كتّاب

” ما تترحمش يا أخي !! “…


” ما تترحمش يا أخي !! ”

أكثر ما يؤلمني ويُحزِن قلبي من بعض أشقائي وأبناء وطني المُسلمين الذين أحبهم من كُل قلبي؛ ولذا أعتب عليهم عتاب مليء بالمحبة التي لم يروا منا سواها، لا يصح ولا يليق بنا أبدًا كأخوة نعيش ونتشارك معًا في وطن واحد أن نقبل ونُرحِب بأشياء دخيلة علينا لم نكُن نعرفها ولم تكُن موجودة بيننا في يوم، وليست من الدين ولا من الإنسانية ولا من الأصول المصرية التي تعلمناها من آبائنا وأجدادنا ونعتز بها، فلم نسلم في مرة عند إنتقال (وفاة) شخص مسيحي أي كان هو سواء (رجل دين أو حتى من عموم المسيحيـين) وأي كانت طريقة الموت وقساوتها (حادث، مقتل، إستشهاد إلخ..) من الإخوة عُشاق “التدين الظاهري” و” المظاهر الخداعة ” بتحريم الترحم على كافر كان يعيش في الشرك والضلال، ويتناقشون حتى قبل أن يُدفن بإبداء الآراء والفتاوي الشاذة حول جواز الدعاء له بالرحمة والمغفرة أو لا، وكأن الله تعالى وتبارك اسمه في إنتظار إصدار فرماناتهم وأحكامهم حتى يرحم من يشاءوا هم في رحمته حسب هواهم، وكأن الله الغير محدود الذي من صفاته الرحمة الغير محدودة أصبحت على اخر الزمن في نظر هؤلاء الضيق محدودة ومُقتصرة على المُسلمين وحدهم، وكأن الله لم يخلق أو يوجد غيرهم على الكوكب الذي به مليارات البشر، وكأن الله إله المُسلمين فقط، وهذه الأفعال الرخيصة مُنعدمة الإنسانية لا أظن أبدًا أنها من الدين ؛ ولكن خفافيش الظلام نسبوها وغلفوها تحت شعار واسم الدين بالكذب حتى يُصدقوهم البسطاء أتباعهم فـيُشعلوا الفتنة بأي طريقة وفي أي وقت، لا يهمهم في شيء مشاعر أهل المُتوفي وحالتهم وحزنهم وتألمهم، لا يُوجد عندهم إنسانية بنكلة. لا أعرف ماذا سنتهي من هذا العفن والوسخ الفكري الذي أصبح وكأنه فرض وركن من الأركان الواجبة فعلها بتكفير الآخر وتحريم الترحم عليه، صدقوني لم يُطالبكم أحد منا بالدعاء أو الترحم أو العزاء أو أي شيء ؛ ولكن من الإنسانية الصمت وعدم جرح مشاعر المُتألمين المُلتهبة، وهذا وصى به نبيكم الكريم في الحديث الشريف: ” من كان يؤمن بالله.. فليقل خيرًا أو لا يصمت ” لا أحد مس أو أقترب من دينك أو ثوابتك أو عقيدتك أو أي شيء، أنتم ليسوا طرفًا في ذلك الأمر ؛ بل بكل بجاحة أحشرتم وأدخلتم أنفسكم في مصائرنا بغير وجه حق، لا تتبعوا نظرية المؤامرة العمياء وتظنوا أنها من المؤامرات على الدين وتُضخِموا التفاهات والبديهيات وتصنعوا منها مواضيع لكلام هراء لا يفيد ولا ينفع أحد، فالدين لا يهتز من أجل كلمة “الله يرحمه” إلا إذا كان دين ضعيف وهش، والله الذي يُسامح ويغفر لجميع عباده جميع خطاياهم وأخطائهم لم يقف لكم على كلمة ويأثمكم عليها، إعملوا عقلكم، لا تشوهوا صورة الله الحقيقية وتجعلوا منه إلهًا عنصريًا مثلكم، فمن علمكم بالدعاء للمُسلمين فقط ليس بجديد عليه لا يطلب الرحمة أيضًا إلا للمُسلمين وحدهم، ما يحدث هو إنحطاط أخلاقي وإنساني وجهل بحقيقة وجوهر الدين الذي شوهتموه ونفرتم الناس منه، فأريد أن أقول لكم علانيةً وصراحةً:

أنتم ليسوا في حسباننا من الأساس، ولم يفرق لنا دعائكم أو ترحمكم في شيء، ولم يُطالبكم أحد بذلك، فنحن نؤمن أن الإنسان لن يُفيده شيء بعد موته وسلب الروح منه إلا عمله، ولن ندخل جنتكم أبدًا ولا نُريدها، فنحن لا نؤمن بمحتويات هذه الجنة وما فيها من.. ، فالموضع الذي نكون فيه لن تروه أبدًا والموضع الذي ستكونون فيه لا نُريد أن نكون فيه أبدًا، جنتكم لكم وحدكم ولا جدال في ذلك، فنحن لا نُريدها مباركة عليكم، فإننا نؤمن ونعتقد أن الجنة كانت فترة مؤقتة على الأرض فقط أما في السماء فلنا نصيب فيها من أجل عمل إلهنا الخلاصي لأجلنا، والجنة والنار بيد الله فقط، أنت تعتقد أنك على حق مُطلق وأنا أعتقد إني على حق مُطلق، لا إشكال عندي في ذلك، ولكن لا تجرحني باسم دينك، أترك من مات وأصبح في ذمة الله وبين يديه لحكم الله يفعل به ما يشاء، وموضوع الترحم هذا أصبح مُقزز وبائخ جدًا من كثرة تكرره، لا تتدخلوا فيما لا يعنيكم وإنشغلوا بأنفسكم فقط، حتى تروا وتُدركوا الفارق بين رجال الدين عندنا وعندكم، فعندنا لم يُكفركم أحد، ولم يحرم الترحم عليكم أحد، ولم يحرم تهنئتكم بأعيادكم أحد، ولم يحرم المعاملة بينكم أحد، على عكس ما نراه من بعض رجال وتجار الدين، أتمنى أن تُدركوا خطورة ما تفعلوه على المُجتمع والوطن، فهذا الجهل والقرف يُثير الفتن ويخلقها ويُشعلها والصورة المُصدرة في المقدمة هي الدين، وأنا أؤمن أن هذه الأفعال القذرة ليست من الدين، فأرتركونا وما تترحموش لئلا تكونوا مثلنا في النار ويكون لكم بئس المصير، فليعينكم الله على عقولكم ويكفينا من شروركم وسموم أفكاركم المُتطرفة المليئة بالكراهية.

كلامي هذا موجه للظلاميـين الإخوان والسلفيين ومن على شاكلتهم وليس لعموم المُسلمين أشقائنا الذين معنا ويُشاركونا في كل مُناسباتنا. كامل محبتي وتقديري للعقلاء منهم.

#أبانوب_فوزي

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Abanoub Fawzy ابانوب فوزي

شاعر ـ كاتب قبطي

‫2 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى