توعية وتثقيف

الكنايه (Euphemisms)…


الكنايه (Euphemisms)

كان أتباع ترامپ يصفون أقواله بأنها “حقائق بديلة” (alternative facts). هذا التعبير ما هو إلا كناية (euphemism) عن الكذب – فكلنا نعرف أن الحقائق ليس لها بدائل. كانوا أيضاً يقولون إنه “محب للحياة” كناية عن إنه ‘رجل مزواج-مطلاق يمارس الزنى’. حتى شعار (make America great again) ما هو إلا كناية عن إسترجاع العنصر الأبيض للإمتيازات التى فقدها فى العقود الأخيره.

الكناية (euphemism) هى أداة لغوية شائعة ومفيده. يستعملها الناس عندما لا يريدون الإفصاح عن مقاصدهم الحقيقية، أو لا يستطيعون ذلك. تستعمل الكناية للتضليل (كما فى الحالة التى ذكرناها) أو خوفاً من البطش كما فى كتاب ‘كليلة و دمنة’ حيث يتحدث الكاتب عن الأسود والأرانب والقرود، وهو فى الحقيقة يعنى الحكام والأمراء والوزراء.

وأحياناً تكون للكناية إستعمالات حميده. فنحن مثلا نقول عن الطفل إنه “ذو إحتياجات خاصة” كناية عن إنه معوق، (وذلك لتجنب جرح مشاعره.) وفى مصر يقولون إنهم شعب “متدين بطبيعته” كناية عن أنهم قانعون بتخلفهم، ولا يريدون اللحاق بموكب العلم والتقدم. و عندما يموت شخص يقول الناس إنه “إنتقل إلى رحمة الله” حتى لو كان فاسداً عربيداً ولا أمل له فى رحمة الله. ويقول الفلاحون المصريون إن الشخص “بعافيه” كناية عن أنه مريض، (وهذا مثال للكناية التى هي نقيض الواقع تماماً.)

وعندما تغنى نجاة الصغيرة (*): “وأزوّق لَيْلِى وأتزّوق لأجمل وعد – وأذوّب لك فى شرباتى شفايف الورد – وأقول لك ذوق … ،” (**) فهذه كناية عن أمور لا يجوز قولها على الراديو (ولا على هذه الصفحة المحافِظه.) لكن الفنانين فى القرن الماضى برعوا فى إستخدام الكناية لتوصيل المعنى المقصود دون أن يفهمه الأطفال، (… أو هكذا نظن).

كنت ذات مرة أحاول (بصعوبة) إستخدام الكناية فى حديث من هذا النوع فى حضور حفيداتى. قاطعتنى الصغرى بإشفاق: “لا تجهد نفسك بلا داعى يا grandpa، فقد درسنا كل هذه الأشياء فى المدرسه.”
________________________

*) Little Najat was a famous female singer in Egypt in the 2nd half of the 20th century.
**) Google fails to translate the referenced lyrics. Here is what they really mean:
[I adorn my bed and beautify myself for the sweet expectations. And I mix rose petals in my nectar, then I invite you to taste the sweetness of being together …]

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Farid Matta فريد متا

كاتب ادبي

‫16 تعليقات

  1. عبر احدهم، لا اتذكر من، عن هذا المعني بشكل مختلف في بلدنا، فقال انها بلد “كأن”: كأنه تعليم، كأنه فن جيد، كأنه اعلام محترف، كأنه امن منضبط، كأنها مدن و ليست قري، كأنها معيشة مقبولة….. و اشياء اخري تضع الفرد تحت طائلة “كأنه قانون”.

  2. كالعاده ، المقال ممتع ويحث علي التفكير وهذه واحده من مزاياك دكتور فريد..
    ظني أن الكناية يتم استعمالها في عباره أو جمله محدده وقد تتكرر
    ولكن عندما نصف أسلوب كتاب بالكامل مثلما في كليله ودمنه ..حينها تكون
    ” رمزيه أو اسلوب رمزي ” كما نقول علي أسلوب نجيب محفوظ في كتابه
    ” أولاد حارتنا “

  3. اتعرف يافريد
    هذا الترامب لم الصوره يوما رئيس حقيقى لأكبر دولة فى العالم كنت اقول عنه كيف اختاروه هذا المهرج الهزلى الغير متزن عقليا ولا يصدر كلاما منطقيا ابدا فى اى موضوع .

  4. رؤية سليمة سواء لرمزية اللغة أو رمزية كلام أتباع ترامب، ومعظمهم يعرفون أنه محتال وبلطجي لكن ما دام هو البلطجي بتاعنا احنا يبقي ينفع

  5. العرب يسمون هذا النوع من الكناية: (التعريض) أي تعبير تلطيفي لتجميل الحقيقة الصادمة غالبا. وهو ليس كذبا على اي حال. مقال رائع يا دكتور.

  6. الساسة عادة يتكلمون “بالحقائق البديلة”، لكن ملفوفة بالسلوفان، لكن ترامب كان جلفا،.. ما كان يثير جنونى فى ترامب، هو تظاهره بالقداسة، و استعمال الدين لجذب العامة و الدهماء، بإستثناء بعض مؤيديه الذين يأخذون صف الجمهوريين كرها فى على لا حبا فى معاوية

  7. د فريد انا عمري ٧٠ سنة سمعت اغنية نجاة مرات لاتحصي ولم افهم القصد من كلماتها الا بما كتبته في هذا البوست..
    بالمناسبة يقال ان النحاس باشا منع اذاعة اغنية فريد الاطرش ياعوازل فلفلو لما تمثله من انحطاط اخلاقي بكلماتها الخارجة عن حدود الادب🤔

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى