حقوقيون

هند قطران | من صفحة NASAWYIA #الروائية_الإيطالية_فرانسيسكا_ميلاندري

هند قطران


من صفحة NASAWYIA

#الروائيةالإيطاليةفرانسيسكا_ميلاندري
كتبت الروائية الإيطالية الشهيرة: "فرانسيسكا ميلاندري"، والتي تقبع تحت الحجر الصحي المفروض على السكان بإيطاليا:

[نص الخطاب]:

أكتب إليكم من إيطاليا، أي أني أكتب إليكم من مستقبلكم، نحن اليوم حيث ستكونون أنتم غدًا.
الرسوم البيانية التي تشير إلى الوباء تبين لنا جميعًا أننا قد تشابكنا في رقصة موازية.

نحن أمامكم ببضعة خطوات، كما كانت ووهان قبل بضعة أسابيع منا، إننا نراقبكم تسلكون كما كنا نسلك.
تتجادلون بنفس الطريقة التي كنا نفعل بها حتى وقت قصير، وسط كل ذلك هناك من يصر قائلًا:” إنها مجرد إنفلونزا، لما كل ذلك الضجيج؟!“ وأولئك الذين فهموا بالفعل.

وكما أننا نراقبكم من هنا، من مستقبلكم، نعلم أن الكثير منكم، تم إخباره أن يغلق على نفسه بيته كما قال جورج أورويل أو توماس هوبيز، لكن قريبًا ستكونون مشغولين جدًا عن ذلك.

مبدئيًا قبل كل شيء، ستأكل! ليس فقط لأنها ستكون واحدة من أشيائك القليلة المتبقية التي تستطيع فعلها.
ستجد العشرات من مجموعات العالم الإفتراضي المتخصصة بتعليمك كيف يمكنك قضاء وقتك بطرق مثمرة، وما أن تشترك بهم جميعًا، حتى تمل منهم وتتجاهلهم تمامًا بعد أيام قليلة، سوف تخرج من رفوف الكتب كتبًا لتقرأها، ولكن سرعان ما تجد أنك لا تشعر حقًا بأنك تقرأ أيًا منها.
ستأكل مرة أخرى، لن تستطيع النوم جيدًا، وستسأل نفسك ماذا حدث للديمقراطية؟!

ستكون لديك حياة إفتراضية لاتهدأ على تطبيق ماسنجر، واتساب، سكايب، زوم..

ستفتقد أبنائك أكثر من أي وقت مضى.
في الواقع أنك ليس لديك فكرة عما إن كنت ستراهم ثانيةً، الأمر الذي يوغل جرحًا في صدرك.

غضبك واستياءك القديمان سيصبحان بلا أهمية.
سوف تتصل بمن أقسمت أن لا تتصل بهم أبدًا، وتسألهم:” كيف هى أحوالكم؟!“
كثير من النساء سيتعرضن للضرب في بيوتهن.
ستتسائل ما الذي يحدث لجميع من لايستطيعون البقاء في منازلهم لأنهم ببساطة ليس لديهم واحدًا.

ستشعر بالتهديد وعدم الأمان عندما تذهب لشراء إحتياجاتك حيث الشوارع الخالية، خاصةً إن كنت امرأة.

ستسأل نفسك إن كانت هذه هي الكيفية التي تنهار بها المجتمعات، هل بإمكان ذلك الحدوث سريعًا هكذا؟
ستوصد باب هذه الأسئلة، وعندما تعود إلى المنزل
ستأكل مرة أخرى.

سيزيد وزنك، وسوف تبحث عن تمارين للياقة البدنية على شبكة الإنترنت.

ستضحك، ستضحك كثيرًا، ستتباهي بحس الفكاهة الذي لم يسبق لك أن شاهدته من قبل، وحتى الأشخاص الذين كانوا دومًا جَدِّيين سوف يتأملون في سخافات الحياة، والكون، وكل شيء.

ستعقد لقاءاتك في طوابير المتاجر مع أصدقائك وأحبائك، بإختصار كل ما ستفعله هو رؤيتهم من خلال قواعد التباعد الإجتماعي.

ستعد جميع الأشياء التي لا تحتاجها، ستتكشف الطبيعة الحقيقية للأشخاص من حولك بوضوح تام، وسيكون لديك تأكيدات ومفاجآت.

وسوف يختفي الأدباء الذين كانوا متواجدين في كل مكان في الأخبار، وفجأة آرائهم ستصبح بلا قيمة، وسيلجأ البعض إلى التبريرات التي ستكون مفتقدة تماماً إلى التعاطف إلى حد أن يتوقف الناس عن الاستماع إليها.
الأشخاص الذين تغافلتم عنهم سوف يتبين لكم عِوضًا عن ذلك أنهم نبلاء، جديرون بالثقة، عمليون، ومستبصرون.
جميع من يدعوك لرؤية هذه الفوضى كفرصة لتجدد الكون، سيساعدونك على وضع الأمور في منظور أكبر.
ستجدهم أيضًا يزعجونك: ”حسنًا الكوكب يتنفس بشكل أفضل لنقص كميات غاز ثاني أكسيد الكربون المنبثقة، لكن كيف ستدفع فواتيرك الشهر القادم؟!“
ولن تفهم ما إذا كانت مشاهدة ميلاد عالم جديد مجرد شيء عظيم أو شأناً بائساً.

ستعزف الموسيقى من نافذتك.
إن كنت رأيتنا نغني الأوبرا من شرفاتنا ستفكر بأن”ياه، انهم الإيطاليون“ لكننا نعلم أنك سوف تغني أغاني لرفع حالة كل منكما الآخر المعنوية أيضًا.

وعندما تفنى سأحيا أنا من نافذتك، سنشاهدك ونهز رؤسنا كما فعل الناس في ووهان عندما غنوا من نوافذهم في فبراير، سنكون قد فعلنا ذلك أثناء مشاهدتنا.

الكثير منكم سينام متعهدًا أن أول ما سيقوم به فورًا بعد انتهاء الأزمة هو رفع دعوى لطلب الطلاق.

سوف يتم إنتاج العديد من الأطفال.

أطفالك سيدرسون على الإنترنت، وسيكونون مزعجين
لأبعد الحدود، برغم ذلك سيعطوك البهجة.

البالغون سيعترضونك كمراهق متمرد، سيرفضون جميع تحذيراتك بشأن عدم الخروج للحيلولة دون الإصابة والموت، ولكنك ستناضل لتمنعهم.

ستحاول التغافل عن المرضى الذين سيموتون وحدهم بغرفة الرعاية المركزة.
سترغب بتزيين جهود جميع العامليين بالمجال الطبي ببتلات الأزهار.

سيتم إخبارك أن المجتمع ينهض بجهود مشتركة، جميعكم بمركب واحدة، هذا صحيح فهذه التجربة سوف تغيّر للأفضل منظور الفرد كجزء من مجموع أكبر.
سيتغير مفهوم الطبقة كليًا، فكونك بمنزل ذو حديقة جميلة، أو مشروع سكني مكدس، لن يكون نفس الشيء. ولا حتى بإستطاعتك مباشرة العمل من المنزل أو رؤية وظيفتك تتلاشى، ذلك المركب الذي سوف تبحر به لتواجه الوباء لن يكون هو نفسه للجميع.

في مرحلة ما، ستدرك بأن الأمر قاسٍ، سيجتاحك الخوف وستشارك مخاوفك تلك مع أحبائك، أو تفضِّل الإحتفاظ بها لذاتك، حتى لا تثقل عليهم أيضًا.
ستأكل مرة أخرى.

أنت موجود بإيطاليا، ذلك كل ما نعرفه عن مستقبلك.
ولكن هذا ليس أكثر من مجرد رواية ضئيلة، فنحن لا نعرف كثيرًا.
وإذا ما حولنا نظرتنا إلى المستقبل الأبعد، ذلك المستقبل المجهول لنا ولكم، نستطيع أن نخبركم بما يلي: "عندما ينتهي كل ذلك، العالم لن يعود كما كان."

ترجمة: #ولاء_طه
#النسوية
المصدر: https://bit.ly/3bGrzHV


هند قطران | ناشطة حقوقية

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى