مفكرون

الدكتور جلال السعيد استاذ اساتذة القلب واحد اهم الرواد الذين…


الدكتور جلال السعيد استاذ اساتذة القلب واحد اهم الرواد الذين اسهموا فى تطوير علاج امراض القلب قرر اخيرا ان يكتب مذكراته وشرفنى بان طلب منى ان اكتب مقدمه كتابه الثمين .. هذا غلاف الكتاب وهذه مقدمتى..

مقدمة

شاء القدر ان يكون طفلا مريضا معتل الصحة فآلى على نفسه أن يهب حياته من أجل شفاء الآخرين وإنقاذ حياتهم وحمايتهم من الأمراض.. فكانت حياته أشبه برحلة كفاح دائم قضاها فى صعود الجبال الشاهقة وتخطى الحواجز المنيعة ساهم خلالها مساهمة حاسمة فى إحداث ثورة فى علاج شرايين القلب عن طريق القسطرة واستحق ان يكون أحد أساطين الطب فى مصر والعالم العربى.
إنه الدكتور جلال السعيد الذى منحته الطبيعة نفسا راضية مطمئنة وإيمانا عميقا بأنه لا سبيل إلى الفكاك من القدر.. وقد دفعه هذا القدر بيد خفية لم يقو على مقاومتها نحو قمة طب أمراض القلب فى مرحلة كان فيها هذا التخصص يحبو فى مصر وكان شفاء مرضى القلب ضربا من المستحيل.
وسرعان ما ادرك أن هناك ارادة عليا ترسم له الطريق. وان هذا الطريق هو شفاء الاجسام السقيمة والتخصص فى أهم عضو من أعضاء جسد الانسان.. العضو الذى يضخ دماء الحياة فى شرايين البشر ولا يتوقف عن العمل طالما الانسان على قيد الحياة.
لكن القدر ليس مجرد قوة عمياء تجبر الانسان على السير معصوب العينين إلى مصير محتوم. انما القدر توليفة تفاعلية بين ارادة الله العليا وارادة الانسان. فإذا تلاق الاثنان فى قلب شخص صاحب عزيمة صلبة وحب للانسانية فإنه يستطيع ان يصنع المعجزات.
من رحم الضعف البدنى والمعاناة تولدت لديه ارادة حديدية وطرح على نفسه السؤال الوجودى الأبدى: ما فائدتى فى الحياة؟
كان من الممكن ان يصبح الطفل جلال السعيد كارها للحياة ورافضا للآخرين كرد فعل تلقائى لآلام المرض الذى كان ينخر فى جسده الصغير.. كان من الممكن ان ينغلق على نفسه ويرفض التفاعل مع المجتمع.
لكن طبيعته المحبة للخير وفضيلة الإيثار التى حباه الله بها جعلتاه مقبلا على الحياة محبا للآخرين وراغبا فى خدمة المجتمع الذى نشأ فيه إلى درجة ان يرفض ما يعتبره الكثيرون اقصى المنى والطموح وهو ان يكون طبيبا ناجحا فى امريكا.. أمريكا التى تعد منبع كل جديد فى العلم الحديث والطب والشفاء. رفض ان يعيش فى امريكا برغم كل المغريات وقرر ان يعود الى وطنه مصر برغم صعوبة الظروف وقلة الامكانيات العلمية والتقنية ليكرس حياته من اجل خدمة الناس.
بين يديك فى الصفحات التالية ايها القارىء الكريم مسيرة مليئة بالتضحيات والعرق والكفاح والأحلام والكوابيس تناوبت فيها لحظات النشوة وأوقات الاكتئاب.. لحظات الشك وأوقات اليقين.. مسيرة مرصّعة برجال ونساء اخذوا بيد جلال السعيد وكانوا عونا للقدر فى دفعه دفعا الى تأدية رسالته السامية فى الحياة.. وعلى رأسهم والده محمد السعيد وشقيقه صلاح السعيد والحكيم سمعان والدكتور عبد العزيز الشريف والدكتورة عبلة المشد شريكة حياته وصاحبة فضل كبير فى نجاحه وتألقه.. وغير هؤلاء كثير من الشخصيات التى ستتعرف عليها أيها القارىء الكريم من خلال صفحات هذا الكتاب.
هذه المذكرات التى صاغها باسلوب شيق الطبيب الأديب علاء عمر تكشف الستار عن خبايا شخصية استثنائية تعد من جيل كبار الرواد فى مجال الطب فى مصر والعالم العربى وتحديدا فى اساليب علاج امراض القلب والشرايين.
وقد نجح الدكتور علاء عمر فى ابراز الظروف والملابسات التى جعلت من الطفل المريض عملاقا من عمالقة الطب وكأنه يأخذ القارىء من يده فى رحلة نجاح قل ان نجد لها مثيلا فى عصرنا.
وكانت مشكلة الدكتور جلال السعيد انه محاط بدرع نفسى من الحياء يجعله يتحاشى الأضواء ويكره الحديث عن نفسه وعن انجازاته. وبقدر ما يستكشف دواخل أجساد مرضاه وينفذ الى أعماق قلوبهم، بقدر ما يتعفف عن الكشف عن كوامن ذاته أمام الآخرين. لذلك فقد تردد كثيرا قبل الخوض فى تجربة سرد حياته فى كتاب مذكرات. وظل حتى اللحظة الاخيرة يسألنى “هل أصرف النظر عن هذا الكتاب؟ وهل يستحق ان يرى النور؟”
واسمح لى ايها القارىء الكريم ان أقدم إجابتى الشخصية عن هذا السؤال فأقول: نعم. بالتأكيد. بل ان مسيرة حياة الدكتور جلال السعيد تستحق اكثر من كتاب. وثقتى كبيرة انه عندما تنتهى من الصفحة الاخيرة لهذه المذكرات فسوف تصل أيها القارىء الفاضل الى نفس هذه النتيجة التى وصلت اليها.


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫11 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى