كتّاب

فى ذكرى وفاة الساخر الكبير محمود السعدنى…


فى ذكرى وفاة الساخر الكبير محمود السعدنى
العبيط أهو:
لم يكن الملك أحمد فؤاد (1868-1936) عبيطا فرغم ماضيه امتلأ بقصص الإفلاس والقمار والمشاكل الزوجية، فإنه من وجهة نظرى واحد من بناة مصر الحديثة.. ومع هذا قدم عنه الساخر الجميل محمود السعدنى ذلك المشهد المصرى العجيب
في إبريل سنة ١٩٣٦.. انتقل الملك فؤاد ملك مصر والسودان.. إلى الرفيق الأعلى بعد نحو ١٩ سنة في حكم البلاد كان في الخمس سنوات الأولى منها سلطانا تحت الحماية البريطانية.. ثم أصبح ملكا فى ظل الاستقلال المشروط.. وكان رجلا حكيما بانيا.. رغم كراهيته للوفد وسعد والنحاس
المهم اقتضت التقاليد أن يخرج الناس والموظفين وطلاب المدارس ليشيعوا الملك إلى مثواة الأخير في جامع الرفاعى.. الذي أمرت ببناءه جدته “خوشيار هانم”.. ويقول أستاذنا محمود السعدني: كنت في الثامنة من عمري تلميذ في مدرسة الجيزة الابتدائية.. وتصادف أن جاءت وقفة مدرسة الأمراء الابتدائية بالجيزة أيضا في مواجهتنا بالضبط.. وكان بين مدرسة الجيزة ومدرسة الأمرا.. إحن وثارات وعداوات قديمة.. حيث كانت تنتهي كل مبارياتنا ومسابقاتنا بمعركة حامية الوطيس تستخدم فيها العصى والطوب وغيره من أسلحة الصبية _ يشترك فيها المئات من التلاميذ
المهم أن الوقار يلف الشارع الذي يقف فيه التلاميذ على الصفين، ويمر الجنود راكبي الخيول بين آن وأخر فيزيدوا من جلال الموقف ورهبته، وتمر فرق الجيش بملابسها ذات الألوان والرتب المختلفة حاملةبيارقها الزاهية، ثم تمر فرق الموسيقى العسكرية بآلاتها الكبيرة تعزف نوبات حزينة وشجية..
وفجأة أدرك تلاميذ الجيزة أن مدرسة الأمرا في مواجهتم.. فهتفوا جميعا في صوت واحد: “يا محني ديل العصفورة.. والجيزة هي المنصورة”.. فرد عليهم تلاميذ الأمرا الهتاف: ” بالطول بالعرض .. حنجيب الجيزة الأرض” وكذا ترد كل مدرسة على هتاف الأخرى بهتاف أشد منه.. وفجأة انطلق عدد من قنابل التراب لتعبر الشارع فوق تلاميذ المدرسة ليرد عليهم بالطبع تلاميذ المدرسة الأخري بعدد أكبر من قنابل التراب.. ثم الطوب.. وعندما حاول الجنود تهديد الطلاب والشخط فيهم استفزوهم أكثر واندفع مئات الطلاب للاشتباك بالأيدي فيسقطوا الجنود على الأرض.. واختلطت الصفوف وانهار النظام.. وفي اللحظة التي كانت تمر العربة التي تجرها الخيول وتحمل جثمان الملك فؤاد.. كانت مئات الأذرع تشير إليها قائلة: “العبيط أهه.. العبيط أهه”
وكانت نهاية جنازة الملك الكبير.. يسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى