مفكرون

(هذا جزء من كتابى الجديد الذى أوشكت على الانتهاء من…


(هذا جزء من كتابى الجديد الذى أوشكت على الانتهاء من صياغته)

أنا من جيل شبّ فى عصر كانت فيه الصحافة هى المصدر الرئيسى لمعرفة أخبار العالم ومجريات الأمور والمنهل الأساسى لاستقاء المعلومات عن الحياة فى مصر والدنيا. وعلى الرغم من أن الإذاعة كانت فى طفولتى تلعب دورا فى التسلية عن طريق المسلسلات ودورا اخباريا محدودا عن طريق نشرات الأخبار إلا أن الصحافة كانت الشبّاك المفتوح الذى نطل منه على العالم. وفى عام 1960 بزغ فى سماء مصر وَحْش إعلامى ابتلع الإذاعة والصحافة مع مرور السنين وهو التلفزيون الذى قلب حياة الناس رأسا على عقب وصار الأداة الإعلامية الأساسية واحتكر الساحة وصار منبع التسلية الأول ومصدر متابعة أخبار مصر والعالم.
ولا زالت ذكرى المرة الأولى التى دخل فيها جهاز التلفزيون منزلنا فى نهاية عام 1960 عالقة فى وجدانى وكأنها وقعت بالأمس القريب. لا زلت أذكر كم انبهرنا بهذا الضيف الجديد الذى انتظرناه طويلا وكانت أسرتنا تتجمع أمام شاشته كل مساء وكأن هذا الصندوق الصغير ساحر يقف أمامنا بشحمه ولحمه ويخلب عقولنا وينقلنا إلى دنيا لم نكن نتخيل أن لها وجودا على كوكب الأرض.
وعندما بدأتُ حياتى العملية كان من حظى أن عملت بحقل الإعلام فى الوسائط الثلاثة حيث كنت محررا دبلوماسيا لمجلة المصور ومحررا للأخبار بالإذاعة ومذيعا لنشرة الأخبار الفرنسية فى التلفزيون المصرى. وعندما انتقلت إلى فرنسا عملت مديرا لمكتب الأهرام فى باريس وعملت لسنوات مراسلا للإذاعة والتلفزيون وأدركت الأهمية الكبرى التى يحظى بها الإعلام وخاصة التلفزيون لدى الشعب المصرى وكافة شعوب العالم.
لم يكن يدور بخلدى أنه من الممكن أن يظهر وسيط جديد يجرؤ على مزاحمة الوسائل الإعلامية التقليدية ويتسحوذ بسرعة كبيرة على اهتمام الناس وخاصة الشباب. لكن الوليد الجديد أطل برأسه مع بدايات القرن الواحد والعشرين وسرعان ما نضج واستوى وقويت عضلاته وبرزت له أسنان وأنياب خلال سنوات قليلة وصار له شأن ضخم فى دنيا الاتصالات والتواصل.
وكان ذلك الوافد الجرىء هو الفيسبوك.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫4 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى