كتّابمفكرون

“صيدلي إبراهيم عيسي”…


“صيدلي إبراهيم عيسي”

لا أبالغ عندما أقول أن هناك حالة من الإختلال والتخبط الديني لدي المصريين، نشأت ببطء مع بدايات القرن العشرين، ووصلت الي أوجّها في الربع الأخير منه، ومازالت مسيطرة حتي الآن.

قادها وتسبب فيها نشوء تنظيمات وجماعات إسلامية متعدّدة، كما ساهم الأزهر السلفي الساعي لإمتلاك دور سياسي، وانتشار مدارسه ومعاهده وجامعته في تدعيم هذه الحالة، وكذلك تدخّلت عوامل أخري سياسية وإجتماعية وإقتصادية وتعليمية تربوية، لدعم هذا الإختلال والتخبط.

عمدت هذه الجماعات الي السيطرة علي عقول البشر وإضفاء مظهر إسلامي علي الدولة، سعيا للسيطرة والحكم، ولأن الهدف لم يكن دينيا، لم يكن جوهر الأديان بما يحويه من السماحة والعدل وتحقيق صالح الإنسان ورقيه وسيلتهم، بل اتخذت وسيلة غسل العقول وصرف الناس عن الأمور الدنيوية وترهيبهم من عذاب الله واستقطابهم ليشكلوا نويّات جمهورهم الذي ستقام عليه دولتهم.

للأسف وقع الكثير من الشعب المصري فريسة (الخوف من النار) كما أوهموه، ورأي فيهم وفيما يملونه عليه طريق الخلاص والنجاة من النار، ولم يري أغراضهم الخسيسة.

لذا تشكلت صورة من صور انفصام الشخصية لدي جمع غفير، فهم من جهة يريدون الحياة، ومن جهة أخري يخشون إن عاشوها بمظاهرها الدنيوية الطبيعية أن يقودهم ذلك الي غضب الله وعذابه وناره، لأنه قد صوّر لهم أن التديّن يرتبط بالزهد في الحياة والسير في دروبها، دروب العلم والمعرفة والتطور،والتخلي عن الاستمتاع بمباهجها، وكبت الرغبات المشروعة، وممارسة المازوخية (تعذيب النفس) … الخ.

وفي تسطيح مخلّ صوّر لهم أن الدين مجرّد معادلة حسابية طرفاها هما الذنوب والحسنات وعليهم أن تثقل كفة حسناتهم والا فمصيرهم النار، وهو ما أولد ظاهرة النفاق الديني.

فالطبيب يشوي المريض (بفيزيتا) ينوء بها كاهله ومن جهة أخري تتزين عيادته بالآيات القرآنية وصوت تلاوة القرآن، والموظف المرتشي يضع لافتة (هذا من فضل ربي) أعلي مكتبه, وكبار سارقي الشعب يبنون المساجد، وصيدلي إبراهيم عيسي يختلس وقت العمل ويكرسه لقراءة القرآن, الي آخر مظاهر النفاق الديني الصريحة.

يفسر هذا أن البعض يقرأ القرآن مئات المرات، ففي كل حرف حسنة، ولا يقرأ كتابا واحدا يزيد من معارفه فليس في ذلك فائدة دينية كما أخبروه.

ما أثاره إبراهيم عيسي ليس بغريب ويفسره ما سبق، بل ويفسره أكثر هجوم الإنتهازيين والمنتفعين والمتاجرين بالدين المنافقين عليه.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى