كتّاب

إذا سمحتوا لي أشقائي المُسلمين وأنا إنسان مسيحي الديانة، أن…


إذا سمحتوا لي أشقائي المُسلمين وأنا إنسان مسيحي الديانة، أن أتدخل لـحل وإنـهاء حالة الجدل الحادثة حول فضيلة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، فأريد مُناقشة كل ما حدث خلال الأيام الماضية إلى يومنا هذا من عدة جوانب،

– فضيلة الشيخ الشعراوي ليس مجرد رمز إسلامي فقط ؛ بل رمز مصري أحبه وأرتبط به الجميع مسيحيـين ومُسلمين، فجميعنا رأينا صداقة فضيلته مع أبينا المُتنيح قداسة البابا شنودة، صداقة قوية وعميقة وراقية أستمرت لحين وفاة الشعراوي رحمه الله، فأحبها وتعلق بها جموع الشعب المصري، وكان الجميع يفرح بلقاءهما معًا، وصورهما كانت تعكس للعالم كُله حقيقة مصر وسماحة وطيبة ومحبة شعبها وتجعل مصر دائمًا في أبهى صورها، وكان فضيلة الشيخ يُرسل برقيات تهنئة لقداسة البابا بمُناسبة أعيادنا، وأعتقد أنه الوحيد الذي قال عنه قداسة البابا المُتنيح: (صاحـبي).

– فضيلة الشيخ الشعراوي، كان عالمًا مُتبحرًا أستطاع أن يجعل الناس ببساطة أسلوبه أن تلتف حوله وجعلهم يتعلمون ويحبون دينهم أكثر، فكان يُفسر آيات القرآن الكريم بسلاسة شديدة ولا يُشعِر أحد بأي صعوبة، فنقدر أن نقول عنه أنه كان عالمًا، ومن المعروف أن العلماء لا يتفق عليهم الجميع، فحتى الفلاسفة والمفكرين أختلفوا كثيرًا وكثيرًا مع بعضهم، ولكن لم يستطيع أحد أن يُنكِر قيمة ودور أحد منهم ويحتقره أو يُقلل من شأنه، فالخلاف أمر طبيعي وموجود في كل أمور الحياة، وفضيلة الشيخ الشعراوي هكذا قد يختلف معه الكثير من الناس حول بعض آراءه وتصريحاته وفتاواه ولكنه سيظل قيمة وقامة كبيرة لا يمُكِن احتقاره أو التقليل من شأنه، فشئنا أم أبينا هذا الرجل مازال موجود إلي يومنا هذا رغم مرور سنوات على رحيله، فـهو بالحق رجل مؤثر وبقوة.

– ليس من الأخلاق والإنسانية أبدًا أن يخرج النقد عن ضوابطه وأصوله وأدبه، ويتم التهجم والتهكم والتقطيع والجلد لشخص غير موجود معنا ولا يقدر أن يُدافع عن نفسه لأنه بين يدي الله في دار الحق، حتى وإن كان بعضهم مُحِق في بعض الآراء التي تستوجب النقد والمراجعة، ولكن ليس بهذا الشكل والأسلوب أبدًا، هذا تدني وإنحدار أخلاقي علني، ثم كان من المُمكِن أن يتم مُناقشة الأفكار دون ذكِر اسم الشخص إن كانت النية بالفعل والمقصود هو “الفكر” وليس الشخص (الشيخ الشعراوي).

– كان على الناقد أن يعرف ويُدرك جيدًا حجم وقيمة من ينتقده ومدى تأثير ذلك على عوام الناس البسيطة التي تحترمه وتقدره وتُجِله، وتأثير كلامه على المُجتمع أيضًا الذي سبب له كل هذا الجدل والإثارة، وإن كان ناقد محترم لنفسه ولعمله ولمن يسمعونه أيضًا، لكان قدم نقد مُهذب بأدب شديد ولا يُشخصِن المواضيع بهذه الدرجة شديدة الوضوح، وإن كان شخص عنده ولو جزء من الأمانة، كان عليه كما أظهر عيوب وأخطاء من أنتقده أن يُظهِر أيضًا المزايا والإيجابيات التي كانت فيه، فلا يوجد شخص لا يُخطئ ولا يُصيب، فاللشيخ الشعراوي رحمه الله الكثير من الخُطب والمواعظ على المستوى الشخصي أحبها جدًا وأصغي إليها بكامل الإنصات لأتعلم من ما يقوله، فهو رجل عظيم ومؤثر لأبعد الحدود، فإلى هذا اليوم والناس تضع صوره على سيارتها وتعلقها داخل بيوتهم، ولا يوجد بيت مصري يخلو منه أي شيء يخص فضيلته إن كان صور أو ڤيديوهات خُطب إلخ..

– فالنفترض إن كان الشيخ الشعراوي مُخطئ في بعض الأفكار والآراء، وهذا أمر عاديًا أن نتفق ونختلف معًا، فالماذا نُذكِّر الناس بأخطاءه ونُحيي ما قاله ونُسي مع الوقت؟! ، هل يرى من ينتقده أن بهذه الطريقة يُعالج الخطأ أم نجدد نشره مرة أخرى؟! هذا ليس منطقيًا أبدًا!! ما الذي ذكركم به بعد ٢٥ عامًا من وفاته؟! ما الإستفادة والهدف من تشويهه بهذه الطريقة؟!

– أريد أن يعلم ويدرك من يؤيد أو يعارض الشيخ الشعراوي، أنه بشر وليس ملاكًا أو نبيًا، والخطأ هو طبيعة كل إنسان، فالشيخ الشعراوي لم يقل عنه أحد إنه كان معصومًا، الفقهاء أختلفوا .. وأصحاب المذاهب أختلفوا .. والمفسرين أختلفوا .. وكل البشر موجود بينهم الاختلاف، ولكن الاختلاف لا يفسد للود قضية، فإن لم تتفق أفكارك مع ما قاله الشيخ الشعراوي فهذا حقك ولم يجبرك أحد عليه، ولكن الواجب عليك احترامه كشخص لديه علم وله مكانة كبيرة في قلوب ملايين البشر، فتطاولك وتعديك ليس على الشعراوي فقط بل على كل من يحبه وتأثر به.

– كلامي هذا ليس لكي أبرئ الشيخ الشعراوي وأعصمه من الخطأ.. فلا نؤله أحد إطلاقًا، ولكن لكي نراجع أنفسنا ونحترم رموزنا الذين كان لهم تأثير ودور كبير على جموع الشعب المصري والعالم العربي والإسلامي كله. هل أخطأ الشعراوي؟ نعم ، هل هو شخص سيء كما يقال عنه لا يؤخذ منه؟ لا، فـله العديد من الخطب والشروحات التي أثرت وغيرت في حياة كثيرين ولا يمكن لعاقل أن ينكر ذلك أبدًا، ولكن سيظل الشيخ محمد متولي الشعراوي اسم له شأنه ومكانته، فهو من أعظم الفقهاء الذين أتوا في العصر الحديث، رحم الله الشيخ الجليل إمام الدعاة (محمد متولي الشعراوي).

#أبانوب_فوزي


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Abanoub Fawzy ابانوب فوزي

شاعر ـ كاتب قبطي

‫2 تعليقات

  1. الإنسان حينما يتقدم في العمر يزداد نضجًا، وفضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله، تراجع عن الكثير من أفكاره، وتراجع عن مواقفه مع المسيحيين بعد أن أرسل له قداسة البابا شنودة وفد لزيارته في الخارج أثناء مرضه ومن وقتها وبعد أن وصل فضيلة الإمام إلي أرض مصر توجه إلي الكاتدرائية لشكر قداسة البابا عما فعله، وصاروا من وقتها أصدقاء إلي أن توفي الشعراوي رحمة الله عليه.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى