مفكرون

أحمد علام الخولي | فى مشهد من فيلم الغول قال الصحفى لوكيل النيابة "العدالة لازم يكون ليها

فى مشهد من فيلم الغول قال الصحفى لوكيل النيابة
"العدالة لازم يكون ليها رجلين اتنين علشان تنصف المظلوم و تعاقب الظالم لكن انتو عايزين عدالة برجل واحدة وبس انتو عايزين قانون ساكسونيا كل واحد فيكو عايز القانون يطبق بس بعيد عنه فازاى عايزين تجيبو حق إللى مات فى مجتمع ضايع فيه حق إللى عايش "

تلك الجملة العبقرية التى كتبها المبدع وحيد حامد فى روايته الغول والتى قالها عادل إمام الذى جسد دور الصحفى الطامح لدولة القانون ففوجئ حين تعرض لظلم بأن القانون ببلدنا يتم تهذيبه وتطويعه لكى يناسب ناس معينة كما يتم إستخدامه بحده ضد ناس أخرين لكنهم يفتقدون للمميزات الإجتماعية والمجتمعية التى يملكها من يتم تطويع القانون من أجلهم

وبمقال مهم بمجلة الجديدة لعملاق أدب الواقع الرائع نجيب محفوظ كتب مقالا عبقريا يجسد واقعنا المجتمعى وعلاقتنا بالقانون فقال
( لن ينجو أحد في بلد لايتحمل فيها الفرد مسؤولياته ولايدفع فيها المسؤول ثمن استهتاره وفساده وخيانة منصبه فاتساع دائرة الفساد يطمس الصفة الوطنية وأن ضياع هيبة القانون يطمس الهوية المجتمعية ويعتاد الناس حياة اللاقانون فيظن الناس أن العشوائية حق مكتسب وبمرور الوقت تصبح مجرد المطالبة بتحقيق القانون أزمة لذلك يجب أن نهيئ حكومة وشعب مناخ صالح للحياة الصالحة وأقول ذلك وأنا أعلم بأن بلاد الديمقراطية لا تخلو من فسادأو تطرف ولكن لديهم القانون الذى فى غيابه تختفى كل الاشياء الثمينة كالهوية والأمن العلم والحياء )

وإذا نظرنا فى الحوادث المجتمعية التى مرت بنا فى الفترة الماضية بدءا من واقعة سيدة الكرم بالمنيا ووصولا إلى سيدة القطار مرورا بتنفيذ القانون فيما يخص التعديات على أملاك الدولة او بناء أدوار مخالفة وكذلك حوادث القتل المجتمعى الذى اصبح سهلا والتدخل فى خصوصيات الأخرين والتنكيل بهم وحتى مطالبات تجديد الخطاب الدينى المستمرة والتى لا طائل منها سنجد أن غياب القانون والتلاعب بالقانون ليخدم فئات على حساب فئات وتطبيق القانون على البعض دون البعض هو السبب فيما وصلنا إليه

فالدولة تعني النظام أولا والنظام يعني القانون والقانون يعني الرقابة والرقابة تعني المحاسبة والمحاسبة تعني العقاب أما البديل الشامل عن ذلك فهى الفوضى

ولذلك وخوفا من دولة القانون الواحد فإن المؤسسات الدينية ورجالها يشوهون العلمانية وليس لأنها كفر لكنها تهدد مصدر رزقهم وتفقدهم سلطان السيطرة على الناس وتخاف أغلبية مجتمعنا من العلمانية لأنها تهدد إمتيازاتهم القبلية المعتمدة على قوة الأغلبية لا قوة القانون وتفقدهم الشعور بالأفضلية لأنها تساوى فى الدستور بينهم وبين المرأة والأقليات وتجعل الجميع فى الدولة واحدا امام القانون متساوين دينا وجنسا وعرقا ونفوذا وثراءا وفقرا ..

لذلك يجب أن نعلم ان القانون هو حماية لنا جميعا وضمانة للجميع فسيادة القانون جعلت من دول أوروبا رائدة متقدمة فى كل المجالات فسيادة القانون مفهوم واضح وعملي وسهل التطبيق بعكس سيادة حكم الدين أو "شرع الله" الذي تختلف وتتقسم بسببه طوائف مجتمعنا وتصنفهم لأنه مفهوم خلافي لا يمكن أن يتفق عليه فيما لم تصل دولة ملحدة كاليابان إلى التقدم وإحترام حقوق الإنسان وحرياته لأنها الأكثر أخلاقا أو تدينا ولكن لأنهم أدركوا أن عقيدة الدولة هى المواطن وليس دينه وأن الرادع القوى للبشر هو القانون لا الدين فاحتكموا للقوانين وطبقوها وأحترموا العلم فبقى الدين شأن خاص بالأفراد فإنطلقت حياتهم ولم تتمحور حول الإيمان والكفر والدياثة والتبرج وملابس النساء وشعرهن وفتاوى الفقه الذى تجاوزه الزمن



Ahmed Allaam Elkholy

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى