كتّابمفكرون

في كتابه “في الشعر الجاهلي” يقول عميد الأدب العربي طه…


في كتابه “في الشعر الجاهلي” يقول عميد الأدب العربي طه حسين:
” للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا. ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي، فضلا عن أن إثبات هذه القصة التي تحدثت بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة، ونشأة العرب المستعربين فيها، ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعًا من الحيلة”.

ويقول أيضا: “ونوع آخر من تأثير الدين في انتحال الشعر وإضافته إلى الجاهليين وهو ما يتصل بتعظيم شأن النبي من ناحية أسرته ونسبه من قريش، فلأمر ما اقتنع الناس بأن النبي يجب أن يكون من صفوة بني هاشم، وأن يكون بنو هاشم صفوة بني عبد مناف، وأن يكون بنو عبد مناف صفوة بني قُصي، وأن يكون قُصي صفوة قريش، وقريش صفوة بنى مُضر، ومُضر صفوة عدنان، وعدنان صفوة العرب، والعرب صفوة الإنسانية”.

طه حسين ديكارتي الهوى الذي يعتمد مبدأ الشك للوصول للحقيقة، كتب في مقدمة كتابه “إنه سيسلك في هذا البحث منهج ديكارت الذي يطالب الباحث بأن يتجرد من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن ينسى عواطفه القومية والدينية.”

ويبرز هدفه بأنه يرمي إلى تحرير الأدب العربي من القيود التي تربطه بالعلوم العربية والعواطف الدينية، وحتى يدرس الأدب لنفسه دون أن يكون وسيلة لفهم القرآن والحديث.

لم تكن هذه هي أزمته الوحيدة مع الأزهر فقد سبقها رسالته للدكتوراة “ذكرى أبي العلاء” المعروف عنه تشككه في المعتقدات وتنديده بالخرافات، وتلاها كتابه “حديث الأربعاء” الذي أشار فيه إلى أنّ العصر العباسي كان عصر مجون وزندقة، وكذلك موقفه الداعم للشيخ علي عبد الرازق فيما أثير عن كتابه “الإسلام وأصول الحكم”.

لهذا كان طه حسين وحتى آخر أيام حياته مكروها ومهاجما من الأزهر ورجال الدين، مستندين الي تحليلاتهم التي لا تخلو من الخوف على سلطانهم خاصة بعد ولادة جامعة القاهرة، مدعومين ببعض رجال السياسة، حيث تركز ذلك (كعادتهم) في اتهامات الكفر والإلحاد، والمروق والزندقة، والفلسفة التي لا مبرر لها، والخروج عن مبادئ الدين الحنيف.

وفي هجومهم علي كتابه ” في الشعر الجاهلي” كان اتهامهم يتلخص في :
*أنه كذّب القرآن في أخباره عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.
*وأنه أنكر القراءات السبع المجمع عليها، فزعم أنها ليست منزلة من الله تعالى.
*كما أنه طعن في نسب النبي (صلعم).
*وأنه أنكر للإسلام أولويته في بلاد العرب وأنه دين إبراهيم عليه السلام.

لم يدخل عميد الأدب العربي طه حسين في مواجهة مع التيارات الدينية، ولم يعتمد منهجه على الصراع المباشر معهم، لأن قضيته تعتمد على العقل الموضوعي والعلمي للمواجهة الفكرية، وهذا ما جعل الأفكار القديمة تتراجع، وجعل طه حسين يحتل هذه المكانة التاريخية في الفكر الحديث والأدب العربي وتنصيبه عميدا له.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى