كتّاب

الطبقة الوسطى: لا تكافل ولا كرامة…


الطبقة الوسطى: لا تكافل ولا كرامة

الخميس 19-01-2017 07:20 | كتب: سحر الجعارة |
40 عاما مرت على ذكرى «انتفاضة الخبز»، أو ما سمى أحداث 18 و19 يناير 1977، التى أطلق عليها الرئيس الساخر «أنور السادات»: «انتفاضة الحرامية».. وقتها استيقظ الشعب على قرار الحكومة برفع الدعم عن اللحوم المذبوحة والصابون والدقيق والشاى والسكر الحر والسجائر والبنزين… إلخ، الاحتياجات الأساسية لحياة كريمة.. اندلعت المظاهرات، وانتشرت أعمال العنف، حتى تراجعت الحكومة عن قراراتها، ومن بعدها تعلم الشعب «الخوف» وأتقن «الصمت» والمشى داخل الحائط وليس إلى جواره.. ثم عاد ليزأر فى 25 يناير 2011.

كان «السادات» يسعى إلى إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى بضغط من «صندوق النقد الدولى»، الذى طلب اتباع «روشتة استرشادية»، تهدف لتخفيض سعر الجنيه وتوحيد سعر الصرف، ورفع الدعم عن بعض السلع الضرورية.. فكانت النتيجة أن «السادات» لم يجرؤ على العودة من «أسوان» إلى «القاهرة» إلا بعد التراجع عن قرارات زيادة الأسعار.

الآن وبعد أن خضعت مصر لكل إملاءات «صندوق النقد الدولى» تتحدث الحكومة كثيرا عن «شبكة الحماية الاجتماعية»، ويشدد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» على حكومته أن تراعى الفئات الأكثر احتياجا.. لكن الواقع أكثر قسوة وبشاعة مما يصل إلى الرئيس من معلومات!.

القضية لا يحسمها «صمت الجماهير»، ولا عدم استجابتهم لدعوات التظاهر (آخرها دعوة الإخوان للنزول فى 11/ 11)، لأن الإذعان لما حدث فى الجزء الأكبر منه حب فى «السيسى» وثقة فى وعوده وقدرته على تخطى هذه المرحلة.. وهو ما يمكن تسميته- مجازا- «الانحياز العاطفى».. والباقى هو رؤية متأصلة داخل الأغلبية بأنه «لا بديل للسيسى» حتى ينقلب عليه البعض، ويقينا بأن مصر منهكة بما لا يسمح بثورة أخرى.. هذا إلى جانب بعض الخوف من قانون التظاهر وتجاوزات الشرطة.

نحن أمام خطوات «إصلاح اقتصادى» تسدد فاتورتها بالكامل «الطبقة المتوسطة» التى كانت مستورة، والآن تقف على أعتاب «المجاعة».

لكن سياسات النظام راهنت على مشروع «تكافل وكرامة» للمهمشين، ونقل العشوائيات لمناطق حضارية، ولم يتحسب أحد للخطر المترتب على سقوط الطبقة الوسطى.. لكن الحكومة خرجت تنفى بجرأة مجرد إعادة النظر فى الحد الأدنى للرواتب!.

لاحظ أن الطبقة المتوسطة التى تتسلح بـ«الوعى» ترى جيدا فشل الحكومة فى «محاربة الفساد»، وعجزها عن تطهير «رجالها» أو إدارة الأزمات مثل «أزمة الدواء» أو «الغلاء».. فتحمّل «القيادة السياسية» وحدها مسؤولية اختيار رجال الحكم!.

فى مصر الآن ما يزيد على 50 مليون غاضب ومحبط ومكتئب، هم الكتلة الصلبة والطبقة الحرجة فى المجتمع، والمجتمع أصبح مثل (حلة ضغط البخار)، لا مجال للتنفيس.. كل يوم يُغلق باب جديد للتعبير، (إقصاء «إبراهيم عيسى» عن الشاشة نموذجا)، ومن يعترض على سياسات الحكومة (يلبس البيجامة ويقعد فى بيتهم). لكن أبرز ملامح هذه المرحلة أن كل صاحب «منصب أو ثروة أو سلطة» لا يرى فى هذا البلد شعبا هو صاحب الحق الأصيل فى ثرواته وأصوله وخيراته (وهى كثيرة).. كل مسؤول ينظر فى المرآة ويتضخم ثم يخرج على الشعب يعايره بالديون الخارجية والداخلية، ويهدده بمصير (ليبيا وسوريا)، ويذكّره بالمؤامرة على مصر.. وكأنه يخاطبنا بأسلوب (إخبط راسك فى الحيط)!.

اليائس لا يخبط رأسه فى الصخر، إنما عادة يفجر نفسه بطريقة انتحارية فى وجه من أوصله للموت الإكلينيكى، وسرق منه أنبوب الأكسجين.. أخشى ما أخشاه أن تقرر مجموعة من اليائسين «الانتحار الجماعى».. وساعتها لن يشفع لمصر «صندوق النقد الدولى»، ولن تنقذها المتاريس والقوانين وحظر التجوال.

امنحوا الشعب بعض حقوقه بدلا من تخديره بأمل كاذب، افتحوا نوافذ الحريات بدلا من عنابر الحجز وكرابيج «الجباية».. أو على الأقل اسمحوا لنا بأن نصرخ بصوت عالٍ!!.
—-
هذا المقال تم نشره يناير ٢٠١٧

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫18 تعليقات

  1. ما يعرف بالطبقه المتوسطه هي نتاج طبيعي للنظام الإشتراكي .وهي العمود الفقري للفكر الإقتصادي الإشتراكي ..
    ودستورنا الحالي ألغي كل ما يمت للنظام الاشتراكي بصله . ومعاناة ما يعرف بالطبقه المتوسطه هي نتاج طبيعي لمرحلة الانقراض .. النظام والسياسه رأسماليه متوحشه . فالحديث عن المكتسبات الإشتراكيه مجرد عبث بل ومجرم …
    من أول حق التوظيف الذي أنقرض بل إن قانون العاملين أصبح إسمه قانون الخدمه المدنيه ولم تعد العلاقه بين الموظف والدوله علاقه تنظيميه في أطار القانون العام بل أصبحت علاقه تعاقديه شديده الشبه بالقطاع الخاص .. وهكذا ..
    فالحديث عن الطبقه الوسطي هو نوع من المتاجره السياسيه فقط .. الدستور ألغاها والقوانين تدهسها وتمحوها .. والمظاهرات والثورات للمطالبه باي مكتسبات لن تغير شيئ علي الاطلاق .. أبو بلاش إنتهي ولن يعود سواء من خلال السياسات الحاليه أو أي رئيس أو حكومات مستقبليه لن ولن ولن يحدث ..
    أذن الحديث الان عن سياساتها رأسماليه رشيده وعادله وتجيد ترتيب الاولويات فقط .. هذا هو أقصي المتاح .وهذا هو الطريق الوحيد ذو الأتجاه الواحد ولا غيره

  2. اى ذهبت القروض اين ذهبت اموال الخليج اين واين بدل ما بنشحت من كل الناس عندك كام لاعب كورة كم راقصة كم مطرب كم مغني كم راجل اعمال كم حووووت من حيتان البورصه المصريه كل دول لو الدوله اخدت منو بس 50 مليون من ثروة امورك تمام لكن للاسف كلو جاى عالغلبان .شغل المصانع اللى واقفه بلاش عاصمه ادارية بلاش اى شى خلينا فى دلوقتي وبعدها ربك يبعت لكن كلو يقولك مستقبل حد عالم الغيب هيحصل ايه

  3. الاستاذة الفاضلة / سحر الجعارة

    والان وبعد انقضاء ( ست سنوات) على نشرك لهذا المقال. : ما الجديد ؟! وما الذى تغير ؟! وما هى المشكلات التى حلت ؟!

    السنا إلى الآن نتلقى روشتات صندوق النقد الدولى وننفذ بعضها وتبطىء وتيرة الاخر ؟! لحين ضغط اخر ؟!

    السنا الى الان نلقى باللوم على صندوق النقد ونتجاهل عيوبنا المزمنة فى سلوكياتنا وطريقة اختياراتنا لمسؤولينا التنفيذيين ؟!

    السنا إلى الآن نتبارى فى كثرة التناسل ؟!

    السنا إلى الآن نتبع سياسات ومناهج تعليمية مبنية على التلقين والحفظ ونفرغ فكرة تطوير التعليم من مضمونها ونبقى على الشكليات فقط ؟!

    السنا الى الان نترك الساحة الاعلامية على شاشات التليفزيون والفضائيات لمجموعة مرتزقة من المذيعين الذين هم ابعد ما يكون عن الاحترافية الاعلامية والمخزون الثقافى التراكمى الذى يوءهلهم لادارة مناقشات موضوعات اقتصادية واجتماعية وتثقيفية تبنى قيم ومبادىء انسانية راقية وسامية ؟! ونركز على الدروشة الدينية التى عمقت التطرف الدينى بين طبقات وطوائف الشعب المصرى الواحد ؟! بدلاً من ان نعلى من قيمة العمل والاجتهاد والاخلاص بكل دقة وامانة فى تأديته والحفاظ على عدم هدر وقت العمل فى التهرب منه تحت شعارات دينية مثل … رفع الآذان والوضوء والصلاة ؟! صلى وتعبد كيفما شيءت ولكن فى منزلك وليس فى اماكن العمل … فوقت العمل مقدس وله تكلفة باهظة الثمن لا تهدرها

    اننا نحتاج الى ثورة فكرية اولاً واخيراً تقودنا للامام واصلاح ما بنا من عيوب اصبحت متجزرة بداخلنا

    يا سادة …. عدونا الاول هو الجهل وانخفاض مستوى الوعى الحضارى والثقافى للمجتمع ككل واستبداله بالدروشة الدينية

  4. استاذة كانك تصفى مانحن فيه الان تأكلت الطبقة المتوسطه واقتربت للطبقة الادنى لنا وربما كان بعضهم اوفر حظا فالشحات اذا اعطته جنيه ربما يرميه وان زدت كرما لخمسه جنيه ينظر لها باحتقار وان كنت اكرم مايمكن واعطته 10جنيه ياخذها وهو متململ لدرجه ان دخله اصبح اعلى من دخل الموظف المدرس …….اضف لهم سواق التكتك والبائع المتجول و و و فاين الطبقة المتوسطه تاااااااااااكلت

  5. يبدو أن إنتفاضة الخبز سنة ١٩٧٧ كانت أكبر مما نتصور حيث أحجمت الحكومات المتتالية علي عدم التطرق لهذا الملف حتي وصلت الأمور لما هي عليه

  6. برافو عليكي كنت بتكتب كلام شديد الاحترام، والنظرة العلمية الموضوعية بإستثناء حكاية ان الشب بيحب السيسي، دي اوفر، كمان قصة ان الفشل يعود على الحكومة قصة مش صحيحة، المسؤل الأول عن كل شيء هو الحاكم الأوحد الذي لايسمح بحرية الرأي وتداول السلطة وتعطيل الدستور، تحياتي

  7. الطبقة المتوسطة اصبحت شبه معدومة ولاتزيد عن ١٠٪؜ ولا اعتقد اي ثورة قادمة وهذا لايعني رضا ولكن له مسمى آخر.
    الثورة والتمرد هو طموح للافضل تقوده الطبقة المتوسطة.
    مفيش طموح الحقيقة والطبقة المعدمة والفقيرة لايمكن ان تقود اي تغيير سوى للاسوء.
    لا ادري !؟ اهي ارادة النظام من عدمه

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى