توعية وتثقيف

“معجزة” نقل جبل المقطم…


“معجزة” نقل جبل المقطم

أشرتُ فى پوسط سابق إلى “معجزة” نقل جبل المقطم بما يوحى بأننى لا أثق فى صحتها. إتصل بى أقباط غيورون على عقيدتهم يعاتبونى على التشكيك فى قصة “جاءت فى الإنجيل.” سأشرح بعد لحظات أن هذا غير صحيح. لكن قبل ذلك سأقدم موجزاً للقصة نفسها كما وردت فى سجلات الكنيسة القبطية (*):

[عندما جاء المعز لدين الله إلى مصر كان وزيره رجلاً يهوديا إعتنق الإسلام إسمه يعقوب إبن قِلِّيس. أوعز إبن قِلِّيس إلى الخليفة أن يعقد مناظرة بينه وبين بطريرك الأقباط. حدثت المناظرة ومَثّل الأقباطَ فيها أسقف الأشمونين الذى كان إسمه ساويرس. تحدى إبن قِلِّيسُ ساويرسَ أن يبرهن على صحة الآية التى تقول ‘من كان لديه من الإيمان مقدار حبة خردل يقول لهذا الجبل (المقطم) تحرك من هنا إلى هناك فيتحرك.’ و أضاف المعز: ‘إذا لم تقدم لنا البرهان يا ساويرس، سأقتلك أنت وجميع الأقباط بحد السيف.’ عند ذلك أمر الأسقف ساويرس جبل المقطم أن يتحرك من مكانه فتحرك. إقتنع الخليفة بعظمة العقيدة القبطية، وأعطى ساويرس مكتوباً يسمح له ببناء ما يشاء من الكنائس، فبنى الكنيسة المعلقة و غيرها … .]

هذا ما ذكرَته سجلات الكنيسة عن الموضوع. والآن سأشرح خطأ القول بأن القصة “جاءت فى الإنجيل”: الكتاب المقدس يتكون من جزئين – العهد القديم والعهد الجديد. العهد القديم كُتب فى القرن السادس ق.م، والعهد الجديد دُوّن ما بين سنة ٥٠ و سنة ١٨٠ م. أما نقل الجبل فالمفروض أنه حدث فى عهد المعز لدين الله … أي بعد سنة ٩٧٢ م. لذلك لا أساس للقول إن هذه االقصة “جاءت فى الإنجيل.” كذلك القول بأن الأسقف ساويرس هو الذى بنى الكنيسة المعلقة هو أيضاً غير صحيح – من الثابت تاريخياً أن تلك الكنيسة موجودة فى مكانها منذ القرن الثالث الميلادى، أي حوالي ٦٠٠ سنة قبل ساويرس.

لكن المهم ليس ما إذا كانت المعجزة قد “جاءت فى الإنجيل” أم لا؛ المهم هل هي حدثت أساساً. معظم المعجزات لا يمكن التحقق من حدوثها بالإثبات أو النفي لأنها لم تترك أثراً. أما فى هذه الحالة فالجبل ما زال موجوداً، والعلم الحديث يمَكننا من معرفة ما إذا كان قد تحرك من مكانه، ومتى (**). أملى أن ينبرى مهندسون جيولوجيون لديهم الأمانة المهنية للنظر فى هذا الموضوع و إعطاء طائفتهم الخبر اليقين.

ليس عندى شك فى أن القصة هي أسطورة فولكلورية، مثلها مثل أساطير السيد البدوى و السيد الفولي. و إذا كان الناس يرتاحون لها، فذلك على عينى ورأسى. فقط لا تتوقعوا منى أن أشارككم فى معتقداتكم لمجرد أن إسمى يوحى بأننى مفروض أن أفعل ذلك.
_____________________________
*) المرجع: كتاب ‘Sword over the Nile’ تأليف عادل جندى.
**) عندما تتحرك كتلة أرضية فهي تترك وراءها شقوقاً (fissures) وفجوات (canyons) و أجزاء من نفس الصخرة يستطيع الجيولوجون من تحليلها توثيق الحدث نفسه و تحديد تاريخه (ولو بعد ملايين السنين.)

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Farid Matta فريد متا

كاتب ادبي

‫18 تعليقات

  1. بصرف النظر عن اي شي، لم يقل أحد ان قصة نقل جبل المقطم قد ذكرت في الانجيل
    ببساطه لانها حدثت بعد كتابة الانجيل بفتره طويله !!

  2. My understanding that it was some kind of Earthquake, The Copts suffered a lot of Persecution and they had to have some hope in this dark history, It is a story of Folklore of faith like a lot of other miracles they believe because the lack of knowledge.

  3. المشكله لا يستطيع جيلوجي إثبات شيء ضد الدوله لان هذا يعظم الديانه المسيحيه .. من باب اولي كانوا عرفونا اعداد المسيحين في مصر وانا عارف الأسباب!!

  4. تعرضت هضبة المقطم للعديد من الحركات التكتونية العنيفة أثناء و بعد تكوينها علي مدار الثلاثين مليون سنة الماضية يا أستاذنا و منها ما كان علي scale شديد الضخامة كنتيجة لشق الفالق العظيم rift valley ما بين إفريقيا و آسيا و الذي من نتائجه المرئية لنا خليجي العقبة و السويس و البحر الأحمر … و نتيجة لهذا فهضبة المقطم تزخر بعشرات الفوالق و التصدعات الكبيرة و كذا آلاف الشقوق الصغيرة أي أنها متشرحة بتعبير غير چيولوچي 🙂… و لا يوجد بالمرة ما يمنع أن تكون بعض من تلك الأحداث الجسام قد حدثت خلال الميكرو ثانية الماضية (ألف سنة هي بالفعل جزء من الميكروثانية في تقدير علم الچيولوچيا) فتسبب حدثا تكتونيا حديثا في حركة أو إزاحة لجزء أو أجزاء من هذه الهضبة – ليه لأ… لكن هل يؤخذ هذا إن وجد علي أنه conclusive evidence علي أي شئ له صبغة دينية أي أنه by definition شئ لا يحتاج لأدلة من أساسه بل يعتمد علي قناعة إيمانية في المقام الأول 🤔 … طبعا كل واحد حر تماما فيما يعتقد بما فيه من يعتقدون منا و من أهلنا بأن شق الفالق العظيم هذا الذي حدث ببطء شديد منذ ٣٠ مليون سنة و لا زال يحدث حتي يومنا هذا إنما هو حدث إعجازي لحظي أغرق جيشا من البشر بأكمله في طرفة عين و لم نعثر له علي أثر حتي اليوم 🙄 …

  5. لا اوفق على اعمال العقل فى القصص الدينية عموما وارى انها قصص رمزية لتاكيد انتصار الحق والفضيلة والخير على قوى البغي والظلم وهي ليست مصادر للتاريخ او مرجعا يعتمد عليه فى معرفة احداثه وقصة تحريك الجبل ترمز الى الظلم والمعاناة والبطش الذى واجهه المصريون والمسيحيون خاصة من بعض الحكام وكيف كان عجزهم فى مواجهته الا بانتظار تدخل القدر والصراعات بين هؤلاء الحكام

  6. الأديان مليئة بالخرافات .. العلم وحده هو من تُقْبَل أحكامه و براهينه .. من يريد ان يعيش في الوهم فهذا إختياره و هو حر لكن عليه ان يتقوقع بأفكاره و لا يحاول أن يفرضها على غيره طالما لا إثبات و لا برهان عليها .. زمن الجهل و الإيمان بالغيبيات إنتهى و ولى …………….وجدي

  7. the patriarch was abba abram a former merchant from Syria and it was him who led the people in the prayer etc helped by Simon the tanner
    I have no proof of it ever happens or not or any religious reference. I am just saying the historical bit

  8. المشكله في هذه القصص انها لا تخدم العقائد بل بالعكس تشكك فيها
    اذا جاء احدهم واكد نقل جبل المقطم لشاب عنده من العلم والذكاء ما يجعله يربط التواريخ والاحداث سيكتشف الكذبه وسيدفعه الي رفض كل مايأتون به لانهم فقدوا المصداقيه….
    انا شخصيا اذا كذب علي احدهم لن اصدق اي قول منه بعد الكذبه مهما كانت مبررات الكذب فهو كذب

  9. اساطير كثيره و بها تشابه بين القصص الديني و التراث الشعبي و بصراحه لا اصدق فيها شئ الا اذا ثبت صحته علميا فكل حادث يجب ان يكون له اثر يثبته

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى