كتّاب

مروان الغفوري | فوق المقابر ينام الكلب عنتر، وهو الكلب الوحيد الذي ينبح في

فوق المقابر ينام الكلب عنتر، وهو الكلب الوحيد الذي ينبح في ليالي القدر. عنتر لا يموت ولا يترك المقبرة في الليل. إذا نام فإن الموتى ينامون، ولا يتبقى في الخارج سوى الليل. يثق به الموتى كما يثق المسافر بشجرة الغريب. لا توجد شواهد على القبور، لا يريد أهل الجبل أن يتذكروا الموتى، ولا أن يلهوا عنترَ عن عمله.

وهناك في الطرف الغربي من القرية منزل العَدل، وهو الرجل الذي يدون عقود الزواج وبيع الأراضي ويبقي فانوسه مضاء حتى الفجر. ولديه امرأة اسمها آمنة لا تنام حتى تمسك الفانوس وترفعه حتى يحاذي مؤخرتها وتنظر. ولا يعلم سوى الله إلى ماذا تنظر آمنة كل ليلة. تطل قرية يعقوب على قرية في الجهة الأخرى من الجبل، اسمها قرية إسحاق. قيل إنها القرية التي نزل إليها أصحاب الكهف لشراء طعامهم بعد أن أفاقوا من موتهم. الشيخ أحمد لا يصدق ذلك ولا يرى بأساً من الإيمان به.

الكهف هناك في الأعلى، حيث لا يمكن للإنسان أن يبني منزلاً أو يتوضّأ للصلاة. ثمّة منازل قليلة متناثرة على المنحدرات القريبة من الكهف يسكنها مسنّون طيبون لم يموتوا منذ مئات السنوات، ولا يحب أحد أن ينظر في أعينهم. كان بينهم رجل يقول الشعر ولكن البرق ضربه وقضى عليه. ولم يعد الناس يتذكرون من أيامه سوى ذلك اليوم الذي قال فيه، وكان يوم عيد، إنه ألّف قصيدة يقول مطلعها ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا، هم السلاطين والسادات والأمرا. وبقي ذلك المطلع وحيداً إلى أن تعاون أهل القريتين، إسحاق ويعقوب، على إكمال القصيدة بطلب من الشيخ محسن بن رسّام. كبرت القصيدة، وبقيت تكبر وكان من الممكن أن تكبر إلى ما شاء لها الله وأن تكشف من الأسرار ما لا يمكن احتماله، لولا أن البرق ضرب رجلاً من الذين يعملون على كتابتها، وكان اسمه حمود، فخسرت القصيدة بيتين أو ثلاثة. آنذاك أمر الشيخ بإنهاء القصيدة ببيت يصلي على النبي. وهكذا ختمت القصيدة بذلك البيت الذي يقول: ثم الصلاة على المختار سيدنا، محمد خير من أوفى ومن نذرا. ونجتْ باقي الأرواح من برق الجبل الغاضب. ولم يحدث قط أن كتب أحد من أهل الجبل قصيدة بعد ذلك.

ــــــ
مروان الغفوري
حرب الشيخ أحمد

مروان الغفوري | كاتب يمني

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى