مفكرون

نشوان معجب | منهج القرآنيين الخادع والبعيد عن الموضوعية العلمية: البعض من المـ///ــلمين


منهج القرآنيين الخادع والبعيد عن الموضوعية العلمية:

البعض من المـ///ــلمين المُغرَّرين العامة يظنون أنّ بعض المفكرين القرآنيين الحداثيين اليوم هم أولو الطول في البحث العلمي الموضوعي الذي كشف الستار عن الكثير من عجائب القرآن وبدائع الإـ///ــلام، وأنهم قد جاؤوا بما لم تستطعه الأوائل.

والحقيقة هي أنّ أولئك القرآنيين هم أكثر الناس غرقا في الوهم هم ومن يُصدّق أبحاثهم، وأنهم يخدعون أنفسهم والجهلة مِن عامة الناس ولا يتّبعون العقل والمنطق والعلم بحال .. ولكن لا يشعرون.

ولأن هذا الموضوع طويلٌ وإثباته يحتاج للإطالة والإسهاب، فإني سأكتفي بسرد أمثلةٍ توضيحيةٍ تثبت ذلك بغرض الإيجاز، كما يلي:

1- هناك بعض القرآنيين يقولون إنّ رسول الله هو الذي جمع هذا القرآن الذي بين أيدينا وكتبه وخطه بيمينه في كتاب واحد، وهو لم يكن أمّيا، ضاربين عرض الحائط بشهادة القرآن نفسه وبكل شهادات المـ///ــلمين المتواترة الذين عاصروا الحدث وعاينوه.
بل إنّ بعض القرآنيين يبالغ إلى حد القول بأنّ القرآن كان هكذا منقوطا منذ زمن رسول الله، وبعضهم يقسم إنه نزل من السماء بقرطاسه مصحفا كاملا ????، متأوّلين بعض نصوصه التي يعتقدون أنهم قد فكوا شفراتها التي عمي عنها السابقون.
وهم يظنون أننا سنقبل شهادتهم الهشة وتأويلاتهم الممجوجة في مقابل شهادة كل المـ///ــلمين وغير المـ///ــلمين المتواترة بغير خلافٍ ممن عاصروا الحدث!!.
وهذا هو ما نسميه قاع الجهل ومنتهى الغرور والغفلة، حيث تنغلق مصاريع الاستيعاب والإدراك عند المرء ويفقد كل موازين المنطق وهو يحسب نفسه من العارفين، وهذا هو الحال الطبيعي لكل من اتخذ هواه صنما معبودا مِن دون الله.

2- يعتقد بعض القرآنيين أن رسول الإـ///ــلام وصحابته الأوائل لم يكونوا يُصلّون نفس هذه الصلوات الخمس المعلومة بعددها أو بهيئاتها، ولديهم آراء وأقوال في ذلك الشأن مختلفة باختلاف تأويلاتهم لبعض آيات القرآن.
وهم بذلك يَقبلون شهادة أهوائهم وأفهامهم القاصرة لبعض الآيات القرآنية، ويَردُّون شهاداتٍ متواترةٍ بالإجماع هي أعظم موثوقيةً وثبوتاً مِن القرآن نفسِه، وقد بيّنتُ في مقالات قديمة كيف أنّ الصلوات الخمس أكثر موثوقيةً في ثبوتها مِن القرآن ومن أي أمر آخر في التاريخ الإـ///ــلامي بالنظر لطبيعة نقلها وكيفية حفظها ودرجة تواترها القطعية التي لا يُدانيها في ذلك أي أمرٍ آخر في الثبوت والقطعية.
وهذا الأمر يشهد أنّ أولئك القرآنيين لا يكادون يفقهون شيئا مِن طُرق التحقيق وأساليب الاستدلال وكيفية فحص الشهادات وتمحيصها، ولا يعلمون ما هي منهجية البحث العلمي الموضوعي، بل هم يتّبعون أهواءهم وأمزجتهم الراغبة في استغلال القرآن واتخاذه وسيلةً للشهرة وترويج أفكارهم الخاصة مع تعطيل بعض أوامرهما وإعفاء أنفسهم من مشقتها، فيخادعون أنفسهم والعوام الجاهلين الذين هم على شاكلتهم ممن يُصفقون لهم وهم جميعا لا يُدركون.
والعجيب والغريب في هذا الأمر، هو أن بعض أولئك القرآنيين يُسفّهون السلف ويتهمونهم بذلك التزوير والتحريف والتبديل، متناسين أنهم هم الذين حفظوا هذا القرآن ونقلوه حتى وصل لأولئك القرآنيين، وفي هذا القرآن مدحٌ لأولئك السلف، ولست أدري كيف يؤمن أولئك القرآنيون بعد ذلك أنّ هذا القرآن هو كلام الله رب العالمين الذي وصلهم سليما معافىً من أيّ تحريفٍ أو تزييف، حتى يخيّل إليك مِن شدة تحمسهم للدفاع عنه أنّ هذا القرأن قد نزل عليهم في قرطاسٍ حقا من السماء واستلموه بأيديهم مباشرةً من الله ????.
ونحن لا ننكر إمكانية التزوير والتحريف في التاريخ كله مهما كان حجم التزوير والتحريف كبيرا، ولكن الذي ننكره هو أن يأتي القرآنيُّ ليتّهم تاريخ المـ///ــلمين الأوائل بالتزوير والتغيير مع اعتقاده بأن القرآن قد نجا من ذلك التزوير والتغيير، رغم أنّ الذي نقل هذا القرآن وحفظه حتى وصل للقرآنيِّ هم أولئك السلف الذين يتهمهم بالتزوير والتغيير والتحريف!!.

3- وهناك بعض القرآنيين هم إحدى فلتات الزمن وطفراته البشرية في تفكيرهم، إذ يحسبون أنّ استقراء النص بحسب رغبتهم وأمانيهم وأفهامهم الضيّقة مع بعض القرائن الركيكة هنا أو هناك هو أعظم حجّةً لبيان حقيقة الحدث مِن شهادات أهل الزمان الذين عاشوا الحدث وشهدوا عليه بالإجماع والتواتر بغير اختلافٍ قط، كالقائلين بأنّ القرآن إنما قد نزل على عيسى وليس على محمد، ولكن محمد والعرب سرقوه، أو كالقائلين بأن لغة القرآن هي سريانية تم تعريبها فيما بعد، أو كالقائلين بأن لسان القرآن العربي المبين هو ليس هذا اللسان العربي المعروف في لغة العرب وموروثهم اللغوي.
فأمثال هؤلاء هم يبنون حول أنفسهم فقاعةً برّاقةً من الوهم تَسرُّ بعض الناظرين الذين سُحِرَتْ أعينهم بترتيب الكلام المُنمَّق في تلفيق الأوهام وتزيينها ببعض الشواهد والقرائن حتى يُخيَّل للناس من سِحرهم أنها حقائق تلمعُ ومعارف كبرى تسطع.
فمن هو هذا القرآني الذي جاء لينكر حدثا شهد عليه جميع النصارى الأوائل، ثم تبعهم المـ///ــلمون الأوائل جميعا وشهدوا على مثله، ومعهما غيرهم من الخصوم والمعارضين جميعا كاليهود الذين عاصروا أحداث حياة عيسى وحياة محمد، وعرفوا الإنجيل والمواعظ التي جاء بها عيسى والقرآن الذي جاء به محمد، وعلموا لسان عيسى الآرامي أو العبري ولسان محمد العربي؟!.
ومن هو هذا الجاهل الذي ينكر أن لسان القرآن هو لسان العرب القرشي الحجازي غالبا، وما يخالطه إلا بعض الألفاظ والعبارات النادرة من ألسنة العرب الأخرى، بما يظهر مِن اتزانه واتساقه وارتباط آياته وسوره بأسلوبٍ عربيٍ فصيحٍ في كل أجزائه باستثناء بعض المواضع القليلة جدا مما لم يألفه الأدب العربي، وفيها نظر؟!.
وأين سيذهب هؤلاء الجاهلون من شهادات الموروث العربي الأدبي منذ ما قبل الإـ///ــلام، وشهادات الناس المتواترة مـ///ــلمين وغير مـ///ــلمين في ذلك العصر ممن عاصروا أحداث بعثة محمد وسجلوا ملاحظاتهم ورواياتهم وآراءهم حول دعوته وسيرته وقرآنه العربي؟؟!.

وهناك أمثلة أخرى لا تنتهي كمحاولات الترقيع والتلميع بتغيير الكلم عن مواضعه لبعض العبارات والألفاظ بصورة تعسفية عوجاء لا تستند إلى تاريخ اللغة الثابت المتواتر ولا إلى تاريخ الإـ///ــلام الثابت المتواتر ولا إلى القرآن وسياقاته ودلالاته في كل مواضعه ولا إلى العقل والمنطق العلمي.

وإنّ بعض الحقائق ساطعةٌ كوجه الشمس، ولكن بعض القرأنيين يحاولون حجبها بغربالِ وهمهم وأمانيهم، كي يحققوا بعض المآرب والأهواء الشخصية عن طريق القرآن، أو كي يتهربوا من بعض الإلزامات والأعباء التي وضعها على كاهلهم انتماؤهم للدين الإـ///ــلامي، ولكنّ تهربهم بتلك الطريقة الجاهلة المفضوحة لا ينطلي إلا على الجاهلين.
ولست أدري لماذا عجزوا عن تحطيم الصنم الأكبر في قلوبهم بعد أنْ حطموا كثيرا من الأصنام الصغرى؟!.
هل يخشون الناس ويخافون أن يفقدوا مودتهم أو بعض المصالح منهم؟.
أم أنّ ذلك الصنم قد استوى واستولى على كامل تفكيرهم ووجدانهم وفطرتهم فصاروا لا يرون الأشياء إلا تحت هيمنته؟!.
وما الذي سيضرهم لو كانوا باحثين واقعيين علميين موضوعيين محايدين بدلا من محاولاتهم الحثيثة لخطف الأضواء بالاعتماد على القرآن الذي لا ينتمون إليه إلا بارتداء ثوب التمويه والتلبيس والتخليط، كي يمرروا من خلاله أفكارهم وفلسفاتهم الخاصة رغم اصطدامها بمضمون القرآن ودعوة الإـ///ــلام في أهم الأسس والأصول الثابتة بالتواتر؟!.

فعجبي منهم .. وعجبي أكثر ممن يصدقهم وينخدع بهم.
وأرجو ألا ينزعج أو يغضب مني أصدقائي الذين هم منهم، فإن حقّ النقد مكفولٌ وهو واجبٌ يلزمُنا أداؤه.

#ذوالنونين

نشوان معجب | ناشط مجتمعي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى