كتّاب

عطر الأحباب مرة أخرى :…


عطر الأحباب مرة أخرى :
************************
( … للأديب الكبير والجميل الاستاذ ” يحي حقي ” كتاب رائع صدر في نهاية ستينيات القرن الماضي ، كان عنوانه ” عطر الأحباب ” تحدث فيه عن طائفة من مبدعي هذا العصر ، ومنهم المبدع الكبير ” صلاح جاهين ” …
تذكرت هذا الكتاب من صاحب ” قنديل أم هاشم ، وخليها على الله ، والخالة عيشة ” وغيرها من ابداعات الاستاذ ” يحي حقي ” هذا الصباح ، بعد أن سعدت بمكالمة إنسانية رائعة من أخي الحبيب الأديب الكبير الاستاذ “ابراهيم عبد المجيد ” صاحب ثلاثية الاسكندرية :” لا أحد ينام في الاسكندرية ، وطيور العنبر ، والإسكندرية في غيمة ” وغيرها من إبداعات كثيرة من الصعب حصرها في هذه الخاطرة الانسانية ، لتعدد صور الجمال والتنوع الفني والأدبي والانساني الذي يتمتع به أخي ” ابراهيم ” …
******
لم أرى ” ابراهيم ” منذ نحو خمسة عشر عاماً أو يزيد ، لتبدُل الأحوال والغربة عن الأوطان ، مني وليس منه ، فهو ممن صابروا ورابطوا واحتسبوا ، فكان له الجزاء الأوفى …
لم يغادر ” ابراهيم ” القلب من جانبي ، وأحسب نفسي لم أغادر القلب عنده ، فعندما هاتفني اليوم ولفرط رقته وإنسانيته وجمال روحه ، لم يتمالك شعوره وعاطفته الجياشة ، فكانت عنواناً لم يغيب عن تلك ، الشخصية النادرة والنقية ، التي تزاملنا معاً في قيادة منظمة الشباب في مطلع السبيعنيات من القرن الذي مضى !!!!
النقاء هو نفسه ، لم يتغير بقدر ما الوفاء لم يتبدل !!!
******
عرفت من أحد ابنائي من مدينة بورسعيد ، واسمه ” محمد امبابي ” الذي أتوقع له نبوغاً في عالم الفكر والفلسفة ، أنه قد قرأ في كتاب ” رحلتي مع الأبداع ” لأخي ” ابراهيم ” وهو يحكي عن أحداث ووقائع الانتفاضة الشعبية الوطنية في ١٨ و١٩ يناير عام ١٩٧٧ تلك الفقرة عني :
” .. وذهبت الى صديقي ” صلاح زكي ” الناصري الجميل ، وكنت أسكن بالقرب من منزله في حدائق القبة أسأل عنه من عائلته فعرفت أنه تم اعتقاله في فجر يوم الجمعة / السبت الموافق ٢٠/ ٢١ يناير ١٩٧٧ ….”
عندما ذكر ابني ” امبابي ” تلك الواقعة ، قلت له : ” لقد سبق أن قرأها لي صديق مشترك مع الاستاذ ابراهيم هو الاستاذ ” صلاح سليمان ” الذي شاركني منذ زمن بعيد في تأسيس اتحاد الشباب التقدمي ، الجناح الشبابي ل ” حزب التجمع الوطني التقدمي ” حزب خالد محيي الدين ، وكان لهذا الحزب المجيد شرف حمل هذا العطاء والوفاء للشعب المصري العظيم في ذلك الزمن …ثم أكملت له باقي الحكاية وبعض أسرارها …
*******
والحكاية لم تنتهي عند ذلك الحد من تلميذ عزيز ونابه هو ” محمد امبابي ” الذي هو من أشد المعجبين بإبداع ” ابراهيم عبد المجيد ” والذي لم يكن يعرف العلاقة الانسانية والتاريخية التي كانت وسوف تظل هي رباط الحب بيني وبين ” ابراهيم ” فهناك بطل آخر ، هو الغائب الحاضر دوماً….
هو الاستاذ ” صلاح مغيث ” عميد عائلة آل ” مغيث ” والشقيق الأكبر للدكتور ” كمال مغيث ” أستاذ التربية الكبير ، والدكتور ” أنور مغيث ” أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان والرئيس السابق للمركز القومي للترجمة ، والدكتورة ” فادية مغيث ” استاذة العلوم السياسية ، وغيرهم وغيرهم من الكبار قيمة ومكانة …
كان الاستاذ ” صلاح مغيث ” رحمه الله ، هو المسؤول الأول عن سكرتارية التثقيف في منظمة الشباب في ذلك الزمن الجميل والرائع والبديع ، وكنت أنا وإبراهيم نعمل معاً ونقيم معاً في سكن مشترك ، بوصفي أنا وهو من خارج القاهرة ، أنا من مدينة الزقازيق ، وهو من الاسكندرية الرائعة …
حكايات وحكايات وحكايات ، يطول شرحها والكتابة عنها ، غير أن المُبدع القادم من الاسكندرية ، كان يحمل معه طاقة من الإبداع والتجلي غير المحدود ، كان يحمل من النقاء بمثل ما كان يحمل من جنون الكتابة وجمالها …
كانت روايته الأولى بعنوان ” في الصيف السابع والستين ” يحكي فيها عن أزمة جيلنا ، الذي طّوحت به الأماني الى عنان السماء ، ولكن لم تستطع الهزيمة أن تطرحنا أرضاً ، كنا بحمد الله ، ممن يؤمنون ولم يروا ، على حد تعبير سيدنا وشقيق نبينا ” عيسى بن مريم ” عليه وعلى نبينا ” محمد بن عبد الله ” أزكى السلام …
كان عملاً فنياً بديعاً ، فضلاً عن كونه عملاً وثائقياً نادراً…
كانت هي ” البداية / العلامة ” التي جاء بعدها تتّرىّ قطرات من الندى الخالص والأدب العميق والجميل ، حتى صار ” أبراهيم ” عنواناً لعالمين ، عالم التأريخ لمدينته الاسكندرية ، فبات رفيقاً لسيرة الكبار ” داريل ” و” كفافيس ” الأول صاحب ثلاثية الاسكندرية ، والثاني مُبدع الشعر عن الاسكندرية …
وكذلك كان ابراهيم في أدبه عنواناً، للحديث والكتابة عن روح الثورة والتمرد والرفض لكل أشكال القهر ، أو الظُّلم ، كان صوتاً في عالم الأدب ، للطبقات الفقيرة والمُمهمشة في مدن الوطن السعيد !!!!
*******
الحديث يطول ويطول عن هذا اليوم الذي من فّرط جماله ، أن ألتقى بالأحباب بعد سنوات من الغياب ، وأتنسم عطرهم …
أخي الحبيب ” ابراهيم ” لك كل الحب ، حتى إبداع جديد…..
ولأشقائي من آل ” مغيث ” لكم ولصاحبكم الكبير ” صلاح مغيث ” كل الحب ، على ماتورثتموه من ثقافة ونقاء وابداع وعطاء ، من نبع لا ينضب وغرس لا يخيب ، فعطره الجميل يملأ الوادي بالورود ، وهذا ” ابراهيم عبد المجيد ” عندي دليل وبرهان وجمال …)
********
صلاح زكي أحمد
القاهرة : الاربعاء الموافق ٥ أغسطس ٢٠١٥
اليوم السابق لافتتاح قناة السويس الجديدة ….
من حسن الطالع ، ومن الفأل الحسن ، أن تجتمع الاطلالة عَلى المستقبل ، بعطر الأحباب من أصحاب الزمن الجميل ..

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى