كتّاب

مغالطات تاريخية (1):…


مغالطات تاريخية (1):
حتشبسوت ملكة عظيمة لم تتشبه بالرجال
لا أعرف على وجه التحديد لماذا لم استرح وأنا بعد صبي في أولى إعدادى لعبارة كتبت عند الحديث عن الملكة حتشبسوت (أسرة 18 – من 1498-1483ق م) وهى أنها: “وضعت اللحية المستعارة تشبها بالرجال” وهو ما استمر يتردد بأشكال مختلفة فى كتب التاريخ منذ الإعدادى حتى كتب التاريخ القديم المقررة في الجامعات، بل وفى الخطاب الإعلامي حول تلك الملكة العظيمة،
وأظن أن هذه المقولة هى مجرد مغالطة استقرت لتأخذ شكل البديهية بتأثير ذكورى بشكل أو آخر.. وفى الحقيقة أن الذكورة لم تكن فضيلة مطلقة عند الفراعنة وأنظر إلى الخطاب الرقيق للحديث عن الابنة أو الأخت أو الزوجة أو الأم أو الجدة فى الأدب الفرعونى، وأنظر إلي السلطة التى تمثلها الجدة فى البيت المصرى والريفي خاصة، ولم تعرف الحضارة المصرية القديمة وأد البنات مطلقا، وقد صنعت المرأة بتماثيل مساوية للرجل فى معظم الأوقات ( انظر تمثال رع حوتب وزوجته نفرت) كما رسمت المرأة على الجدران مزهوة بمكياجها وحليها بل ومفاتنها.. والحديث عن المرأة عند الفراعنة لا يتسع له المقام هنا.. ونعود لحتشبسوت التى رسمت نفسها كأنثي كاملة الانوثة على جدران معبدها في الدير البحري، ووجهها الجميل كامرأة صبية ذات أنوثة طاغية، وبعدين ما الذى يدفع ملكة عظيمة يأتمر بأمرها آلاف الرجال ذوى الحيثية كهنة ووزراء وقادة وضباط وغيرهم للتشبه بهم
ونعود إلي موضوع وضع اللحية المستعارة لنجد أن إطلاق اللحية لم تكن مألوفة عند المصرى القديم، وماتركه المصريون من جداريات يؤكد أن حلاقة الذقن كانت هى الأصل، ومن هنا فقد كان وضع الذقن المستعارة أمر بروتوكولي بحت فهى من شعائر الملكية كالتيجان بأنواعها، وحمل الصولجان والمذبة، والألقاب الخمسة، وكلها أشياء لصيقة بسلطة الملكية، ولأن الحضارة المصرية القديمة هى حضارة الرموز فسنجد أن كثيرا من تلك لرموز قد انتقلت لملكيات العالم كسيف الملك المؤسس أو تاجه وغيرها، وطبعا لابد من التمييز هنا بين الملكة زوجة الملك كحتب حرس أوكإياح حتب أو نفرتيتى أو نفرتاري، فهؤلاء لم يتولوا السلطة الرسمية وانما كن الزوجة الرسمية للملك فحسب، وبالتالى لم يكن يلزمهن تلك الشعارات الملكية، وسوف نجد كل الملكات التى تولت تلك السلطة الملكية قدوضعن اللحية المستعارة لمن بقي لهن تماثيل كالملكة نيتوكريس فى أواخر الأسرة السادسة، وقد حرص الفراعنة على التأكيد على أنها مجرد إكسسوار برسمها أو نحتها بشكل واحد مع اختلاف الملوك، وحرصوا على أن تبدو قطعة الجلد التى تربط اللحية بالأذن واضحة، وطبعا من ير اللحية التى تزين قناع توت عنخ آمون والتى يصل طولها لمايزيد على 15 سم لا يمكن ان يتصور انها لحية حقيقية لملك مات طفلا وعمرة بين 17 او 19 سنة، .. ياترى كم من الوعى تم تشويهه نتيجة الجهل أو الاستسهال والسطحية
….. يسعد أوقاتكم


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى