة و اذا اطلق فإنه يطلق بالتوجية العام حيث أنه ليست لدية أية وسيلة لتحديد الاتجاة سوى توجية القاذف فى إتجاه الهدف وأقصى مدى يمكن أن يصل اليه المقذوف هو ثمانية كيلو مترات وفى أثناء التجربة أطلقنا 4 قذائف على نفس الهدف بنفس الاتجاه و نفس الزاوية فكانت نسبة الخطأ 800 متراً !!

وهذا يعنى أننا إذا قمنا باستخدام هذا السلاح خلال الحرب فأن الرابح الوحيد هو العدو لاننا حينها سنقصف أنفسنا !

بالطبع كانت المخابرات الإسرائيلية تعلم الحقيقة جيداً أما الوحيد الذى لم يكن يعلم فهو الشعب المصرى و هو الوحيد أيضا الذى دفع الثمن

هكذا يتم تخدير الشعوب

من صفحة التاريخ



يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Hussein Alkhalil

الجدال والنقاش مع المغيبين مضيعة للوقت، قل الفكرة واترك له حرية التفكير، إن كان له عقل يفكّر.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى