كتّاب

نابليون فى مصر ………………………..


نابليون فى مصر ……………………..
قلنا سابقا أن حملة نابليون كانت مليئة بالمصاعب والمصائب منذ اليوم الأول وحتى آخر يوم لها فى مصر، فرغم إحتلال الأسكندرية ورشيد والقاهرة فى عدة أيام وبدون خسائر تذكر، إلا أن إخضاع العاصمة لايكفى لإخضاع بلد تمتد على مدى ألف كيلو متر مليئة بالأعداء فى الداخل والخارج، ولو أضفنا تحطيم الأسطول الفرنسى فى أبو قير وحصار الإنجليز للبحر حتى يعزلهم عن العالم تماما، كما قال نيقولا الترك ” ولاعاد طير داخل ولاخارج”.
وفى ذلك الوقت كان جيش إبراهيم بك يحتل الشرقية، وكانت الدقهلية والغربية غير خاضعة للنفوذ الفرنسى، وحتى المناطق مابين القاهرة والأسكندرية غير مأمونة ويحتلها البدو سادة الصحراء بجيش من 27 ألف فارس منتشرين فى صحارى مصر جميعها، والصعيد بأكمله تحت سيطرة مراد بك واربعة آلاف فارس من جيشه، وانضم اليه 8 آلاف فارس من البدو، والمصيبة الأكبر دخول بدو مسلحين من ينبع فى الحجاز عن طريق البحر الأحمر لحرب الكفار……………
وبدأت المشاكل والتكتلات بعد تدمير الأسطول، فأعلنت تركيا الحرب، وانجلترا تجهز جيشها، واحمد باشا الجزار يستطيع تجهيز 100 ألف مقاتل فى خلال أيام، والمماليك فى الدلتا والصعيد، ويستطيعون وقف المراكب المحملة بالغلال والخضروات من الصعيد للقاهرة، والوصول إلى درجة المجاعة، وفى هذه الظروف حدثت ثورة القاهرة الأولى التى شرحناها فى مقال سابق وظهر أن الشعب يقف فى صف المحتلين المسلمين ضد المحتلين الكفرة………….. كثيرة هى المصائب التى واجهت نابليون، فماذا يفعل قائد عظيم فى هذه الظروف؟
نوضح أولا معلومة غريبة جدا، وهى أن القبطى صاحب الأرض لم يتدخل فى هذا الصراع على الإطلاق، فقد فقد النخوة الحربية منذ العصر الفرعونى، بالتحديد فى نهاية عصر الرعامسة، وظل لآلاف السنين مجرد عبد فى أرضه ينتقل من محتل إلى آخر دون أن يتدخل فى الصراع العسكرى، وننقل هنا فقرة من كتاب ” صعيد مصر فى عهد الحملة الفرنسية”، على لسان مسيو ميو يوضح لنا الحقيقة المخفية :
” ومع أن الشعب المصرى لم يقم من نفسه للتعدى علينا، إلا أنه كان يميل ويعضد أعمال كل معاد لنا، ولو أن المصريين لم يكونوا على جانب عظيم من الضعف وخور العزيمة أو كانوا متحمسين بفكرة الوطنية، لما بقى لفرنسى فى أرض مصر أثر”.
يعنى لما المؤرخ يقول” العرب” نعرف فورا إنهم البدو الساكنين فى الصحراء، والفلاحين هم البدو اللى اشتغلوا بالزراعة، والأمراء المصريين يعنى بهم المماليك، فقط لفظ القبطى هو من يعبر عن الشعب المصرى، والقبط لم تدخل حربا منذ عهد رمسيس التاسع حتى عهد الجنرال يعقوب.
ماذا يفعل قائد عظيم فى حجم نابليون فى كل تلك المصائب؟
أولا يرسل للوالى التركى يطلب منه العودة فهو ليس ضد السلطان العثمانى، ويرسل لمراد بك يعرض عليه حكم جرجا ومابعدها على شرط أن يدفع الضريبة، ويرسل للجزار باشا والى عكا يدعوه إلى معاهدة سلام، ويرفض الجميع عروض المحتل الفرنسى فالبلد بلدهم ولن يسلموها للكفار، ويتمادى مراد فيمنع السفن المحملة بالغلال من السفر للقاهرة ………………….
فيرسل نابليون عددا من القادة لإخضاع الوجه البحرى، والأهم إخضاع الصعيد فهو مصدر الغذاء للعاصمة وكنز للضرائب التى سيجمعها بالتأكيد مراد، فيرسل نابليون الجنرال ديزيه للصعيد ومعه السياسى والمحارب القبطى الخبير بالشأن المصرى المعلم يعقوب …………
تخرج الحملة يوم 25 أغسطس مكونة من ألف فارس وثلاثة آلاف من المشاة، ومئة مدفع، وقوارب وجمال عديدة ………….
يستولى ديزيه على بنى سويف بدون مقاومة، ويكمل إلى البهنسا فى بنى سويف حيث تجمعت قوات مراد، ولكن مراد يهرب منه تاركا وراءه 12 مركب محملة بالذخيرة والمؤن وسبعة مدافع، ويظل مراد يهرب من ديزيه ويرهقه مع جنوده فى الكر والفر، لكن يتقابل الفرنساو مع 600 فارس من فرسان محمد بك الألفى ويقتلوا معظمهم عند بحر يوسف، وهنا نصل إلى موقعة سدمنت فى بنى سويف التى تعتبر أقوى وأهم معارك الحملة فى مصر.
كانت معنويات الفرنسيين فى الحضيض وهم يواجهون هذا العدد الكبير الذى يطلق صيحات وحشية ومسيطر على المرتفعات فى أرض المعركة، وهاجم المماليك المربعات الفرنسية ولكنها تصدهم بالبنادق، ويزعج صوت البنادق الخيول فتهرب وتلقى بالفارس من فوقها، وفى موقف غريب يهاجم المماليك بالفرسان وهى ترجع بظهورها حتى لاترى البنادق، وتفشل هذه الخطة الجريئة أيضا، فيلقى المماليك بأنفسهم على الفرنسيين وتدور معارك شديدة الشراسة بين شجعان عددهم كبير، وجيش يائس من النصر ويبحث عن الموت بشجاعة …………
وهنا يهرب المماليك ليستدرجوا الفرنساو إلى منطقة أخفوا فيها 8 مدافع تنطلق فجأة لتقتل الفرنسيين فى مفاجأة ساحقة، وتكاد الحرب تنتهى بفناء الفرنسيين، ولكن ديزيه يقرر الهجوم على المدفعية لكى يحمى جيشه من الفناء، ولكنه سيضطر لترك 60 جريحا فى أرض المعركة، ويتوسل الجرحى لزملائهم ألا يتركوهم فى موقف مؤثر وحزين، ولكنهم يتركوهم فى النهاية ويهاجموا المدفعية، فيدخل المماليك للساحة ويقطعوا رؤس الجرحى، ويرى الجند زملائهم يذبحون فينقضوا بغضب على حملة المدافع فيقتلوهم ويستولوا عليها ويوجهوها إلى المماليك التى تفر مسرعة تركين وراءهم 400 فارس مابين قتيل وجريح، بينما خسر الفرنسيون 340 قتيل، و 150 جريح…………………….
وتنتهى أقوى معارك الفرنسيين فى مصر بالاستيلاء على الفيوم وبنى سويف، ويأس مراد بك من الإنتصار على الفرنسيين، ولكن سيأتى الدعم من الحجاز حالا …………………




يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫14 تعليقات

  1. مقال شيق جدا ، والغريب بعد كل ما تم بين الفرنسيين ومراد بك ، ان يعقد كليبر خليفة نابليون في مصر صلحا مع مراد بك ، بوساطة الست نفيسة زوجة مراد بك . بل ومراد بك يمد كليبر بالمؤن اللازمة لإخماد ثورة القاهرة الثانية . إذاً ، كلاهما ناقض مبادئه ، فمراد بك يساعد كليبر المختلف معه في الدين على حساب السكان من اهل مِلَته، وكليبر يناقض فكرة نابليون بأن جيش الشرق يحمل شعلة التنوير ويريد لذلك اقصاء المماليك ، بينما يتعهد كليبر لمراد بك في الصلح ، بأن يكون هو حاكم مصر بعد رحيل الحملة

  2. مثل هذه النعرات العنصرية من جهة محكوم عليها بالفشل ومن جهة تخرج البغضاء من قلوب تقطر حقدا علي الاسلام والمسلمين …
    شوف جمهور المصفقين لك ..شيء مضحك مبكي .انت تتحدث بخلفية عنصرية ويصفق لك قوم بعضهم من أصول إيطالية أو يونانية ..كل أصحاب البشرة البيضاءوالعيون الملونة هم احفاد اجانب لا صلة لهم بالدم المصري الذي تتعصب له ..
    شد حيلك خاللي فرقة احبوا اعداءكم تفح فحيحها وتقطر سمومها ومن يدفع الثمن مواطنون ابرياء لا تشغلهم هذه القضايا العنصرية

  3. نابليون فى مصر ……………..
    “12”
    ثانى فئات العرب التى تحدثت عنها الموسوعة الفرنسية هم: العرب المزارعين شبه المستقرين، وهم يكونون حدا فاصلا بين العرب المحاربين والعرب المزارعين المستقرين
    هؤلاء البدو لا يزرعون بأيديهم، بل يسخرون المصريين للزراعة لحسابهم، وينظر لهم البدو المقاتلين باحتقار، بينما ينظر لهم الفلاح برعب، فمنهم كان الملتزم الذى يملك عدة قرى ويرهب الفلاحين بجنوده الذى يقترب عددهم عادة من 600 فارس، هذه الفئة غير المستقرة كانت تتمتع بالثراء، ومع الثراء الطمع منها وفيها، فكانوا يخبئون ثرواتهم عند شيوخ القرى المصريين، ويكتم الشيوخ هذا السر مهما تعذبوا وضربوا بالسياط من القبائل البدوية المعادية.
    ” يسكنون جميعا تقريبا الشاطئ الأيمن للنيل، وهو ضيق الإتساع من النهر للجبل ”
    ” قراهم عامرة بالسكان وريها منتظم أكثر من قرى الفلاحين ”
    ” ملامحهم معروفة وترى فى عيونهم الضيقة الجشع والضراوة والشجار والمماحكة ”
    ” يعيش جيرانهم فى خوف لا ينقطع منهم، فهم يدعون حقوقا تاريخية فى أراضى الفلاحين، أو يستولون عليها بدون ادعاءات ” يعيشون فى أكواخ سيئة بينما يعيش الفلاحون فى بيوت مناسبة ”
    ” قراهم لا تدفع ضرائب للممماليك”
    ………………………………………………………………………………………

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى