إنعدامُ دليل الأُضحية من الكتابِ
وفسادُ الأدلة المنسوبة إلى السُنة
لا يوجدُ أي دليلٍ من الكتاب – وإن من قبيل الايحاء الضمني – بأهمية او سُنية الاضحية على المسلمين بمناسبة عيد الأضحى أو غيره، كما يتأكد فساد الاستدلال بالروايات التي استند إليها كافة فقهاء السنة، ابى حنيفة والشافعي وابن حنبل وغيرهم، ونُوجز تلك الاوجه على النحو التالي:
أولا: إنعدام الدليل من الكتاب:
يجد الباحث في ثنايا الكتاب ان الاضحية لم تُذكر، ولم يُشر إليها بمسماها المتداول (أضحية)، وبطلان استدلالات المرجعيات المذهبية التقليدية، التي سعت إلى توظيف آيات قرآنية بمسميات أخرى غير مسمى أضحية، وتحمل في سياقاتها معانٍ لا تمت للأضحية العيدية بصلة، ويظهر ذلك على النحو الآتي:
1- قوله تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الآية 2 الكوثر)، آخذين معنى النحر أضحية عيدية، وفي اعتقادنا أن هذا التوظيف في غير موضعه المقصود في الآية، ذلك لآن النحر هنا معطوف على فريضة الصلاة وليس على فريضة الحج، وبالتالي يكون الاستدلال به غير متاح ولا يستجيب له سياق الآية.
2- أن الأضحية ملازمة لمناسك الحج فقط، ولا علاقة لها بغير الحجاج، بمحكم قوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاَنْعَـامِ فَإِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (الآية 43 الحج).
وبناء على ما تقدم، يتضح إنعدام العلاقة بين الاضحية والقرآن، وبطلان كافة الاستدلالات المتصلة بها قرآنياً، ويكون أي زعم بأن الاضحية سنة مؤكدة باطلاً، عملاً بالقاعدة الشرعية “مابني على باطل فهو باطل”.
ثانياً: فسادُ الأدلة المنسوبة إلى روايات السُنة:
وفي هذا الجانب يأتي الرد بالدليل القاطع على كل من يزعم أن الأضحية في عيد عرفة (الأضحى) سنة مؤكدة، بموجب أوجه القصور التي لا تستجيب للحكمة التي حض الله عليها كشرط ترتكز عليه الدعوة إلى سبيل الله، ويتجلى ذلك بالآتي:
1- لا يوجد أي حديث متواتر أو غير متواتر يؤكد دعوة الرسول لصحابته والمجتمع الاسلامي آنذاك الى الأهمية والمنزلة الدينية للاضحية بمناسبة عيد عرفة (الاضحى).
2- فسادُ الاستدلال بالرواية التي تزعم أن الرسول ضحى طيلة عشر سنوات في المدينة، لآن هذه الرواية يكذبها الواقع المعلوم في تأريخ الدعوة الاسلامية، ذلك لآن فريضة الحج كانت في السنة التاسعة للهجرة وليست منذ العام الاول للهجرة، وبالتالي لا يوجد أي مبرر لتصديق تلك الرواية عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : أقام النبي صلى الله عليه وسلّم بالمدينة عشر سنين يضحي. رواه أحمد (4935) والترمذي (1507)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح ( 1475 ).
3- إذا كانت بعض الروايات تشير إلى أن الرسول نفسه قد ضحى بكبشين أملحين، فإن أبرز المآخذ عليها أنها روايات غير متواترة، كما انها تعتبر اضاحٍ في غير عيد عرفة المتلازم مع فريضة الحج، لهذا تكون استدلالات الفقهاء في غير موضعها، ومما لا يجوز الأخذ بها، نظراً لفساد الدليل وانعدام حجيته.
4- ناهيك عن أن كل الروايات المستدل بها، توحي بأن الأضحية لم تحض باولوية لدى الرسول وصحابته، بل يتأكد انها تتخذ اعتبارات ثانوية قصية جدا، ويتبيّن ذلك في الحديث عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قسم بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقال: يا رسول الله صارت لي جذعة فقال : (ضح بها) رواه البخاري (5547).
ويتضح من هذا الحديث أنه لو لم تكن الجذعة هدية من الرسول لما قال له ضح بها، بمعنى أن الأضحية ليست من جوهر السنة، ولا تعني أن المسلم مكلف بتربية الماشية او شرائها ليضح بها، أو يستوف شرطا من شروط الدين.
5- أما توظيف نص الحديث الذي يربط بين الاضحية والمناسك، فهذا يؤكد أن اهمية الاضحية مؤطرة باطار المناسك المتصلة بالحج وأن لا علاقة لها بالمسلمين غير حجاج بيت الله، وقد جاء في الحديث عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: من ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين. رواه البخاري(5545).
وبناء على ما تقدم، يتضح فساد مزعوم الأدلة من الرويات المنسوبة إلى السنة، ولا يستقيم عمل بدليل فاسد.
ونستنتج:
أن الكتاب والسنة بريئان من أي دعاوى فقهية متناقلة ومتداولة تُقيم للأضحية أي مركز في عيد الأضحى (عرفة)، وأن ذلك يفرض العودة إلى أصل التشريع في حياة المجتمع المسلم، برفض تلكم الدعاوى أو الإبقاء عليها كعادة إجتماعية خالية من أية قيمة دينية، وفيها ما يستدعي حض المسلمين إلى عدم استحسان القيام بها في هذه المناسبة العيدية، كونها تلازم فريضة الحج فقط، ولا علاقة لها بعيد المسلمين خارج الممارسة الفعلية لفريضة الحج في جبل عرفة.
✍ دإسماعيل عبد الحافظ
#عيد_الأضحى #يوم_عرفة #الأضاحي
#الإعجاز_العلمي_في_ذبح_الأضحية #الأضحية
يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات
