كتّاب

أنا وأمي.. ونخلات “ناشي”:…


أنا وأمي.. ونخلات “ناشي”:
كانت نخلات ناشى الكثيرة في أرض فسيحة خلف بيتنا.. وكانت مكانا أثيرا للهونا ولعبنا.. فنرمي سباطاتها المثمرة بالطوب ليتساقط بلحها.. ونسعى أحيانا لتسلقها.. ونطارد الكلاب ونكمن لها بين جذوعها.. وفي مطلع الصيف كان أصحاب النخل يتفقون مع رجال يأتون من بعيد” طالعو نخل” لتسلق النخلات كلها وتقضيبها وقطع “الكيزان” الكبيرة التي تحوي حبوب اللقاح من النخلات “الدكر” حيث يفرغونها بعد ذلك في سلال ويأبروا “يلقحوا” بها براعم البلح فى النخلات “النتاية”.. وكان هذا اليوم يوما مثيرا بالنسبة لنا.. فنحن نجوس بين النخلات لننزع خوص الجريد حيث نصنع منه حصيرا صغيرا.. َونفتش عن بعض البلح الجاف الباقي من ثمر العام الماضي.. ونبحث عن العصافير الصغيرة بين الأعشاش التي تسقط مع تقضيب الجريد
وبينما نملأ الدنيا صياحا وصخبا أنا ورفاقى.. وكنت في نحو الثامنة من عمري.. أذ بأحد الرجال يرفع جريدة النخل ويهوى بها على رأسى فأصرخ صرخة هائلة.. ويشاء الحظ أن تشهد أمى هذا المشهد وهى تقوم ببعض شؤونها فى فناء منزلنا.. فتندفع بكل قوتها وغضبها.. تسبقها لعناتها.. وتمسك الرجل الذى ضربنى من “خناقه”.. وتصفعه على وجهه صفعة هائلة.. وفي لحظة كان العشرات من الناس قد تجمعوا.. وأمى تقسم بأغلظ الإيمان بأن لن يطلع أحد نخلة من هذه اللحظة.. ولن يرفع أحد “قشاية” من مكانها.. ورغم الشفاعات والاعتذارات.. ظلت واقفة إلى أن أرتدى طالعى النخل ملابسهم.. وحملوا أسلحتهم.. ورحلوا تاركين كل شئ في مكانه

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى