منشأ فكرة الناسخ والمنسوخ، هو التأكيد علي أنّ النصوص القرآنية ليست نصوصا تاريخية ارتبطت بزمن الدعوة ومكانها بالجزيرة العربيّة، بل هي نصوص صالحة لكلّ زمان ومكان.
من هنا ابتدعها بعض العلماء الأوائل (ويقال بعض الصحابة) حين ظنّوا أن هناك تناقضا وتضاربا بين بعض آيات القرآن وبعض آخر، وهي إشكاليّة تضر بقاعدة أن القرآن كلام الله أتانا به رسول الله، حيث لا تبديل ولا تعديل وليس مخلوقا هو من أوحي به اليه.
فكان ابتداع النسخ وتقسيماته، التي وصلت لأن ينسخ حديث للرسول آية صريحة في القرآن كما حدث في زواج المتعة مثلا.
فقد شرع زواج المتعة في قوله تعالى “وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا.
ثم نهي عنه الرسول يوم خبير أو يوم الفتح والذين قالوا : حرم يوم خيبر قالوا : ثم أبيح في غزوة الفتح، ثم نهي عنه في اليوم الثالث من يوم الفتح.
وقيل : نهي عنه في حجة الوداع بعد أن حلله، وأخيرا يقال أن من حرّمه هو عمر بن الخطاب.
ويشار هنا الي حديث التحليل وهو حديث صحيح “أيما رجل وإمرأة توافقا فعشرة بينهما ثلاثة أيام فإن أحبا أن يتزايدا تزايدا أو يتتاركا تتاركا “.
وهكذا أغلقوا الطريق علي كل من يري بأن فهم القرآن يجب أن يعتمد زمن نزول الآيات ومكانها وسببها والحاجة التي أتت لتلبيتها، وهي قراءة ترفض التسليم بالمعنى الحرفي الظاهري للآيات، حيث لا تبدو هناك حاجة لناسخ ومنسوخ.
وهكذا أيضا صار الفقه جامدا علي أحكام محددة تأخذ بظاهر الآيات ولا تترك طريقا لإعمال العقل وتدبر الآيات.
وبنفس طريقة الأخذ بظاهر الآيات أرادوا أن يقنعونا بصحة ذلك عن طريق آية سورة (البقرة) “ما نَنْسَخُ مِن أيةٍ أو نُنْسِهَا نأتِ بخيرٍ مِنها أو مثلها الم تعلم أن الله علي كل شي قدير” متجاهلين تعدد المعاني للفظ آية التي يمكن أن تشمل (معجزة – علامة – عبرة – دليل….الخ) ومتجاهلين أيضا أن سياق السورة كلها يتحدث تحديدا عن اليهود وشريعتهم، ولم يرد حول هذه الآية أي ذكر للقرآن أو نصوصه.
ألسنا في أشد الحاجة الي إعمال العقل واستحداث فهم جديد للنصوص يزيل هذه التراكمات التي تسيء إليها ولا تحافظ عليها كما يظنون؟
#بالعقل_والهداوة
يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات
