كتّاب

أحمد فؤاد نجم الذي جبر أرواحنا المكسورة…..


أحمد فؤاد نجم الذي جبر أرواحنا المكسورة..
قبل ١٩٦٧..كانت آلة الإعلام الناصرية قد جعلتنا نمشي على هامات النجوم.. فنحن الشعب الفرحان تحت الراية المنصورة.. وندعو مع حليم.. في صلاة العيد عيد الثورة أن يحفظ ريسنا وبطلنا.. ونردد مع الست: قوم بإيمان وبروح وضمير دوس على كل الصعب وسير.. ومع عبد الوهاب: ناصر كلنا بنحبك.. وحنفضل جنبك.. ونعيش ونقولك.. ناصر ياحبيب الكل يا ناصر.. وغيرهم وغيرهم.. وفي صباح أسود بشرنا صوت أجوف بسقوط طائرات العدو كالذباب وبأننا سوف نتعشى في تل أبيب.. وفجأة وفي مساء هذا اليوم الكئيب غطتنا وبلادنا سحابة قهر سوداء.. وراح الكبار فينا يشيحون بوجوههم عنا لئلا نلمح في عيونهم نظرات الخوف والحزن والانكسار.. ومع الجنود العائدين قهرا ومشيا على أقدامهم راحت ملامح الكارثة تبين وهم يقصون كيف القوا بهم في الصحراء بلا حماية ولا تدريب ولا خطة انسحاب.. وكيف حصدت طائرات إسرائيل الآلاف منهم دون أن يتاح لهم فرصة للقتال الشريف.. وبعد يومين ظهر عبد الناصر كالأسد الجريح ليؤكد أن الخديعة حقيقية.. وتجري محكمات هزلية للمسؤولين عن الهزيمة.. مع أن عبد الناصر أولهم.. وتخرج المظاهرات تنديدا بالهزيمة في القاهرة والمنصورة والأسكندرية فيقتل فيها الجنود ١٦ شابا من الرافضين للهزيمة..
كنت والآلاف من جيلي قد فقدنا الثقة في النظام وفقدنا الأمل معا.. ولم يكن متاح لنا من مدارس الفكر ماركسية أو ليبرالية – بعد أن دمرها عبد الناصر–ما يجيب على أسئلتنا ويأخذ بيدنا إلى طريق الأمل.. وبينما يخيم علينا اليأس والإحساس بالقهر والضياع.. جاء أخي الأكبر وكان بشريط كاست يخرجه من حقيبته الصغيرة كأنه قطعة مخدرات وندخل مع أصدقائنا غرفة الجلوس بعد أن نتأكد أن الدنيا أمان.. ونلتف حول الكاسيت بعد أن أرهفنا آذاننا.. لنستمع إلى الصوت القوي الجميل الذي تشعر بقربه من قلبك يغني: مصر يا أمه يا بهية
يا أم طرحة وجلابية.. الزمن شاب وانت شابة.. هو رايح وإنت جاية.. جاية فوق الصعب ماشية فات عليكي ليل ومية.. واحتمالك هو هو.. وابتسامتك هي هي.. تضحكي للصبح يصبح.. بعد ليلة ومغربية..
تطلع الشمس تلاقيكي معجبانية وصبية.. يابهية
وعرفنا أنها للمتمردين نجم وإمام..
الذين تابعناهم بعد أن جبروا أرواحنا الكسيرة..
يسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى