كتّابمفكرون

“الدين العقلاني”…


“الدين العقلاني”
الصراع المشتعل بين الأصوليين والتنويريين سينتهي حتما لصالح التنويريين هذا ما ينبئنا به التاريخ وهو نتاج الصراع الطويل بين الأصولية المسيحية والفلاسفة الأوروبيين والذي ظل محتدما الي ما قبل 200 عام لا أكثر لينتصر التنويريون في النهاية وتتصالح الكنيسة مع الحضارة الحديثة, ويولد أخيرا ما يمكننا تسميته “الدين العقلاني” وهو ما نراه واضحا في أقوال البابا فرنسيس وكثير مما سبقوه في العصر الحديث.

كان نجاح التنويريين في اوروبا يعتمد في الأساس علي عدم نكران التجربة الروحية وفكرة الرب ولا العقائد “الأخلاقية” للأديان, بل انصب أساسا علي كشف هراء المعجزات والوصاية الدينية بلا حق والفكر المتعصب الأعمي, مستهدفين سيطرة رجال الدين على الحكم والخلط بين السياسة والدين وترسيخ نظام سياسي طائفي أو مذهبي, بمعني انهم لم ينكروا الدين ولم يرغبوا في حرمان الناس من أديانهم, بل جعلوهم أكثر تسامحا في فهم هذه الأديان وممارستها, والأكثر أهمية كان نشر حرية الوعي والضمير بعد أن قيدته الأديان لقرون طويلة ماضية.

حرية الوعي هذه كانت هي حجر الأساس لإحلال وتحرير المعرفة بمرجعية العلم والتجربة, بدلا من الأوامر والنواهي لرجال الدين, وهو ما أطلق الاكتشافات الحديثة والمخترعات التكنولوجية والتقدم الحضاري الذي يشهده العالم الغربي.

وفي مجتمعنا الشرقي لن تتحرر المعرفة ويتم القضاء علي التطرف والعنف وتهدأ الأنفس الا اذا تخلصنا من سلطان الكهنوت الديني بتراثه المشبوه وهو الذي يسكن عقولنا قبل أن يخرج من أفواه شيوخ الغبرة وتجار الدين.

ما دفعني لكتابة هذا هو الجدل الدائر بشأن تنقية التراث وتغيير الخطاب الديني والثورة الفقهية وكلها أمور لا طائل من ورائها, ولن تحدث لا علي أيدي رجال الدين ولا غيرهم, فالكثير جدا من النصوص المحرضة صحيح ولا فكاك منها الا بفهم جديد لفكرة الدين, وهي فكرة لأن موطنها العقل, وهو ما يقودنا الي “الدين العقلاني” الداعي لخير البشرية لا هلاكها.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى