كتّابمفكرون

“علماء بلا علم”…


“علماء بلا علم”

دائما ما يبدأ شيوخ الأزهر أحاديثهم بالتركيز علي أن الدين علم لا يستوعبه الا المتخصصون يقصدون أنفسهم, ولهذا أطلقوا علي أنفسهم لفظ علماء, وغالبا ما يقارنون أنفسهم بمتخصصي الطب والهندسة … الخ.

العلم تعريفا هو ما يمكن تكذيبه وتطويره واستنباط الجديد الذي يثبت خطأ سابقه وبالتالي فهو متغيّر لا يقف عند حد بإستمرار البحث والدراسة والتمحيص والفحص, وأمثلة ذلك كثيرة لا تحصي.

إن الدين ولنأخذ الدين الإسلامي مثلا يقوم علي ركنين أساسيين هما القرآن والسنة المحققة الصحيحة, وهما نصان ثابتان لا إختلاف عليهما ولا علي محتوياتهما, وبالتالي فما ورد فيهما لا يقبل التغيير والفحص والتطوير لأنهما سيبقيان كما هما دونما أي تحديث أو تغيير.

ولهذا فإن التاريخ الطويل لدراسة هذين النصين لم يأتي بجديد سوي شروح لهما وشروح علي الشروح, وإضافة الحواشي وحواشي علي الحواشي, ورغم كل ذلك يبقي النصان ثابتان لا يجب عليك أكثر من أن تجيد اللغة لتفهم محتوياتهما وتستوعب ما يجب أن يقرّ في ضميرك لتشكل عقيدتك وهي أمور ذاتية تماما لا دخل لأحد بها, وهي أيضا ليست بالصعبة, فالدين لا يختلف عن المبادئ والقيم الإنسانية الرفيعة التي تعلي قيم الحق والخير, وإن تبقي بعض الطقوس والشعائر فهي أمور سهلة الاستيعاب يمكنك أن تتعرف عليها لمرة واحدة لينتهي الأمر.

إن علوم الدين المدّعاة لن تغير عدد ركعات العشاء, كما أنها لن تجيز الكذب والخيانة والزنا وقتل الغير بدون حق.

في القرنين أو الثلاثة قرون الأولي للرسالة المحمدية لم يكن هناك أزهر واقتصرت الجهود خلالها علي جمع القرآن والأحاديث وتقديم بعض الشروح التي تعبر عن أصحابها فقط ومن يومها ونحن نعيد ونزيد في نفس الموضوعات ونقسمها ونعيد تقسيمها دون أي جديد, بل أن كثير من الشروح الفردية أصابها الشطط وكرست للفرقة والعنف والتطرف وكراهية الغير.

ان أهم ما يتسم به الأزهر هو الحماية المطلقة التي يوفرها للنصوص والشروح القديمة ويرفض أن يجتهد هو فيها, بل ويمارس القهر والمنع والعقاب علي من يحاولون ذلك من خارجه, وطالما سعي لإستصدار قانون يجيز له ذلك.

اذن فخلاصة المسألة أن الدين ليس علما بمعناه الحقيقي كما أنه لا يحتاج الي كل هذا الحشد من الشيوخ بدرجاتهم العلمية التي يعطونها لبعضهم البعض تدليسا فليس هناك رسالة علمية واحدة في الأزهر يمكن اعتبارها بحثا يعرض جديدا أو يستحدث تطويرا.

الأزهر الذي نراه هو نتاج للتقلبات السياسية التي نشهدها منذ وقت طويل, وكما أستخدم كأداة دينية لتكريس السلطة ودعمها وشرعنة أعمالها, فلقد إستفاد الأزهر أيضا من ذلك بأن توسع كيانه وتضخم كما تضخمت أدواره السياسية خاصة في الفترة الأخيرة حفاظا علي كيانه ووجوده الذي لا يعدو أن يكون مجرد وسيلة لكسب الرزق بلا إضافة حقيقية للمجتمع.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى